“غشاني وفات” لم تمنح الفضائيات والإذاعات الأغنيات والأشعار التي تمجد العيد حقها الكامل في البرامج المعدة للمناسبة السعيدة
حتى وقت قريب كانت الأغنيات والقصائد التي تمجد العيد وتبشر بقدومه يكثر تداولها في الفضائيات والإذاعات مع اقتراب الأعياد، وتفرد لها المساحات للتعبير عن إحساس الجميع بليالي العيد المفرحة وسط الأهل والأصدقاء، هذا كله كان متوافراً قبل أن يطاح على حين غرة وغفلة.
ويبدو أن إيقاع الحياة المتسارع وتبعاً للظروف الاقتصادية الراهنة أسهم في تلاشي واختفاء تلك الأغنيات والقصائد الصادقة والمعبرة في زمن اختفاء الكثير من الملامح المفرحة التي كانت تميز مناسبات العيد في السودان. واللافت للنظر أنه وفي الآونة الأخيرة أضحت الأعياد تأتي وتمر دون أن نسمع فيها أغنيات تعبر عنها.
عتاب ومحبة
ولأن العيد يعد من المناسبات التي يكثر فيها اللوم والعتاب بين الأحبة، نجد الكثير من الأغنيات السودانية تناولت عتاب الناس على عدم الظهور والإطلالة عبر زيارة في العيد، كما جاء في الثنائية الغنائية التي جمعت الشاعر الرائع إسحاق الحلنقي بالموسيقار الفنان محمد الأمين والتي يقول مطلعها:
العيد الجاب الناس لينا ما جابك
يعني نسيتنا خلاص
مع إنك انت الخليتنا
نغني الحب فكرة وإخلاص
ونحن في أيام عيد الفطر المبارك ونتنسم عبيره، نحاول أن نرجع بالذاكرة التطريبية إلى الوراء لنسترجع بعضاً من الإبداعات الغنائية التي صنعت خصيصاً للأعياد، ومن بينها رائعة الشاعر عبد الرحمن الريح الذي كتب تحت تاثير سعادة العيد الغامرة انشودة رائعة صدح بها الفنان الراحل إبراهيم عوض وصارت فيما بعد تردد على جميع الألسنة لينشد الناس
“يا عيد تعود يا عيد.. بالخير علينا سعيد”
خصام حرام
تزدان الأغنيات الجميلة بمفردات شاعرية أكثر روعة، وهنا نتوقف مع القامة التجاني سعيد والراحل محمد وردي في رائعته (قلت أرحل) وهي تتجسد معاني العيد بروعتها في أحد مقاطعها
“وزي عيداً غشاني وفات وعاد عمّ البلد أعياد”
وتمضي المسيرة التي تهل مع هلال العيد وتهبط على الناس حركت الانفعالات في دواخل الشاعر الجيلي محمد صالح ودفعته لكتابة أغنية مؤثرة تدعو للتسامح في العيد كانت من نصيب الفنان الكبير صلاح مصطفى حيث يقول مطلعها “ليه يا حنين ليه الخصام.. شايفك نسيت دي الدنيا عيد.. وعارف خصام العيد حرام”
فراق وهجران
تفرد الفنان حمد الريح بتقديم أغنيات غاية في الروعة من بين تلك الروائع (شقا الأيام)
“أصابح بكرة كيف العيد وأعايش فرقتك هسة”
تواصلت مسيرة الغنا للأعياد وشملت حتى أغنيات الطمبور، حيث غنى النعام آدم لهجران الحبيب مردداً:
“مر العيد وفات
لا شافني لا طراني
ما داير أقول
إنو قسى ونساني”..
ومن أغنيات الطنبور أيضاً:
“الناس مرقت عيدت على أصحابها
وأنا فريت على الجاهلة السمح ترحابا”
ودفع الفنان المبدع النور الجيلاني بسهمه في أغنيات الأعياد حينما عبر عن قسوة البعاد عن الأهل والأحباب في أيام العيد
“جانا العيد.. وانت بعيد
أبيت ما تعود.. تبارك العيد”.
أشعار العيد
الشاعر الراحل محمد عوض الكريم القرشي عندما كان طريح الفراش في الجناح الجنوبي في مستشفى الخرطوم، والذي كان يسمى وفي أيام أحد الأعياد كان قد غاب فيها عنه الأحباب ليكتب (غابوا عني) صور فيها حاله في ظل غياب الناس عنه
“عدت يا عيدي بدون زهور
وين سمرنا وين البدور.. غابوا عني”
ويواصل القول:
“بي العيد يمر جواه سور
وهم في بهجة وهم في سرور.. غابوا عني”
صحيفة اليوم التابلي