رأي ومقالات

مُعيب للغاية أن يسافر معتمد عاصمة السودان إلى تركيا ذات التجارب الثرة في نظم الحكم والإدارة ثم لا يعود منها إلا ب ( فُرن وبصات)

أزمة خيال ..!!
:: ويُحكى أن ضابطاً قدم بعض الخدمات لمن نفذوا عملية ترحيل الفلاشا .. وبعد إكتمال العملية، إجتمع كبار الموساد وناقشوا كيفية رد الجميل لهذا الضابط، وطرحوا حزمة مشاريع بحيث تكون (الهدية المناسبة)، ولكن اقترح احدهم سؤال الضابط عما يريد ثم تنفيذ طلبه مهما كان الثمن غالياً .. وافقوا على الاقتراح، ثم أرسلوا مندوبهم إلى السودان ليشكر الضابط إنابة عن إسرائيل ويسأله عما يريد نظير تلك الخدمات .. وبالخرطوم كان رد الضابط على مندوب الموساد: ( عايز عجلة رالي، عشان أهديهو لي ولدي النجح في امتحان الشهادة الثانوية).. هكذا كان الطموح ..!!

:: والأسبوع الفائت، زار معتمد الخرطوم الفريق ركن أحمد أبوشنب إستنابول، وعقد هناك حزمة إجتماعات مع السادة المسؤولين، ثم عاد إلى الخرطوم – فرحاً – ليقول للناس : ( الزيارة أثمرت في تفعيل عدد من البروتوكولات المشتركة وتنفيذ بعض المشاريع الكبيرة، و تشمل المشاريع توريد أكبر مخبز ذو إنتاجية تفوق المليون رغيفة في اليوم عبر منحة مجانية من قبل بلدية إستانبول في إطار دعم مشاريع الأمن الغذائي بالخرطوم، بجانب تبرع بلدية إستانبول بأسطول من البصات ووسائل المواصلات)..هكذا طموح معتمد عاصمة بلد..!!

:: تأملوا .. بعد أسبوع من التجوال في تركيا، عاد – فرحاً – بمخبز وبصات و كأن الخرطوم تنقصها المخابز والبصات وليس الدقيق والوقود ثم الإرادة والخيال ونقل التجارب الناجحة.. وبالمناسبة، ليست كل أزمات البلد ( معقدة)، ولكن العقول هنا تُدمن تعقيد الأزمات وتضخيمها ثم تصديرها إلى أذهان دول العالم، كما يفعل الفريق أبو شنب .. وعلى سبيل المثال الراهن، لحل أزمة المواصلات بالخرطوم، طلب معتمد الخرطوم من المسؤولين هناك بأن يدعموه بالبصات، فدعموه .. وقبل بشارة أبو شنب بأشهر، كانت حكومة الخرطوم قد بشرت الناس أيضا بوصول ( دُفعة بصات)، و أنها إتفقت مع شركة جياد على على توطين صناعة البصات ..!!

:: وعليه، فان بصات أبوشنب التركية وكل البصات التي تستوردها الحكومة، نوع من (أزمة الخيال).. بالبلد شركات وبنوك و رجال أعمال ومغتربين قادرين على إستيراد وتشغيل (المركبات العامة)، وهذا ما يسمى بالإستثمار في مجال النقل، وبهذا النوع من الإستثمار يستقر المجتمع إقتصادياً و ( ترتاح الحكومة).. لماذا تحشر الحكومة أنفها وتضيق واسعاً وتُعقد الحلول باحتكار الإستثمار في مجال النقل أو ترسل معتمدها ل (يشحد بصات ).؟..فالأفضل في إنسياب حركة النقل – بلا أزمات أو خسائر أو شحدة – هو أن تكتفي الحكومة بالمواصفة والرقابة والتنظيم، ثم تفتح أبواب إستيراد المركبات العامة لمن يشاء، شركة كانت أو مغترباً..وكذلك الحال في قطاع المخابز.. !!

:: فالطاقة الانتاجية لمخابز الخرطوم تكفي وتفيض، وإن كانت ثمة أزمة في الخبز فمردها أزمة دقيق أو الكهرباء و ليست أزمة مخابز أو كما أوهم معتمد الخرطوم الأتراك وهو يتسولهم (فُرنا)، فيعطوه أو يمنعوه..مُعيب للغاية أن يسافر معتمد عاصمة البلد إلى دولة ذات تجارب ثرة في نظم الحكم والإدارة ثم لا يعود منها إلا ب ( فُرن وبصات)، وبلا حياء يملأ الصحف والقنوات والإذاعات بأخبار (الفرن والبصات)، كأنه ليس بمسؤول في حكومة مطالبة بتوفير مناخ العمل والانتاج للمواطن ليستورد المخابز والبصات وغيرها من وسائل الحياة..في الدول الناهضة، الحكومات تنقل التجارب ونظم الحكم والإدارة الحديثة، والمواطن يستورد المخابز والطواحين والبصات وغيرها، وليس المعتمد والوالي والرئيس .. !

الطاهر ساتي

‫3 تعليقات

  1. في ظل الأزمة التي تخنق البلاد بإنعدام الديزل والبنزين والغاز فإننا نناشد معتمد ولايتنا بأن يشحت من تركيا كوانين تحمل بالحطب والفحم وحمير تشمي على أربع .