ليلة القدر يا سر الليالي
قال تعالى : [ إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر]سورة القدر وقال عز وجل : [انا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك انه هو السميع العليم]الدخان3- 6 وقال صلى الله عليه وسلم ” … من قام ليلة القدر إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشدّ المئزر}
ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر قيل سميت بذلك لأنها ليلة عظيمة الشأن جليلة الأمر لما اشتملت عليه ما إحداث عظام وأقدار عجيبة أولها نزول القرآن أي نزوله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وكذلك بدء الوحي في ليلتها فهذا شرف لها وأي شرف! وكذا شرفت بنزول الملائكة يتقدمهم جبريل عليه السلام وقد علا كعبها ورفعت درجتها بحلول البركة فيها ومضاعفة الأجور قال عنها ربها “خير من ألف شهر” أي العبادة فيها تعدل عبادة سني العمر مجتمعة ، وهي ليلة يقدر فيها الرب سبحانه مقادير العباد لسنة قادمة قال عز وجل “فيها يفرق كل أمرٍ حكيم” أي يفصل ويقدر ويسطر ، وهي ليلة عظيمة الشأن لان الدعاء فيها مستجاب فعن عائشة رضي الله عنها قالت : { يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول قال: قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني } صححه الألباني
إذا هي ليلة مشهودة تشهدها ملائكة الرحمن الأبرار سلم “سلام” مباركة طيبة جزيلة الأجر عظيمة المثوبة تقدر فيها أقدار الخلائق ويتضاعف فيها أجر الأعمال قال صلى الله عليه وسلم : [ … وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم ] رواه النسائي وصححه الألباني
انها ليلة ليست ككل الليالي هي ليلة المحبين ، زين العابدين ، درة رمضان المبارك مبتغى القاصدين ، محط نظر المجتهدين ، قلادة الفالحين ، وسام الفائزين ليلة القبول لدى رب العالمين والعتق من النيران والفوز بالجنان . هل تمر علينا مثل هذه الليلة مر الكرام ونستقبلها استقبال اللئام كلا والله إنها تستحق التقدير لقدرها والتشريف لشرفها والتشمير لفضلها فيا سعد من أدركها ونال كرامتها . لقد جعلها الله لنا وخصصها من دون الليالي تعويضا لنا عن قصر أعمارنا مقارنة بأعمار الأمم السابقة من قبلنا فجعل عبادة ليلة واحدة تساوي عبادة ألف شهر “ثمانين عام وتزيد قليلاً”
حقا هي سر الليالي وإحياؤها طاعة لله وإتباعا لسنة رسول الله وسيراً على هدي العابدين من أولياء الله الصالحين تعمر بالقيام وتلاوة القرآن وتدبره والصلاة على النبيّ صلى اله عليه وسلم وسائر الطاعات والقربات ، واخص ما فيها من طاعة هي الدعاء المأثور [اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني] لما أثر عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إنها قالت : { يا رسول الله أرايت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال : قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني} رواه النسائي وصححه مسلم والعفو أيها الكرام هو الصفح ومحو الذنوب من صحيفة المسلم بل وإبدالها حسنات منة من الله وفضلاً وتكرماً قال الله عز وجل [إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحا فاؤلئك يبدل الله سيئات حسنات وكان الله غفوراً رحيماً] الفرقان فلنجد أيها الإخوة والأخوات فقد تصرمت أيام الشهر وما بقي إلا القليل . وان الفارس إذا شارف على نهاية المضمار حمل على فرسه واحكم لجامه أملا في الظفر وبذّ الأقران وإياكم وحسرة السباق وهي أن يفوز المجدون ويقعد الخوالف يعضون أصابع الندم ولات حين مناص ولات حين حسرة ليلة القدر ليلة غالية الثمن ، من علم قدرها بذل الغالي والنفيس ليحظى بها ويدرك بركتها .
تهون علينا في المعالي نفوسنا *ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
بقلم / محمد حسين عبد الرحمن