الوحدة بين الشمال والجنوب .. إشارات في الأفق
إذا كان خيار الجنوبيين في العام 2011 بعد اتفاقية نيفاشا قد اتجه صوب الانفصال عن السودان الوطن الكبير بنسبة فاقت 96%، فهذا يعني أن مستويات رفض الوحدة كذلك كانت حاضرة وهو أمر منطقي بالنظر إلى طول الحرب الأهلية السودانية التي بدأت منذ سنين طويلة أفنى فيها الطرفان الشمالي والجنوبي المال والبنون ولكن الحرب المنتصر فيها خاسر وبالطبيعة البشرية والسوابق التي كانت حاضرة في الامة منذ زمن بعيد لم يكن للحرب ان تستمر واذا كانت (داحس والغبراء) التي تعتبر اطول حرب في التاريخ قد توقفت وتوصل الطرفان فيها لاتفاق يرضيهما فما بال الشمال والجنوب والتي انتهت الحرب بينمها باتفاق (نيفاشا) واذا كان الشمال والجنوب قد اتفقا بعد اكثر من خمسة وعشرين عاماً من الاقتتال بالاحرى ان يتفق ابناء الجنوب انفسهم وإن طالت الحرب سيما وان الجنوبيين قد اتفقوا كما لم يتفقوا من قبل على أمر كالانفصال ومع ذلك فثمة حديث يدور خلف الكواليس السياسية الدولية والإقليمية والمحلية السودانية منها الشمالية والجنوبية حول خيار إمكانية العودة للوحدة كخيار مرة اخرى وهو الأمرالذي تنبّأ به محللون قبيل الانفصال، حيث اكد البعض منهم أن الانفصال هو السبيل الوحيد للوحدة واذا كان الجنوب قد اختار الانفصال من قبل بطوعه وارادته فكانت تجربة الانفصال ما وصل اليه الحال الجنوبي بينما يستحيل أن تفرض الوحدة باتفاقات سياسية ضاغطة لا تراعي ثقافة الجماهير وتعبئتهم النفسية ومؤشرات الغضب التاريخي المخزون في نفوسهم نتيجة الكثير من الاخطاء السياسية التي اوصلت البلدين الى هذه المرحلة المتأخرة من التنمية والاقتصاد المنهار، بينما ثمة مؤشرات داعمة لصالح الوحدة اذا وجدت من يدعمها سياسياً لصالح البلدين سيما اعتماد قطاعات واسعة من الجنوبيين على نمط حياتهم الشمالي خاصة الجانب الاقتصادي واستمرار خطوط التواصل الإيجابية مع قطاعات شمالية واسعة بالمصاهرة أو المشاركة التجارية وغيرها. عليه تظل اشارات الوحدة بين الشمال والجنوب تلوح في الافق ويهمس بها السياسيون على استحياء ولكنها السياسة يتفق المتخاصمون حيث المصالح والمنفعة متى ما تحقق ذلك متناسين مرارة الامس وينشدون مستقبل الغد .
وحدة اللغة
وتظل اللغة العربية و تشكيلاتها المحلية المسمّاة بـ( عربي جوبا) العاصمة الجنوبية جوبا حيث لا تستطيع معظم القبائل الجنوبية التفاهم مع بعضها إلا بهذه العربية بسبب كثرة الالسن واللغات التي تصل لأكثر من ستين لغة محلية ولم تستطع اللغة الإنجليزية التي اتخذتها حكومة الجنوب لغة رسمية أن تحل محلها بسبب انهيار التعليم وعدم استقرار البلاد، ولذلك تجد معظم الزعماء الجنوبيين يخاطبون شعبهم بهذه العربية فيما اصبح الحضور القوي للدين الإسلامي الذي تقدره أوساط رسمية بنحو 20% فيما تتحدث مؤسسات الدعوة الإسلامية التي كانت عاملة في الجنوب بأنها تزيد عن 35% وأنها تزيد عن نسبة المسيحية فيما تشكل الديانات المحلية النسبة الأكبر ولكن يظل الخطأ الاكبر ان الحكومة السودانية عملت في مرحلة التفاوض قبل نيفاشا ثم في مخرجات التفاوض عبر الاتفاقية الموقعة بين الطرفين على تثمين خيار الوحدة واسناده والترغيب فيه ووضعت مسارات إيجابية لذلك فيما خاب أملها جداً عندما ظهرت نتائج الاستفتاء الشهير والذي كانت خيارات الانفصال فيه بنسبة كبيرة وغير متوقعة وقد عملت الحكومة على تعزيز خيار الوحدة بإهمال إمكانية ظهور الخيار البديل الذي لم تستعد له جيداً اعتماداً على تأكيدات الزعيم ( جون قرنق) والذي رحل قبل الاستفتاء فتداخلت الخيارات ما ادى لظهور الجانب الانفصالي .
لا مستحيل للوحدة
القيادي الجنوبي المعارض ورئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، دكتور لام أكول، قال خلال مؤتمر الخرطوم الذي وقعه فرقاء الجنوب الايام الماضية ان شمال السودان وجنوبه يريدان من بعضهما التعايش بسلام حتى تنساب التجارة وينتعش الاقتصاد وان تستمر الحياة بصورة طبيعية مضيفاً ان هذه الاشياء كانت موجودة قبل ان يصبح جنوب السودان دولة لذلك فان كل طرف يطلب من الاخر الاعتراف بالواقع قائلاً نحن نحتاج بعضنا وجنوب السودان يحتاج للسودان وهو الامر المفروض، مشيراً ان الامر الطبيعي ان تكون الحدود مفتوحة بين الطرفين الشمالي والجنوبي وعندما يأتي السلام لابد ان تعود الامور الى نصابها الطبيعي وكشف لام ان كل اشكال الحكم تأتي من خلال الممارسة بينما المانيا وفرنسا دخلتا في حروب شرسة في تاريخهما اما الان فرنسا والمانيا هما اللتان تقودان الاتحاد الاوروبي فيما انقسمت المانيا اثناء الحرب ولم يتخيل احد انها في يوم من الايام ستتوحد وان جدار برلين سيسقط عليه فان المصير التاريخي تتحكم فيه المصالح المشتركة والواقع الموجود على الارض، لذلك فاننا لا نستبعد في يوم من الايام ان السودان وجنوب السودان سيبرمان اتفاقيات ربما تؤدي الى تقارب اكثر مثلما فعلنا مع مصر والتكامل الذي اذا نجح يمكن ان يقود لاتحاد كونفيدرالي والكنونفيدرالية يمكنها ان تقود لوحدة ولا شيء مستحيل .
آمال الشعوب
بينما أكد عدد من مواطني جنوب السودان ان خيار الانفصال لم يكن هو الخيار الامثل ولكنها السياسة التي فرقت بين ابناء الوطن الواحد املين اذا لم تتحقق الوحدة مرة اخرى ان يعيش الطرفان في تواصل وترابط وتماسك يجعل من الدولتين ذات اهمية كبرى في المنطقة من خلال استغلال الموارد المتاحة للدولتين، مناشدين حكام الدولتين بالعمل لاحلال السلام بين الطرفين وفرقاء دولة الجنوب، مشيدين بمؤتمر الخرطوم الذي اوقف الحرب بين فرقاء الجنوب .
صحيفة الانتباهه.
طيب يا ناس الانتباهه مش انتم نفسكم من هللتم للانفصال
الان تغير رايكم
والله محن سوداني