تحقيقات وتقارير

تأخر تعيينه كثيراً محافظ بنك السودان المركزي .. البحث عن رؤية مختلفة

تباينت آراء كثير من الاقتصاديين حول تأخر تعيين محافظ جديد للبنك المركزي خلفا للمرحوم الدكتور حازم.. فبعد مرو ر أكثر من شهر ونصف تقريباً على فراغ منصب المحافظ الذي كلف به مساعده الأول مساعد محمد أحمد يرى البعض أن المطلوب رؤية مختلفة بألا يخضع قرار التعيين لمؤشرات سياسية بل لابد أن تتم المعالجه في إطار الكفاءة والمهنية التي تعطي المركزي الاستقلالية. فيما يرى آخرون أن البنك المركزي ليس بحاجة إلى عقلية موظف مصرفي في ظل ظروف السودان الراهنة. فيما يطالب آخرون بالإسراع في تعيين محافظ ليمارس واجباته الكبرى حسب قانون بنك السودان وقانون تنظيم العمل المصرفي.

والشاهد أن تأخر تعيين محافظ للبنك المركزي يلقي بأعباء كبيرة على الاقتصاد السوداني في هذه المرحلة، فبعد مرور أكثر من شهر على خلو المنصب يقول اقتصاديون إن تأخر إيجاد شخصية لإدارة الشأن النقدي في البلاد يشير إلى وجود مشكلة في اختيار الشخص المناسب.. ويقول الاقتصادي خالد التجاني النور لـ”الصيحة” إنه وبعد هذه الفترة الطويلة فإن تعيين المحافظ الجديد يقود لطريقين أولهما على أي أساس أو حيثيات يقودنا الاختيار، مبيناً أنه ليس من المعتاد أو الطبيعي أن يظل المنصب شاغراً كل هذه الفترة لأهميته في ظل الظروف التي يعيشها السودان اقتصادياً، والأمر الثاني الذي يفترضه التجاني يرى بوجود حالة حيرة كبرى قابعة في أدراج المسؤولين في كيفية الاختيار إلا أنه يستحسن هاتين الحالتين باعتبار أنه كلما تأخر التعيين جاء بالشخصية المناسبة بدلاً عن الإسراع موضحاً أن إحدى الإشكاليات التي تواجه القائمين على الأمر في ظل الأزمات المعايير، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأحد الملفات الحساسة والتي تحتاج إلى معايير وكفاءة شخصية ذات نظرة نافذة خاصة في ظل وجود مشكلة في السياسة النقدية والتنسيق بينها والمالية، واعتبر التأخير أكثر رحمة، إلا أنه تخوف من أن يأتي التأخير بشخصية تسير تبعاً للسياسات الماثلة.

وتساءل الدكتور خالد التجاني عن المعايير المطلوبة، وأجاب بدوره: لابد من إيقاف عملية التدوير التي ظلت سائدة، بل يرى أننا بحاجة إلى عقلية تطرح أفكارًا جديدة، وبالضرورة تتحلى بالكفاءة وتمثل استقلالية البنك المركزي على ألا يخضع لجوانب سياسية.

وأعتبر أن أي خلل يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية تحجّم القادم الجديد من القيام بفتح آفاق غير عادية. وأشار إلى نماذج في دول أخرى بقوله: مثلاً محافظ البنك المركزى البريطاني “كندي”، مبيناً أن بعض الدول تظل تستعين بكفاءات لأنها تتميز بقدرة وخبرة تطرح حلولاً وتفكر خارج العقلية الموجودة.

أما الدكتور عادل عبد العزيز الفكي فيرى أهمية الإسراع بتعيين محافظ جديد في ظل الأوضاع الحالية التي تتطلب الأوضاع الاقتصادية النقدية حتى يستطيع أن يمارس الواجبات الكبرى حسب قانون بنك السودان وقانون تنظيم العمل المصرفي، لأن المحافظ المعين رسميًا يكون على ثقة من أنه يمتلك الصلاحيات والفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ ما يخطط له من سياسات عكس من يكون مكلفاً بصورة مؤقتة.

كثير من المتابعين يرون أن المرحلة المقبلة تتطلب توافقاً بين وزارة المالية والبنك المركزي على أن تخلو المرحلة من النظرة السياسية تتغلب فيها المهنية الاقتصادية توطئة للوصول إلى إصلاح في السياسات النقدية والتي وصل فيها الجنيه إلى اضعف قيمته لاول مرة فى تاريخ السودان.

ويقول الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي إنها مرحلة الرجل المناسب في المكان المناسب، لكنه يرى أنها ستكون مشوبة فى المقام الأول بالضغوط السياسية لوزارة المالة والبنك المركزى .واضاف بقوله إذا أردنا إصلاحاً لابد من التخلص من تلك الضغوط على أن يتم تقديم شخص يقدم حلولاً وبدائل دون الاستجابة للضغوط السياسية حتى تكون الآثار السالبة قليلة، ويضيف: إذاً الجديد في اختيار المحافظ الجديد هو مواجهة التحدي في كيفية إدارة المؤسسة “البنك المركزي” بمهنية إضافة إلى وجود تناغم بين السياسات المالية والنقدية لأجل الدفع بالعملية الاقتصادية إلى الأمام.

ولكن الناير يُطالب في حديثه لـ”الصيحة” بأهمية إعادة النظر في السياسات الاقتصادية الحالية المصاحبة لموازنة العام المالي 2018م باعتبار أن التراجع الكبير الذي شهده الاقتصاد في ميزانه التجاري الداخلي والخارجي يتطلب إعادة في النظر مع استصحاب تسهيل وتشجيع قنوات تدفق النقد الأجنبي مع زيادة في الصارات لتضييق العجز مع التفكير الجاد في إنشاء بورصة للذهب والمعادن.

أما الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان فيقول إن تعيين محافظ جديد في الوقت الراهن لن يلعب دوراً كبيرًا في تغيير السياسة النقدية الحالية باعتبار أنها في بدايات التطبيق ولم تؤت أكلها بعد، ولم تكتمل معالمها، لذا يصعب على القادم الجديد إحداث تغييرات لأنها في منتصف الطريق، ويرى أهمية مواصلة المحافظ القادم على تلك السياسة، فإذا كان هنالك تغيير متوقع فهو يكمن في كمية الحماس وعدمه في التطبيق، حيث تلعب القناعة بها دوراً كبيراً والتي تتطلب تشديداً للمصارف في تنفيذها خاصة فيما يتعلق بتحجيم السيولة لتقليل التضخم.

واعتبر الفاتح لـ”الصيحة ” أن الهدف الأساسي للمحافظ القادم هو الاستمرار في تلك السياسة، وهي في منتصف الطريق، ويفضل أن يكون القادم من خارج البنك المركزي لأن المسألة تحتاج إلى رؤية غير مقيدة بإدارات وظيفية من الداخل والتي قد تتسبب في محدودية إطار الرؤية مستشهداً بتعيين قانوني محافظاً للفيدرالي الأمريكي كان ممارساً في سوق الأوراق المالية، وعضواً في مجلس الاحتياطي الأمريكي قد نجح بدرجة كبيرة، وقال: نريد شخصاً يتمتع برؤية أوسع مطلوبة لنهضة الاقتصاد السوداني.

وكان محافظ البنك المركزي حازم عبد القادر قد أصدر في 31/12/2017 سياسات بنك السودان المركزي للعام 2018 والتي تعد المرجعية الأساسية لخطة البنك المركزي والجهاز المصرفي في العام 2018 هدفت إلى تحقيق الاستقرار النقدي والمالي للمساهمة في تحقيق الأهداف العامة للدولة والموازنة والمتمثلة في تحقيق النمو المستدام وتشجيع الإنتاج والإنتاجية لزيادة موارد البلاد الداخلية والخارجية والإسهام في سد عجز الموازنة وتوفير موارد النقد الأجنبي لمقابلة احتياجات البلاد الخارجية من السلع والخدمات.

وكانت وسائل إعلام تحدثت عن قرب تعيين المحافظ المكلف مساعد محمد أحمد محافظ لبنك السودان المركزي، إلا أن وسائط أخرى قالت بتدارس الجهات المختصة تعيين محافظ للبنك المركزي رشح من بينها تعيين الدكتور حسن أحمد طه الذي أعفي من منصبه باعتباره مفاوضاً رسمياً لانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية.

تقرير: عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة