أبي احمد علي رئيس وزراء إثيوبيا التي يريد العرب استعادتها استراتيجيا
آبي أحمد علي تنتظره ملفات عديدة مع دول الجوار العربي والأفريقي والعالم الخارجي، أهمها ملف سد النهضة على منابع النيل.
القرن الأفريقي منطقة أخذت تتحول إلى منطقة إشكالية أكثر من ذي قبل في الآونة الأخيرة، ليس فقط في أطراف جيبوتي والصومال اللذين بات واضحا تأثرهما بالعبث الجاري في الأمن القومي العربي الذي تحرص عليه دول أساسية في المحور العربي، للوقوف في وجه مشاريع دولية وإقليمية تريد الاستحواذ على هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية المطلة على العالم العربي من جنوبه.
ووسط هذه الأجواء، وبقلب القرن الأفريقي، وفي حالة هي الأولى من نوعها، يتمّ انتخاب الشخصية البارزة آبي أحمد علي رئيسا لائتلاف من 180 عضوا، ورئيسا للوزراء في إثيوبيا، خلفا لهايلي مريام ديسلين الذي استقال منتصف فبراير الماضي بعد ست سنوات قضاها في رئاسة الائتلاف ورئاسة الوزراء.
اضطراب القرن الأفريقي
لكن إثيوبيا تبدو اليوم بيئة مستقرة محاطة باضطرابات مختلفة، فلم يكد يمضي أكثر من شهر على إعلان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش استنكاره لإلغاء الحكومة الجيبوتية عقد الامتياز الممنوح لمجموعة “موانئ دبي العالمية”، لتشغيل محطة الحاويات في ميناء “دورالي” لخمسين عاما؛ معتبرا أنه إجراء تعسفي ونقض للاتفاقيات وصدمة للبيئة الاستثمارية في البلاد، حتى كانت الخطوة العربية التالية هي توثيق الصلات الاستراتيجية مع إثيوبيا.
وكانت “موانئ دبي” العالمية، قد أعلنت في بيان لها أن حكومة جيبوتي استولت بصورة غير مشروعة على محطة حاويات دورالي من شركة مملوكة من قبل مجموعة موانئ دبي العالمية. وأوضحت الشركة الإماراتية أنها تولت تصميم وبناء المحطة بالإضافة إلى تشغيلها، منذ عام 2006، وذلك بموجب عقد امتياز منحته الحكومة في نفس العام. وأشار بيان الشركة الإماراتية إلى أن محطة الحاويات في دورالي تعد أكبر مصدر للوظائف والإيرادات في جيبوتي وتحقق أرباحا سنوية منذ بدء تشغيلها. وكي يتوضح عمق المشروع المعادي للمصالح العربية في جيبوتي، فقد أعلن رئيس هيئة الموانئ فيها أبوبكر عمر هادي أن حكومة بلاده تجري مباحثات مع شركة الشحن الفرنسية “سي.أم.أي سي.جي.أم” لتطوير مرفأ جديد للحاويات بقيمة 660 مليون دولار، وأنها تعمل على إرساء الامتياز خلال يوليو القادم. وكان موقع جيبوتي الإستراتيجي قد دفع كلا من الولايات المتحدة
والصين واليابان وفرنسا لبناء قواعد عسكرية هناك.
أما في جنوب وغرب القرن الأفريقي، حيث الصومال، فقد قامت الحكومة المرتبكة فيه باحتجاز طائرة مدنية خاصة مسجلة في دولة الإمارات الأحد الماضي، في مطار مقديشو الدولي، وعلى متنها 47 شخصا من القوات الإماراتية، واستولت على المبالغ المالية المخصصة لدعم الجيش الصومالي والمتدربين تحت تهديد السلاح. وأدى ذلك بحسب وكالة “وام” الإماراتية الرسمية إلى تأخير إقلاع الطائرة لعدة ساعات، علماً أن هذه المبالغ مخصصة لدعم الجيش الصومالي ودفع رواتب عناصره، وذلك استنادا إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في نوفمبر 2014، والمتعلقة بتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات في بيان لها إن هذه الخطوة غير قانونية، من حيث أنها تناقض الأعراف والتقاليد الدبلوماسية المستقرة بين الدول، كما أنها تعد إخلالا جسيما بأحكام مذكرة التفاهم المشار إليها، وبالتالي مخالفة لقواعد القانون الدولي والأعراف الدولية.
مشروع استعادة إثيوبيا
انتخاب الشخصية المسلمة آبي أحمد رئيسا للائتلاف، ومنه إلى رئيس للوزارة وفقا للدستور، يعد حدثا نوعيا، ليس لأنه يجري لأول مرة، بل لأنه الأجدر بتحمل مهام إنقاذية على مستوى رفيع من المسؤوليةانتخاب الشخصية المسلمة آبي أحمد رئيسا للائتلاف، ومنه إلى رئيس للوزارة وفقا للدستور، يعد حدثا نوعيا، ليس لأنه يجري لأول مرة، بل لأنه الأجدر بتحمل مهام إنقاذية على مستوى رفيع من المسؤولية.
لكن ما أطلق عليه ملسن ألم المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية اسم “منصة تعزيز التعاون” في وصفه لإثيوبيا، خلال زيارة وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد إلى أديس أبابا شهر مارس الماضي، يعتبر ردا استراتيجيا على العبث الجاري في تلك المنطقة الحرجة.
لقد شكّلت الإمارات ثاني أكبر وجهة للصادرات الإثيوبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتاسع أكبر وجهة للصادرات الإثيوبية على مستوى العالم. كما احتلت أبوظبي المركز التاسع بين الدول المصدرة إلى إثيوبيا، في مؤشر واضح على تنامي أهمية العلاقات التجارية بين بلدين صديقين، حيث يبلغ حجم استثمارات أبوظبي في إثيوبيا نحو 523 مليون دولار.
لقد كان انتخاب الشخصية المسلمة آبي أحمد رئيسا للائتلاف، ومنه إلى رئيس للوزارة وفقا للدستور حدثاً نوعيا، ليس لأنه يجري ولأول مرة، انتخاب رئيس وزراء مسلم، ولا لكونه من أكثرية عرقية كانت تقود حركة الاحتجاجات ضد الحكومة السابقة على مدى ثلاث سنوات فحسب، بل لأنه الأجدر بتحمّل مهام إنقاذية على هذا المستوى من المسؤولية، وإجراء الإصلاحات المطلوبة والنهوض بأعباء التنمية بالبلاد، وقيادتها باتجاه ترسيخ أسس الديمقراطية والعدالة.
يقول المراقبون إنّ انتخاب آبي جاء بعد نقاشات ومفاوضات مكثفة في الائتلاف الحاكم، لأنّ الذي سيتقلد منصب رئيس الوزراء، سياسي مذهل ويمتلك مؤهلات أكاديمية وعسكرية مثيرة للإعجاب، فهو حائز على شهادة الدكتوراة من جامعة أديس أبابا وشهادة الماجستير من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وشغل منصب وزير العلوم والتكنولوجيا في الحكومة السابقة.
آبي رجل الدولة
كان آبي قد انضم إلى “الحركة الديمقراطية لشعب أوروميا” التي قاتلت نظام منجستو هيلا مريام الماركسي، ووفقا لموقع “أفريكان أرغيومنتس”، فإن ثمّة أسباب عِدة تبعث على التفاؤل في انتخاب أحمد رئيسا للحكومة؛ فهو يأتي من خلفية دينية مُختلطة، من أب مسلم كان يعمل بالزراعة وأم مسيحية ويتحدث الإنكليزية و3 لغات محلية إثيوبية، أمهرية وأورومية وتيجرينية، ونال درجة الدكتوراة من معهد دراسات السلام والأمن (إيبس) التابع لجامعة أديس أبابا عن حل النزاعات المحلية في البلاد.
ووفقا لعاملين من داخل الحزب، فإن آبي مُتحدّث ممتاز، لا يتخذ إلا القرارات القائمة على حُجج وبراهين، وفي الوقت نفسه، لديه خلفية عسكرية ومخابراتية مهمة؛ إذ خدم برتبة كولونيل ضمن قوات الجيش الإثيوبي، وشارك في قوات حفظ السلام في رواندا، كما أسّس وكالة لأمن الشبكات والمعلومات، وبين عامي 2008 و2010 أشرف على توسيع عمليات البث الإذاعي والتلفزيوني في وقت كانت تشتهر فيه إثيوبيا بانعدام الحريات الصحافية، وكان له دور أساسي في تأسيس وكالة الاستخبارات الإثيوبية، بينما يشكك منتقدوه بأنه سيحصل على الوقت اللازم والقدرة الكافية لإقامة الإصلاحات الديمقراطية المطلوبة، ويربط بعضهم أهمية انتخابه بعدة أسباب أهمها، أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه إنقاذ الائتلاف الحاكم من الانحلال والتلاشي.
ويبدو أن إصلاح البيت الحاكم من داخله وتحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الثقة المفقودة بين النخبة الحاكمة وقيادة المعارضة السياسية المأزومة، وأخذ البلاد نحو المشاركة السياسية وترسيخ أسس الديمقراطية والتنمية المتكاملة ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة، كلها مهمات ملحة وتنتظر مزاولته لمهامه.
الفضاء العربي ومصر
آبي تنتظره ملفات عديدة مع دول الجوار العربي والأفريقي والعالم الخارجي، أهمها ملف سد النهضة على منابع النيل والذي باشرت إثيوبيا ببنائه، وأدى إلى توتير علاقاتها مع مصر، وهي تحتاج إلى إيجاد حلول توافقية ثلاثية، مع كل من مصر والسودان، ومتابعة عمل اللجنة الثلاثية التي توقفت بسبب استقالة رئيس الوزارة، وبعد فشل لقاء السيسي مع هايلي مريام ديسلين في القاهرة، واتهامه له بالتهرب وإضاعة الوقت، إثر رفض الأخير لاقتراح مصر إشراك البنك الدولي كطرف ثالث ضامن لحقوق الأطراف الثلاثة، وفقا للقوانين الدولية، كما اتهمه بالتواطؤ مع السودان بدفع من قطر وتركيا الداعمتين لحركة الإخوان المسلمين، ودول أخرى داخل القرن الأفريقي أو ذات علاقة بملفاته الشائكة، وقد ضاعفت هذه الاستقالة من قلق مصر، وهي ترى إثيوبيا تمضي في البناء من دون أخذ مخاوف المصريين في عين الاعتبار، وقد تحتاج الدول الثلاث للعودة إلى المحادثات من نقطة الصفر، كما يشار إلى تداخل الخلافات الحادة بين السودان وأريتريا واتهام دول الخليج وأطراف أخرى بتأجيج هذا الصراع.
شريك في الحرب على الإرهاب
تشهد إثيوبيا نقطة تحوّل سياسية وسابقة تاريخية، ليس لها مثيل في تاريخها، تعبر عن قوة الصراع داخل البلاد وخارجها، بدت معه أديس أبابا وكأنها وجدت في شخصية آبي ضالتها، وبه قد تحافظ على بنية الائتلاف الحاكم، وتعد بالاستقرار السياسي والأمني، والبناء على التقدم الملحوظ الذي حققته إثيوبيا منذ عام 2000 ووجدت فيه أميركا نظاما متعاونا في مكافحة الإرهاب، في منطقة القرن الأفريقي المضطربة أمنيا وسياسيا.
هذه التغيرات الهامة تترك الأوساط السياسية الداخلية في إثيوبيا، سواء في صفوف الائتلاف الحاكم أو في صفوف المعارضة، وكذلك في العديد من الدول المجاورة والدول ذات المصالح المشتركة مع إثيوبيا، في حالة ترقب وانتظار لرؤية أداء آبي كرئيس للسلطة التنفيذية، للسير في ما وعد به من خطوات الإصلاح السياسي والإداري ومكافحة الفساد والنهوض بوضع البلاد بشكل عام، كما تنتظره كلا المجموعتين العرقيتين، الأورومو والأمهرا، اللتان ظلتا ساخطتين على الحكومة، وتستمران في تنظيم الإضرابات والاحتجاجات ولا سيما في منطقة أوروميا الفيدرالية، التي ينتمي إليها رئيس الوزراء الجديد، ومعقل عرقية أورومو المسلمة والأكثر عددا وفاعلية في صفوف المعارضة.
عالم يتغير على الجميع
العالم يتغير بسرعة وعلى بعض الدول العربية إدراك هذه المتغيرات واللحاق بها ومواكبتها، وربما يعود سبب فشل المفاوضات المصرية السودانية الإثيوبية الذي أعلن عنه قبل أيام إلى انتفاء معطيات الحل لدى بعض الأطراف، إذ يقول المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية إن “سبب فشل مفاوضات الخرطوم هو عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه لاتفاقية 1959 في المفاوضات”.
وتمنح هذه الاتفاقية، الموقعة بين السودان ومصر، القاهرة 55.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب.
وقال الإثيوبيون إن بلادهم “تعتبر أن هذه الاتفاقية لا تعنيها. طرح تلك الاتفاقية يعتبر خطا أحمر، ولا يمكن أن تتفاوض أديس أبابا حولها، فلا يمكن أن نتحدث عن اتفاقيات لم نكن طرفا فيها. إن عدم جدية الجانب المصري أدى إلى عدم التوصل إلى توافق حول قرار مشترك بشأن سد النهضة بين الدول الثلاث”.
يحتاج العرب لتوطيد الصلة مع إثيوبيا بصورة استراتيجية، لا ارتجالية خالية من التخطيط والرؤى الواضحة. ويبدو آبي أحمد واعيا لهذا النوع من الشراكات الرفيعة التي من دونها لا يمكن حل القضايا الخلافية ولا بناء التحالفات الإقليمية الوثيقة بعيدة المدى.
صحيفة العرب /بريطانيا.
ما وطئت أقدام العرب المستعربة أنجاس الخليج أرضا إلا أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.. فالأفضل للأثيوبين أن لا يدعو الأعراب الولوج لبلادهم بأى حجة
إثيوبيا عبرت ما شاء الله ما اظن الرشاوي والقروض تخارج معاهم