حسم القطاع السياسي للمؤتمر الوطني موقفه وأعلن البشير مرشح الحزب في انتخابات 2020، لكن قرار القطاع يثير جدلاً حول الاختصاصات
لم يكن ضمن الأجندة المحددة سلفاً، إلا أن عبد السخي عباس القيادي بالحزب عضو القطاع دفع بمقترح يفضي بأن يقرر القطاع السياسي إعادة ترشيح البشير لدورة رئاسية ثالثة في انتخابات 2020، وتأتي خطوة “السياسي” هذه كأول قرار رسمي من قطاع كبير داخل المؤتمر الوطني يخرج هذا الموقف، وإن كان في السابق تبارت أمانات مختلفة وواجهات كثيرة في تأكيد موقفها الداعم لإعادة ترشيح البشير، وكذا فعل ولاة في ولاياتهم وحشدوا لذلك بالإضافة إلى إشارات من قوى سياسية متحالفة مع الحزب الحاكم، إلا أن ما أظهره “السياسي” يمثل الرأي الأكثر قوة وتأثيرا داخل مؤسسات الحزب، من واقع أن القطاع دائما هو المعني بالمبادرات وطرحها إلى باقي المؤسسات للتبني والتأييد، وهذا ما أكده عمر باسان الأمين السياسي في تصريحات صحفية بقوله “هناك كثير من الأصوات العالية التي تنادي بإعادة ترشيح عمر البشير للرئاسة من داخل صف المؤتمر الوطني، وكثير جدا من القوى السياسية والفعاليات المجتمعية”.
(1)
ومع ذلك فإن القطاع السياسي ليس هو الجهة المعنية بهذه القضية وفقا للنظام الاساسي ولوائح الحزب، لكنه يمكنه ان يبادر كما فعل، وذلك لأن أمر ترشيح مرشح الحزب للرئاسة من مهام المؤتمر العام بتوصية من مجلس الشورى القومي الذي يسبق قيام “العام”. يقول أمين حسن عمر في تصريح مقتضب لـ(اليوم التالي) أمس ان “القطاع السياسي غير مختص بهذه القضية” ويناى امين بنفسه بعيدا عن الجدل رافضا تفسير دوافع القطاع في هذا التوقيت، ويضيف “لا أريد ان ادخل معهم في جدل او تفسيرات لكني اقول القطاع غير معني بذلك”، لكن في آخر اجتماع للشورى كانت كل المعطيات تدفع في اتجاه ان يتبنى المؤتمرون القضية ويعلنونها صراحة في البيان الختامي، الا ان اللحظات الاخيرة حسمت ذلك وتم سحب التوصية من البيان، وكانت تلك آخر محاولة من مؤسسة كبيرة كالشورى لكنها لم تفلح، ولكن خطوات السياسي هذه وفقا لمؤشرات كثيرة ستعيد الكرة إلى ملف مؤسسات الحزب مرة اخرى ،سيما مع اقتراب الفاصل الاخير من هذا الملف والذي سينتهي في ابريل من العام 2019، موعد قيام المؤتمر العام، والمعروف ان القطاع سيدفع بهذه التوصية إلى المكتب القيادي الذي بدوره يعتمدها قرار ثم يوصي بها إلى مجلس الشورى الذي يصادق عليها ويرمي بها هو الآخر إلى المؤتمر العام الذي من حقه اعتمادها كقرار أو رفضها ومن ثم الدفع بثلاثة مرشحين يختار من بينهم “العام”.
(2)
ويبدو واضحاً أن القطاع السياسي يخطط الآن إلى تلك المراحل ويسوق الأمر بهذه السلاسة إلى محطته النهائية حتى يجنب الحزب مشقة بروز خلافات حادة في مؤتمره العام، وهذا ما تظهره كلمات باسان الذي قال “مؤسسات الحزب بهذه المبادرة التي ابتدرها القطاع السياسي ستجد حظها من النقاش المتواصل في القطاع ثم المكتب القيادي ثم مجلس الشورى لحسم هذه القضية”، إلا ان الشاهد الآن ان هناك اصواتا متعددة داخل الحزب الحاكم ضد اعادة ترشيح البشر بعضها اظهر رأيه كأمين حسن عمر الذي قال في مدونة كتبها على صفحته في الفيس بوك مؤخرا وهي جزء من مدونات كثيرة وآراء مباشرة قالها الرجل في هذا الشأن. يقول أمين “كنت اعتقد أن عدم ترشح الرئيس في الدورة الحالية رغم أن ترشحه كان دستوريا، كنت اعتبره غير مناسب مع روح وثيقة الإصلاح التي اقتضت التغيير سبيلا للتطوير، ولا أزال على ذلك الرأي ولن يضر احد مخالفتي وقد نزلت على الرأي الجماعي لأنه موافق للدستور”. ويضيف أمين “وأما الآن فإن الدعوة لإعادة ترشيح الرئيس مردودة فهي “مخالفة للدستور”، كما أوضح الرئيس نفسه في لقاء العربية والدعوة لتعديل الدستور لإتاحة ذلك رأينا عواقبها لدى آخرين، كما أن الرئيس والحزب في غنى عنها”، ومثل أمين هناك آخرون يتحدثون في السر في مجموعات ربما يكنشف تأثيرها عند المؤتمر العام الذي يضم اكثر من 6 آلاف عضو في حالة من الشد الجذب وتمايز الصفوف، من واقع ان هذا العدد الكبير من الناس يأتي من مناطق مختلفة ويحملون آراء متباينة مما يصعب السيطرة عليهم.
(3)
إلا أن ثمة خطوات حدثت في الوراء قليلاً قبل اشهر مضت كان مسرحها الولايات، يمكنها ان تبدد هذه المخاوف وتجعل من جملة عضوية “العام” يبصمون في دفتر التوصية الرامية إلى إعادة التجديد، وذلك لأن اعضاء المؤتمر هم بالأساس عضوية الحزب في الولايات، وهذا يعني ان للولاة دورا مهما في تكوين وجدانهم ورأيهم النهائي، خاصة وان مؤتمرات الولايات ستسبق قيام المؤتمر العام، هذا إذا اخذنا في الاعتبار ان الولاة الآن هم معينون من قبل الرئيس، وان سلطة ادارتهم مملوكة له مباشرة، وهذا يجعل من امكانية الحشد والتأييد المطلق أمرا واردا قد لا تفلح معه مجموعات الضغط والرأي المخالف.
اليوم التالي.
إذا ترشح سوف يفوز واذا فاز فلن يكمل مدته في الحكم ….