تزرع حنظلاً لتجني تفاحاً!
* قيل إن اشتباكاً حدث ذات يوم بين أحد المحامين وامرأة سليطة اللسان، فقال لها المحامي (يا مرة انت غلباوية كدا مالك) فقالت له: (انت الغلبة والحجج شايليها شنطة وفاتحليها مكتب).. والشيء بالشيء يدفع..
* أستطيع أن أدفع بهذه المسوغات في وجه الذين يتهموننا بالتوغل في الشأن المصري كثيراً، فعلى الأقل أن الشقيقة مصر قد خصصت منذ وقت بعيد قسماً باكمله للسودان في مؤسسة الأهرام الإعلامية، وعلى طريقة تلك المرأة المحجاجية (مصر عاملة للسودان مكاتب وموظفين) وإدارة متخصصة بأكملها..
* ذلك لتداخل المصالح وتشابك المشتركات والمصائر والأشواق والطموحات، فكل حياة الشقيقة مصر تمر من هنا عبر النيل، وكل مصائر الأمة وأشواقها بيد مصر (الدولة المحور) والتي إن أشهرت سيفها فإن كل السيوف العربية من المحيط إلى الخليج تشهر، وإن صالحت تعود كل السيوف إلى أغمادها، فأخبرني، يا رعاك لله، أين تقف مصر أخبرك أين تقف الأمة.
* لم يسعدني أن ينجب المسرح السياسي والفكري المصري في كل يوم (حركة جهادية) جديدة تفتأ تدشن مسيرتها بعملية إجرامية جديدة ويهتز لها كل الكيان العربي.. وأنا أكتب هذا المقال بين يدي ميلاد حركة جهادية جديدة أطلقت على نفسها اسم (أجناد) ابتدرت عمليات إشهار اسمها وعهدها بتفجير استهدف شرطيين مصريين بريئين لا ذنب لهما.
* وستنضم ـ لا محالة ـ حركة (أجناد) الجديدة هذه إلى أخواتها من الحركات. ويذكر في هذا السياق حركات (ولع) وأنصار بيت المقدس وغيرهما من المسميات الانتحارية. برغم بعض الريب التي يقول بها البعض بأن بعض العمليات هي من صنع النظام، سيما تلك التي حدثت بين يدي ذكرى الثورة حتى لا تخرج الجماهير إلى الميادين والطرقات.
*تقول بعض المصادر إن عدد القتلى المصريين من (فض ميدان رابعة) وحتى يوم (أجناد) هذه قد شارف الخمسة آلاف شهيد، وإن عدد المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات الثورة الأخرى قد بلغ حتى الآن خمسة عشر ألف سجين.
*وبحسب بعض الرؤى الاستراتيجية والقراءات المنطقية والتي احتفلنا بها كثيراً في هذه الزاوية، هي أن الذي يزرع الحنظل لا يجني بطبيعة الحال تفاحاً، الموت يصنع الموت والعنف لا ينجب إلا العنف المضاد، على أن هذه الحركات الجهادية التي تعلن عن نفسها يومياً هي حصاد طبيعي لما يزرعه النظام المصري الراهن.
* فحتى الولايات المتحدة الأمريكية وهي تدين العنف وعمليات القتل والتنكيل بالمعارضين، لم تكن تنتمي (لجماعة الإخوان المسلمين) التي انتقلت من دائرة المحظورة إلى الإرهابية، لكن واشنطن تدرك قبل غيرها أن هذا العنف الرسمي الممنهج سيضع أهم منطقة أمام الاحتمالات (الإرهابية) الشرسة، وذلك مما يعرض (أمن اسرائيل) إلى الخطر في حالة تفشي عمليات الفلتان الأمني…. و… والعنف لا يولد إلا عنفاً!
* لئن كان الذي يتحدث مجنوناً فليكن المستمع والمشاهد عاقلاً، فآلاف الخطب والبرامج التي تبثها القنوات الخاصة التي يمتلكها رجال أعمال مبارك لم تستطع أن تلغي عقولنا وتجعل المنطق يذهب في إجازة مفتوحة.
* لا يمكن أن تلغي حكماً ديمقراطياً يستند على ستة استحقاقات انتخابية نظيفة بقرار من وزير الدفاع، ثم تجعل من المؤسسة العسكرية حزباً بامتياز مرشحه السيد المشير السيسي ذات الرجل الذي صادر ديمقراطية الآخرين.
*لن يستقيم الأمر في ارض الكنانة إلا بمصالحة وطنية كبيرة وشهيرة، يخرج على أثرها المنتخبون من السجون ويعود فيها العسكر إلى ثكناتهم، لأن البديل المنطقي هو (كفر الإسلاميين بصندوق الانتخابات) وإيمانهم بـ(صندوق الذخيرة) الذي يرفد كل يوم حركة جهادية جديدة.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي