الفاتح جبرا

جحا والفساد


على الرغم من تعرض شعبنا على مر سنوات طوال وحقب مختلفة الى ظلم وتسلط واستبداد، اكسبته قدرة عظيمة على الاحتمال والصبر والمواصلة من شأنها الثورة والتمرد على واقعه المريض إلا أنه في بعض الأحيان نجد أن هذا الشعب المظلوم يقف عاجزاً عن الرد والمواجهة المباشرة على جلاديه وسارقي قوته والذين سعوا دائماً إلى تجريده من قدراته وامكانياته في الرد على ظالميه والمستبدين بحقوقه وذلك لإمتلاكهم للقوة وكل وسائل الجبروت وهي ظروف تفوق قدرة هذا الشعب المسالم بطبعه وقد نتج من هذا الأمر، بل من هذا (الضغط) أن لجأ الشعب الى أساليب فعالة وموثرة في مواجهة الظلم أهمها النكتة اللاذعة والفكاهة والنقد الساخر وإن شئت التأكد من ذلك فما عليك إلا (الغوص) في مواقع التواصل الإجتماعية والتي تمتلئ بالحكايات والنوادر والعليقات الساخرة التي يعبر فيها المواطين عن سخطهم وغضبهم من (الحالة البطالة) ساخرين من مستغليهم وفاضحين لظلمهم واستبدادهم وطغيانهم، وفسادهم الذي عم القرى والحضر، وفي هذا شيء من (التنفيس) عن الاحساس بالضيق والتبرم، مثلما قال فولتير (ولو لم يبق لنا ضحكاتنا لشنق الناس أنفسهم).
التراث العربي يذخر بالحكايات الساخرة التي تنتقد أوضاع (الرعية) وتجبر وتسلط وفساد الرعاة، حكايات ترفض الواقع وتتمرد عليه معلنة سخطها بسخرية من خلال النكتة اللاذعة والفكاهة لظواهر الجور والفساد.

ومما تركه لنا التراث (حكايات ونوادر جحا الشهيرة) والتي كانت تعكس دائماً عصور الظلم والظلام وفترات البؤس والكساد والفساد كما تكشف مفاسد الحكام الطغاة والقضاة المرتشين وتقوم بتشخيص ظاهرة غياب القانون واضطراب العدالة.
تقول النادرة (الجحوية) الساخرة التي تلقي الضوء على ظاهرة شيوع الرشوة بين القضاة (في ذلك الزمان طبعن) أن أحد الأغنياء (الواصلين) قد قال لجحا: اذا بصقت على وجه (فلان) وهو عدو لي فلك كيس من الدراهم، فأجاب عليه جحا (دي ساهلة) ومن فوره ذهب الى الرجل وبصق على وجهه، ولما كان الرجل (المبصوق عليه) رجلاً محترماً لا يأخذ القانون بيديه فقد لجأ إلى (المحكمة) فذهب الى القاضي حيث تم إحضار (جحا) كذلك:
• لماذا بصقت يا جحا على وجه هذا الرجل؟
• إن لدي فرماناً يا مولاي القاضي يخولني الحق في ذلك
فتعجب القاضي من ذلك وقال له:

• ارني هذا (الفرمان) فدفع جحا الى القاضي كيساً وفيه نصف المبلغ الذي أخذه من صاحبه الغني وما أن أخذ القاضي الدراهم حتى ولى وجهه الى المشتكي قائلاً:
• حقاً لقد أبرز خصمك (فرماناً) يخوله الحق في أن يبصق على وجهك وعلى وجوه الناس بل على وجهي كذلك.
وهكذا تكون هذه النادرة (الجحوية) صورة ساخرة وناقدة لحال فساد القضاء واختلال العدالة لتؤكد بأن تحقيق العدالة وسيادة القانون في مجتمع ما رهن بطبيعة النظام السياسي ونزاهة القائمين عليه، ففي عصور البطش والاستبداد يكون القانون بالضرورة في إجازة وتكون كلمة (الفاسد) المستبد هي القانون وبالتالي كانت المصلحة الفردية فوق المصلحة العامة التي تستقيم بها الحياة والتي تصبح حينذاك جحيماً لا يطاق…

كسرة:
في الأخبار: تعيين ثلاثة قضاة لمكافحة الجراد أقصد الفساد!

• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو (ليها تلاتة شهور)!

كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… (ليها سبعة شهور).

• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 96 واو – (ليها ثمانية سنين)؟

• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 55 واو (ليها أربعة سنوات وسبعة شهور).

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. مهما يلجأ الشعب الى اساليب فعالة ومؤثرة فى مواجهة الظلم ويعبر فيها المواطنين عن سخطهم وغضبهم من (الحالة البطالة)
    ساخرين من مستغليهم وفاضحين لظلمهم واستبدادهم وطغيانهم وفسادهم كما ذكرت .
    ولكن للاسف الشديد استاذ /الفاتح هؤلا القوم جلودهم خشنة وقلوبهم ميتة لا احساس لهم ولا ضمير لهم يؤنبهم انهم
    جيف نتنة لا تحس ولا تشعر .وهل لو كانت تحس او تشعر ما كان لها ان تصل ما وصلت اليه الان فمنذ اكثر من 50 عاماً
    وهى تبحث لها عن مؤطى قدم لسدة الحكم لتنعم بملزاته وتودع الفقر الذى عاشته طفولة وشباب لتنعم به فى الكبر
    والحمدلله انو برضو وصلوا اليه وهم فى أواخر سنينهم ولو وصلوا اليه ايام شبابهم لوصل الاخضر الى ال100 بدلاً من 40