وتطير السكرة !!
وفي عاميتنا السودانية نقول: (تفك) السكرة..
*وبالفصحى نقول : تروح السكرة…. وتجيء العبرة..
*والسكرة قد تطير قبل أوانها بالقهوة المرة… أو الماء البارد… أو الخُلعة الشديدة..
*وسكرتنا التي نعنيها اليوم لا تطير إلا بالعامل الأخير هذا..
*وخلال زيارة ضابط الأمن الرفيع لنا كان الحديث عن نوع عجيب من السُكر..
*وكان ذلك أيام رئاستنا لتحرير صحيفة (الدستور)..
*والضابط الرفيع هو العميد أمن معاش – بنظام مايو- حسن بيومي… عليه الرحمة..
*وسبب الزيارة احتجاجه على شيء كنا ننشره وقتذاك..
*وهي حلقات عن ممارسات تعذيب من تلقاء جهاز الأمن… يعدها أحد منسوبيه..
*ونفى بيومي بشدة لجوء أمن مايو لتلكم الممارسات..
*قال إنه كان جهازاً أمنياً منضبطاً… وما كان نميري نفسه ليقبل بإذلال الناس..
*وملت إلى تصديق محدثي رغم تدبيري مواجهة بين الضابطين..
*شعرت إنه كان صادقاً جداً… ويسأل زميله عن أماكن التعذيب بدهشة حقيقية..
*وفضلاً عن ذلك فإن مدير الجهاز كان صوفياً شفيفاً..
*فلم يُعرف عن عمر محمد الطيب نزوع إلى العنف… أو الشدة… أو التعذيب..
*المهم بعد أن سكت عنه الغضب أخذنا الحديث إلى السكرة..
*قلت له إن كان جهازكم بكل هذه الاحترافية فلماذا فشل في قراءة الواقع؟..
*وكنت أقصد الواقع الذي سبق الانتفاضة… وقاد إليها..
*فأجابني بأنهم كانوا يحرصون على إرسال تقارير مفصلة لنميري كل يوم..
*وكانوا يقرأون الواقع قراءة سليمة… ويتوقعون (النهاية)..
*ولكن في مقابل هذه التقارير الأمنية (الواقعية) كانت هنالك تقارير سياسية (وهمية)..
*وكان جعفر نميري (يحب) تصديق هذه الأخيرة..
*فهي تلامس بداخله وتراً يعزف لحن (الخلود)… وتشعره بأنه الرئيس (المحبوب)..
*وما يعضد هذا الشعور لديه الحشود الجماهيرية (المصطنعة)..
*وما انتبه – كما انتبهوا هم – إلى حقيقة هذه الحشود التي يتولى أمرها (المقاولون)..
*فهم بارعون في حشد التلاميذ… والموظفين… والبسطاء..
*تماماً كما كان مقاولو عهد عبود يصنعون الشيء ذاته… ويقبضون الثمن..
*فتشق سيارة الرئيس هذه الحشود… وهو يلوح بعصاه فرِحاً..
*وعجزت (قهوة) جهاز أمن نميري السادة على (فكِّ) سكرته السلطوية (الكاربة)..
*فسكرة السلطة أشد تأثيراً على العقل من سكرة الخمر..
*وتكفلت بهذا الأمر (خُلعة) الثورة الجماهيرية… فراحت السكرة وجاءت العبرة..
*وعلم نميري – بعد فوات الأوان – أن تقارير أمنه كانت صادقة..
*وأنه خُدع بتقارير حاشيته السياسية التي عناوينها العريضة (كله تمام يا ريس)..
*وانتهت المؤانسة مع بيومي إلى خطورة سكرة السلطة..
*فهي تعمي أبصار بعض الرؤساء عن رؤية الواقع… فلا ترى إلا الحشود (المصنوعة)..
*ولا تطير السكرة إلا مع طيران السلطة !!!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة
ياعوضه البشكير اليوم داك كان سكران لمن وضح انه من ال النار
دي ليه ماجبتها خرمت منها مالك ولا خايف راس السوط