مجرد (عبدة) !!
*هذه القصة نهديها لسفير لبنان بالخرطوم..
*ليهديها – بدوره – لمديرة الروضة البيروتية صاحبة عبارة (عبدة)..
*فشاب كان يعبث بسلاح ناري لتنطلق منه رصاصة..
*الرصاصة اخترقت صدر جارته الصغيرة فماتت في الحال..
*اختفى الشاب من البلدة خشية انتقام أهل الفتاة المسكينة..
*أرسل له عمه – خلسة – مالاً يعينه على الهرب… بعيداً..
*ولكن الشاب مضى بعيداً جداً…إلى ما وراء البحار..
*إلى مارسيليا في فرنسا… ومنها إلى ميناء شيربورغ..
*وظل هناك منتظراً فرصة المغادرة لأمريكا… أرض الأحلام..
*وتحقق حلمه يوم أن رست بالميناء السفينة ذات الشهرة التاريخية..
*التايتانيك؛ التي انطلقت من ميناء ساوثهامبتون ببريطانيا..
*ثم عادت لمرفأ بجنوب بريطانيا بعد أن أقلت ركاباً من شيربورغ..
*ومن هناك انطلقت في رحلتها المشؤومة نحو أمريكا..
*وقد انزوى خط سيرها هذا في ركن قصي من ذاكرة توثيق رحلتها..
*كما انزوى – أيضاً – كثير من أحداث ركابها العرب..
*أما الشاب فهو ضاهر شديد… من قرية عبرين بشمال لبنان..
*وهو أحد العرب هؤلاء الذين كانوا على متن السفينة..
*وجميعهم كانوا لبنانيين عدا مصرياً واحداً..
*ثم إنهم جميعاً – كذلك – عانوا من عنصرية بغيضة تجاههم..
*عنصرية حتى من أمثالهم ركاب الدرجة الثالثة من الغربيين ..
*ثم بلغت العنصرية هذه قمتها (القاتلة) فجر يوم الكارثة..
*وننتقل — هنا – إلى مشهد من فيلم (تايتانيك) عقب الاصطدام بجبل الجليد..
*وتحديداً لحظة تدافع الركاب صوب قوارب النجاة..
*فنرى ضابط أمن يشهر مسدسه في وجوه المتدافعين..
*أي الذين نجحوا في التسلل إلى حيث القوارب من ركاب الدرجة الثالثة..
*ثم يصوبه نحو أحدهم… ويطلق عليه النار تخويفاً للآخرين..
*ولم يكن القتيل هذا سوى الشاب اللبناني ضاهر شديد… قاتل جارته..
*ويتجمع – إثر ذلك – بقية اللبنانيين في جانب من السفينة… ينشدون لحن الختام..
*ينشدون (ابكي ونوحي يا حردين…ع الشباب الغرقانين)..
*وهي مرثية لبنانية تحكي مأساة شباب غرقوا في زمن مضى..
*والجانب العربي المغفل من قصة التايتانيك هذه وثقته صحيفة (الهدى) آنذاك..
*وهي صحيفة للجاليات العربية كانت تصدر في نيويورك..
*وقد كان مصدرها ناجٍ لبناني من الذين أنقذتهم سفينة (كارباثيا)..
*وما زالت صحافة بيروت – إلى اليوم – تسرد ذكرى تلك المأساة… وتسب..
*تسب العنصرية التي مورست على لبنانيين في التايتانيك..
*ومن بينهم – بالمناسبة – عروسان مُنعا من ركوب أحد قوارب النجاة..
* فالعريس لم يكن سوى (عبد)…في نظرهم..
*والعروس مجرد (عبدة) !!!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة
كفيت ووفيت استاذ صلاح
كثيراً ما استمتع بمقالاتك . عسى أن تبلغهم رسالتك فيرعوا