زهير السراج

جهاد، نصر، شهادة !!


* يتناول الموسيقار الدكتور محمود ميسرة السراج من حين لآخر بمواقع التواصل الاجتماعى، خاصة (الفيس بوك) موضوعات جديرة بالقراءة والتأمل ، تتعلق بحياة الناس وسلوكهم فى السودان .. هذا السلوك الذى طرأت عليه تغييرات سالبة كثيرة جدا فى السنوات الثلاثين الأخيرة، وغلبت عليه الأنانية والنفاق والجبن والكذب والخداع لدى الكثيرين، للأسف الشديد !!

* تجدون فى هذا المقال القصير، عدة موضوعات، لا اريد التعليق عليها أو الإشارة إليها قبل أن تروها وتحكموا عليها بأنفسكم، وربما تشاركونا بموضوعات أو ظواهر مماثلة، تفتح المجال لنقاش واسع حولها .. وأعد بالنشر والتعليق، إن شاء الله!

شعارنا:جهاد نصر شهادة
هل تذكرون هذا الشعار؟
إليكم ما حدث:

الدكان الجمبنا من الصباح بيرمي طعمية..هذا الدكان على مرمى حجر من مدرسة النيل النموذجية للبنين، وهي مدرسة اساس حكومية في ام درمان شيدها السكان في مدينة النيل واحياء الثورات المجاورة (الحارة العاشرة والتامنة والرياض والساتة وما الى ذلك) ، وبدأنا مؤخرا نسمع اسماء طلبتها ضمن المائة الاوائل الذين تتم اذاعة اسمائهم عند اعلان نتائج امتحانات شهادة الاساس.. المهم

امبارح بتي (اولى ثانوي) اشتكت من انو ما قادرة تشتري فطور من المدرسة عشان البنات الكبار بيزحموا الحتة قدام البوفيه وما بيدوا فرصة للبنات الاقل حجما يشتروا لغاية ما تنتهي فسحة الفطور..الليلة من الصباح قلت امشي الدكان اجيب ليها سندوتش طعمية تشيلوا معاها المدرسة..اها وانا في الدكان سمعت مايكرفون مدرسة النيل يلعلع:
الاستاذ: شعارنا
الطلبة: جهاد نصر شهادة
الاستاذ: شعارنا
الطلبة: جهاد نصر شهادة
الاستاذ: شعارنا
…………………….. واستمر الصوت..استغربت جدا..استغربت..كيف يستخدم شعار حزبي يخص (الحركة الاسلامية) في مدرسة تخص كل الناس؟ مدرسة اشترك في تشييدها المواطنون، كل المواطنين باختلاف انتماءاتهم بمن فيهم اسرة العبد لله كاتب هذه السطور..كيف يُجبَر ابناؤنا في هذه المدرسة على ترديد شعارات الاخوان المسلمين؟ وبأي حق وبأي منطق!!

ولأن الموضوع كان مستفزا جدا فقد نسيت أمر الطعمية وشققت طريقي الى داخل المدرسة.. في تلك اللحظات كان الناظر الهمام الذي يمسك بالمايكرفون قد وصل الى الصيحة التالية:
تكبير..تهليل..تكبير
هالني ان اجد الابناء الصغار في طابور الصباح يلوحون بسباباتهم بنفس تلك الطريقة التي فقأت عين الوطن ثلاثين عاما وهم يرددون خلف ناظر منتفخ الاوداج كلما صرخ تكبير ، الله أكبر وكلما صرخ تهليل،لا اله الا الله!!.

عدت الى المنزل منقبض القلب وقد هاجت احزان ثلاثين عاما في نفسي دفعة واحدة..لم يعيدني الى الواقع الا منظر ابنتي وهي في حالة هياج: بابا اتأخرنا..الليلة حيدقوني..

اصبح واجبا علىَّ ان ادخل معها الى مدرستها للاعتذار عن التأخير..حكيت للمديرة سبب التأخير، وكان واضحا انها لم تستوعب كلامي لانها كانت تنظر الي وكأنها تنظر الى شبح..اكتفت بان (لزت البت من ظهرها) باتجاه الفصل وهي تقول: اجري خشي الفصل الحصة بدت.

ايوة يا أستاذة الحصة بدت..بدت زمان شديد..بدت من تلاتين سنة..بدت بدت بدت بدت….!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. لولا الشعار ده كنت حترجع بلدك مزعوط يا بقايا المستعمر انت وأهلك.