تحقيقات وتقارير

أين يشاهده السودانيون؟ (كأس العالم) .. تحركات لكسب بطولة (الرضا الشعبي)

أعلن والي الشمالية، ياسر يوسف، بثّ مباريات كأس العالم، مجاناً لمواطني ولايته، الأمر الذي فجر جدالات عن تداخل السياسة والرياضية في بلاد تتنفس كرة القدم، رغماً عن إحراز يتميتين للمنتخب في 1970 والمريخ في 1989، وما عداهما فكله هزائم بلا حدود، وعابرة للقارات.

وبمنأى عن السياسة، تساءلت قبيلة الرياضيين-وما أكبرها- عن المنافذ المتاحة لمشاهدة البطولة الكبرى بصورة مجانية، بعد حروب التشفير والأسفير.

وتنطلق فعاليات كأس العالم في روسيا الاتحادية بداية من 14 يونيو الجاري بمشاركة 32 دولة من ضمنها دول عربية وإفريقية تحمل طموحات قارات بأسرها على أمل فك احتكار الأوروبيين واللاتينيين لعالم الكرة منذ انطلاق المونديال في العام 1934م.

سيطرة

منذ وصولها وحكومة الانقاذ تعلم جيداً تأثير الكرة على مسارات البلاد العديدة، وما أدّل على ذلك من تصريحات الرئيس عمر البشير بأن (الهلال والمريخ هما أكبر حزبين في البلاد).

بيد أن المعارضين يشيرون علانية إلى تدخل الدولة في الأنشطة الرياضية بصورة مزعجة حدْ دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لدس أنفه الطويل في الشؤون الكروية، وكانت آخر هذه الحادثات حادثة الصراع بين معتصم جعفر، والجنرال عبد الرحمن سر الختم.

وبالتالي ينظر إلى مسألة توفير أماكن مشاهدة لمباريات الدوريات الكبرى (الإنجليزي، الإسباني، الإيطالي) والبطولات القارية من شاكلة كأس العالم وبطولة دوري أبطال أوروبا، على أنها محاولات لاستمالة الجمهور الكروي لصالح برامج حزب بعينها.

وكان والي الشمالية، ياسر يوسف، وجه وزارة الشباب والرياضة بتزويد الأندية على امتداد الولاية بشاشات وأجهزة استقبال قادرة على نقل بطولة روسيا إلى الشماليين، بصورة مجانية.

الخطوة التي وجدت تثميناً من القاعدة الرياضية، كانت مدخلاً لطعن المعارضين ممن يرون أن الخطوة تعكس خللاً في ترتيب أولويات الصرف، إن لم تكن إنصرافية بالمرة.

هنا يقر المحلل السياسي، رامي عبد اللطيف، بوجود تقاطعات عديدة بين العالمين (عالم الكرة وعالم السياسة) فكثير من قادة الرياضة الحاليين أعضاء في البرلمان ورموز لأحزاب سياسية ما يعطي دلالات واضحة بأن الكرة قد تصنع الساسة، وقد تدفع السياسة بفلذاتها إلى سدة الأندية الرياضية.

عالمياً هناك جورج ويا الذي وصل إلى رئاسة ليبيريا بسبب إنجازاته الكروية، بينما لا يزال سيلفيو بيرلسكوني في إيطاليا ساعيًا إلى الحكم بعد ذيوع صيته مع فريق ميلان.

ومحلياً لنا أن نذكر جمال الوالي (المؤتمر الوطني)، وصلاح إدريس (الاتحادي الديمقراطي الأصل) كأهم ايقونات السياسة في مضمار الرياضة.

ويرى عبد اللطيف إن اتاحة الفرصة للجمهور لمشاهدة مباريات كأس العالم قد يكون حملة انتخابية مبكرة قبيل انتخابات 2020م، هذا وإن نوه إلى وجود كتلة صماء (حزبية) لن تتأثر وإن شاهدت جميع المباريات على طريقة (أكلو توركم وأدوا زولكم).

أماكن

دعونا من ساس يسوس، فأين يمكن أن يشاهد السوداني مباريات كأس العالم الحالية.

علّ أبرز إجابة على هذا التساؤل تكون أندية المشاهدة التي تعتبر جامعاً أكبر في المحافل الرياضية، وهذا بات من معتاد السنوات الأخيرة. بيد أن المشكل الاقتصادي يلقي بظلال سالبة على هذه البطولة حيث يتوقع أن ترتفع أسعار المشاهدة مقارنة بضعف المرتبات وموازنات الأسر التي قد تكون أولوياتها حالياً خبزًا ودواء.

اللافت أن بعض الإعلانات بشرت جمهور الرياضة في الخرطوم، بأماكن عرض راقية تترواح التذكرة فيها بين 50 – 200 جنيه للمباراة الواحدة.

وتبرز حالياً مخاوف من اتخاذ كأس العالم وسيلة للرسوم والجبايات بفرض رسوم على نوادي المشاهدة تقود إلى زيادات غير متوقعة على تعرفة المشاهدة.

ويعتبر اللجوء إلى قنوات مجانية تبث المباريات ثاني أكثر الوسائل التي يلجأ لها الجمهور السوداني، وقد تم الإعلان عن مجموعة كبيرة من القنوات المجانية، وسط إرهاصات بأن تقوم السعودية ببث البطولة على أربع أقنية رياضية، وعليه ستكون الأيام المقبلة موسماً لأصحاب محال الفضائيات، حيث سيضطر كثير من محبي كرة القدم إلى تحويل لاقطاتهم نواحي أقمار صناعية غير مألوفة للناس العاديين، على حساب القمر المصري (نايلسات).

أما المشاهدة العائلية في المنازل فستكون حاضرة بنسبة أقل، ومنحصرة لدى من يملكون أجهزة استقبال (بي أن إسبورت، وقناة الخرطوم الدولية).

وضربت موجة الغلاء باقات كأس العالم، فمع انخفاض العملة المحلية مقابل الدولار قد تصل التكلفة لدى القناة القطرية لأكثر من 10 ملايين جنيهاً بينما تبلغ عند موزعي قناة الخرطوم حوالي 1.25 ألف جنيهاً.

ويقول المحلل الرياضي والكاتب الصحفي حسن فاروق، إنه على الرغم من الظروف الضاغطة حالياً، فسنشاهد جميعنا مباريات كأس العالم، وذلك بالتركيز على أندية المشاهدة التي ينتظر أن تحقق أرباحاً قياسية الفترة المقبلة.

المضحك المبكي

إن من واقعة تراجيكوميدية في شأن كأس العالم، فهي إعلان دولة الكيان اسرائيل، على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعية عن بث مباريات كأس العالم على قناة (مكان) بتعليق عربي بالتركيز على المنتخبات العربية. التعليق المعبر قال به أحد الشباب وكان (كم التردد يلعنكم الله).

الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة