تحقيقات وتقارير

أسـرار بقـاء الإنقـاذ..!!

بعد 29 عاماً، بدأت حكومة «الإنقاذ» برئاسة المشير عمر البشير أكثر هدوءاً وتطلعاً للمستقبل من ذي قبل منذ أن جاء إلى الحكم في يونيو 1989 بانقلاب عسكري. كانت الذكرى السنوية لنظام ثورة الإنقاذ -التي تصادف هذه الأيام- لا تمر بمثل هذا الصمت فقد درجت الحكومة على إقامة الاحتفالات بمرورها ولكن قبل أكثر من اربعة أعوام بعد أن أعلنت الحكومة إجراءات اقتصادية قاسية، لمواكبة التغييرات الدولية التي طالت الاقتصاد عالمياً أصبحت في مواجهة حقيقية مع هذه العثرات السياسية والاقتصادية التي تقف ماثلة أمام مسيرة نظام الانقاذ. ورغم الاحتجاجات الشعبية والغلاء والتردي الاقتصادي وما يقال من إنه ظاهرة عالمية فإن ذلك لا يغنينا عن السؤال عن سر صمود حكومة الانقاذ لتسعة وعشرين عاماً وتدخل عامها الثلاثين بدخولها في اليوم الاول من شهر يوليو الراهن، رغم الأثر السلبي بعد انفصال الجنوب و فقدت البلاد حوالي (70%) من عائدات النفط، وتنازل البلاد عن شعارات قديمة رفعتها الانقاذ وأصبحت شعاراً يحكي احتفاءً وولهاً بالإرادة الوطنية واستقلال القرار الوطني، لكن المتغيرات التي جرت على أرض الواقع جعلت الأمر يصبح غير الذي جرت عليه سفينة الانقاذ سابقاً ما جعل السوال أكثر إلحاحاً وتعضيداً لمعرفة سر هذا البقاء!.

الإنقاذ ليست الإنقاذ

ويقول اللواء عبدالعال محمود أول أمين عام لمجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني لـ(الانتباهة) إن الإنقاذ ليست هي الانقاذ لأن ثورة الانقاذ انتهت ولا يوجد احتفال رسمي لها بعد الأنظمة الكثيرة التي دخلت عليها وخصوصاً بعد مسألة الحوار الوطني صارت الحكومة غير ميالة للاحتفال بعيدها. ويضيف سيادتو عبدالعال بقوله إن الانقاذ هي الأساس للحكم القائم الآن ولكن خلال الثلاثة عقود الماضية مرت مياه كثيرة تحت الجسر من انقلاب عسكري إلى تقليص دور العسكريين إلى حدوث المفاصلة الشهيرة التي حدثت بين الانقاذيين وأدت إلى تقسيمهم إلى شعبي ووطني. ويضيف إن القضية شابها الكثير من الخلط فهي ليست كثورة أكتوبر الكل يحتفل بها رغم تبدل الحكومات والانظمة فقد تبدل وتغير طعم الانقاذ ومذاقها وصار ليس كما جاءت به لحظة بيانها الاول، وإذا قلنا إنها كانت قد بدت لبناً خالصاً ما بين فرث ودم وتنزلت على شعب السودان برداً وسلاماً، تغير وضعها اليوم وتبدل طعمها بعد مرور ثلاثة عقود على قيامها. وقال عبدالعال رغم ذلك تظل الانقاذ هي الأصل والعمود الأساسي التي غيرت مسار القطار السياسي في السودان منذ ثلاثة عقود مضت رغم نزول الكثير من الركاب وصعود آخرين كثر غيرهم. وذكر كيف انها بدأت بخمسة عشر عضواً من العسكريين تقلصوا إلى أن صار الموجود منهم في دفة الحكم اليوم اثنان فقط هما الرئيس البشير ونائبه بكري حسن صالح يمثلان فيما تبقى من صمود الثورة ، مشيراً بأن الشعب السوداني صبر كثيراً ودوماً ينظر للقادم الأحلى ولكن مشيئة الله جعلت هذا الصبر يصب في صالح حكومة الانقاذ التي آمن بها الشعب السوداني ومنحها حبه وتجاوب معها منذ مجيئها وإلى الآن، ورغم تعثر الحكومة إلا أن الانقاذ لا زالت صامدة حتى يومنا هذا. وطالب بالرجوع إلى البدايات وقال إنه مطلب عاجل جداً لشفاء المريض الكسيح وحول ما إن كان بقية أعضاء مجلس الثورة موجودين يقول إنها كانت ستكون الاقوى وذلك لأن ثقة الشعب السوداني كانت فيها وفيهم أكبر. وختم بقوله: إن شعب السوداني ما زال يأمل فيما تبقى من الانقاذ حتى تعود الثقة كاملة وفي هذا لا نقول بالرجوع لـ(30) يونيو ولكن العودة للقناعات القديمة والقوانين الاولى
وبرامجها وتنزلها لارض الواقع بذات الطريقة.

ضعف التيارات الإسلامية

بينما تأتي قراءات أخرى قد تختلف مع القراءات السابقة التي قالها آخرون ولكن في الآخر تظل كلها تدور في فلك سر بقاء الانقاذ وبلوغها العقد الثالث في ظل التهديدات المستمرة من الخارج والداخل. ويقول الدكتور أسامة توفيق الامين السياسي لحزب الاصلاح الآن لـ(الانتباهة) إن السر يقبع في ضعف القوى السياسية الاسلامية في وقت يرى فيه أن المعارضة الاخرى في الساحة ما هي إلا أسماء سموها إن كانت يسارية أو جهوية، وزاد بأن القوى السياسية الرئيسة التي تستطيع تغيير النظام هي القوى والتيارات الاسلامية وأن سبب صبرها على الانقاذ هو ما يجري من تغييرات كبيرة التي حدثت في المحيط الاقليمي ومنظر الاسلاميين المزري تجاه ما يلاقونه من هجمة شرسة في تلك الدول خاصة الهجمة التي تردهم من دول الخليج ورغم معارضتهم للانقاذ إلا أن القاعدة التي اتخذوها هي البقاء في سرادقها والسبب أن المعارضة اليسارية تضعهم جميعاً في سلة واحدة وصعيد واحد ولا تفرق بينهم وهو الشيء الذي جعل الاسلاميين في المعارضة ينادون بالصبر على اسلاميي السلطة واكد أسامة أن هذا هو أهم الأسباب التي دفعت التيارات الاسلامية بانتهاج نهج وسلوك الانقاذ لوحدة المصير او المصير المشترك الذي يواجهونه لدى المعارضة اليسارية. ويضيف توفيق بان هذه الأسباب جعلت التيارات الاسلامية المعارضة إن من مصلحتهم هو بقاء ودعم الاسلاميين الذين هم في السلطة حتى تكتمل إجراءات إزاحتهم التي لم تأتِ بعد. وأضاف د. اسامة القيادي الاسلامي إن قرار الجنائية يعتبر الهدية الأكبر الذي يقدمه المجتمع الدولي لحكومة الانقاذ الوطني وذلك يعود لعدم إلمامهم بسلوكيات الانسان السوداني الذي يرفض أن يحاكم رئيسه مهما كانت درجة اختلافهم معه خارج السودان وإهانته فهو عزيز عندهم رغم الاختلافات لذلك جعل قرار الجنائية الالتفاف حول الرئيس البشير وسط الشعب ككل بصورة أكبر مما كانت عليه للحيلولة دون التدخل الخارجي.

سر المغتربين والدهّابة

ويرى توفيق إن هناك أمراً آخر ساهم في بقاء حكومة الانقاذ وهو “المغتربون والدهابة” الذين يبلغون أكثر من مليونين شخص، فإنهم وفروا خلال الأزمة
الاقتصادية الاخيرة مبالغ كبيرة ساهمت في صد الأزمة الاقتصادية وكانت حائط صد كبير جداً ارتكزت عليه الحكومة وأكد أن الأموال التي وردت منهم خففت الأزمة. أما الأمر الاخر الذي ساهم أيضاً في الابقاء على الانقاذ هو ان الحكومة لعبت على القوى السياسية بموضوعي المحاصصة في السلطة والحوار الوطني الذي انجرف حوله الكثير من القيادات المعارضة بعد أن نالت حظها من الكيكة. وصارت لدينا عقب ذلك أكبر حكومة في العالم وهذا وفقاً لتوفيق يبين ضعف المعارضة بالاضافة لذلك كله يرى توفيق أن تفكيك النقابات العمالية وقوة البطش التي مارستها الحكومة في اتجاه أعدائها .
بينما يقبع التوازن الاقليمي في أولوية الاسباب التي ساهمت في إطالة عمر حكومة الانقاذ بحسب توفيق وذلك لأن الغرب يدرك تماماً أنه إذا انهار السودان وانفجرت الاوضاع فيه فإن الكثير جداً من دول الاقليم سوف تنفجر اوضاعها وسوف يصير الأمر من الخطورة بمكان في إيجاد معالجة لتلك الانهيارات والانفجارات. لذلك يرى توفيق أن الحكومة السودانية مستمرة ومواصلة لمسيرتها بشروط الغرب كما أنها تقتات مما يلقيه عليها.

النهضة والتحالفات

بينما يرى د. محمد يعقوب أمين مجلس الولايات لـ(الانتباهة) أن سر بقاء الانقاذ يكمن في ثلاث نقاط أولها أن القائمين على أمر الحكومة عندهم إرادة ورؤية قوية جداً نحو مسألة الحكم وجعلت من استمراره أمراً يسيراً وفقاً لقرائتهم كما أن نظام الحكم الفيدرالي الذي أسنته الانقاذ يعتبر من أبرز إنجازاتها وساهم في استقرار حكم الانقاذ لما يقارب الثلاثين عاماً. وأكد يعقوب أن الامر الاخير هو أن الشعب السوداني مل من مسألة وأمر تغيير النظم السياسية المتعاقبة والتجارب السابقة والسبب هو ما رآه من تطور ونهضة كبيرة انتظمت البلد اتفق الناس حولها ام اختلفوا فهي نهضة وتغيير موجب مع بعض التطورات لذلك كله فإن الناس الآن ليس لديها رغبة في تغيير النظام الذي بلغ الثلاثين من العمر بدخوله في الاول من يوليو الجاري. وبينما برهن الأمين العام لمجلس الولايات سر بقاء الانقاذ بهذه الثلاث فقرات فإن د. ابوبكر آدم المحلل السياسي والاكاديمي يقول لـ(الانتباهة) إن حكومة الانقاذ استطاعت ان تستمر رغم ثورة التغيير التي طالت الكثير من الدول والحكومات بسبب الارتباط الكبير والتحالفات التي صنعتها في الكثير من الدول الافريقية والعربية والاسيوية، فمثلاً إيران هناك تحالف إسلامي كبير جداً كان يربط بينها والحكومة الإيرانية وكذا الحال مع تركيا وأما ببقية الدول العربية فحقيقة هناك تواصل كبير جداً بالاضافة للتحالفات الأخرى التي خلفت وراءها أجساماً مثل عاصفة الحزم وغيرها من التحالفات المتعددة ويضيف أبوبكر أنه حتى الاوروبيين لا يهمهم أمر الشعب كما هو معروف وإنما المصالح الخاصة ولغتها هي التي تتحكم في العلاقات بينها والحكومة السودانية. هناك أسباب يرى المجتمع الدولي أنها حقيقية ولابد من أن يتعامل على أساسها معها وقد مكنت هذه الأسباب المتعامل بها مع المجتمع الغربي والاوروبي حكومة الانقاذ من أن تستمر لفترة طويلة يكون فيها المستفيد هو الشعب الأوروبي.

صحيفة الانتباهه.

تعليق واحد

  1. ويضيف سيادتو عبدالعال بقوله
    اي لغة هذه التي تكتب هذه الصحيفة؟؟؟؟؟؟؟؟
    لا لغويا ونحويا واملائيا فيها شيء صحيح