رأي ومقالات

“علي مهدي” يكتب عن فيلم “المنطقة الصناعية”

الفيلم الروائي القصير المنطقة الصناعية للمخرج “أبوبكر الشيخ”، كان مخرجنا الفرنسي الكبير (ليلوش) يكتب في ملصقات أفلامه في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تزاحم فضاء (باريس)، في المترو أو صالات العرض الفخيمة في الشارع الأشهر (الشانزليزيه)، أقف لساعات للمشاهدة، وكان يكتب هكذا فيلم لي (لليلوش)، وأعجبتني الحكاية كثيراً وأتيح لي بعدها لقاء معه حيث اعتاد أن يعقد جلسات العمل، المقهى غير بعيد عن نهر (السين) يتوسط الطريق بينه ومبنى معهد العالم العربي، حضرت معه جلسة عمل لواحد من أفلامه ورد على سؤالي، (هو فيلمي، فكرتي، القصة من عندي، لكن كتابة المشاهد للتصوير (السيناريو) كتبه آخر، فهو فيلم لي).

وفيلم المحطة الصناعية عندي هو كله “لأبوبكر الشيخ”، وكتابة متقنة لكاتب أصبحت انتظر أعماله، وهي تؤشر الآن لكاتب تمثيلي مفن، مجدد، يترك تأثيره على مشهد فنون الأداء الحبيب الأستاذ “أحمد عجيب”.

“أبوبكر الشيخ” صاحب الفيلم الروائي القصير الذي بث عبر فضائية سودانية ٢٤ أيّام العيد ترك عندي أكثر من إشارة أهمها تأكيد القناة لاهتمامها بعرض الفنون التمثيلية، وهي تنتقل الآن لأعمال تمثيلية أكثر إتقاناً وجودة وصناعة وحرفة متقنة في كل مستويات صناعة الشرائط التمثيلية، وهو أمر يجد عندنا التقدير لنذهب معا نحن وهم نحو تطوير صناعة الأفلام الروائية خاصة ما يتصل بشراكاتها المتوقعة مستقبلا لا في البث لكن في الإنتاج.

فيلم “أبو بكر الشيخ” المنطقة الصناعية، يطابق عندي فكرة صناعة الأفلام التي تبحث عن جمهور خاص وفيه إشارات إلى مدى تقدم الرؤية لدى مخرجنا “أبو بكر الشيخ” يعبر عن تطور ملحوظ في استخداماته لكاميرا حُرة تتحرك وفق رؤية تعرف عن ماذا تبحث، هو يجدد في كل لقطة عن زوايا بالغة التأثير على صناعة المشهد فيحرك متكاملا يدفع المتفرج للتمسك بمقعده في انتظار البقية دون ملل، ساعد على ذلك الفريق التقني وأعلم أنهم ظلوا على مدى السنوات الماضية يعملون معا، خلق ذلك تفاهماً مهماً، ومعرفة بلغة البصر، وتوافق بين المصور ومساعديه، ومدير الإضاءة، ثم في مرحلة المونتاج تتجلى حالات الاتفاق. الفيلم الروائي القصير ضم فريقاً تمثيلياً اتقن الأداء، وقدم شخوصاً محدودة الحركة في إطار المشهد، ولكنهم عندي عبروا عن وحدة في الأداء عبرت عن مستوى عالٍ في التشخيص.

الفيلم الذي أرجو أن يعاد بثه، وأن تدير القناة حواراً حوله يفتح الآن بينها وصناع الشرائط التمثيلية أبواباً تحتاج إلى كل الدعم، وتنقلها القناة إلى مرحلة متقدمة، شريكاً في صناعة فنون تمثيلية جديدة، تبشر باتجاهات جديدة في هذا المجال الحيوي الأهم.

وارفع عمتي لأهل القناة، للحبيب “وجدي ميرغني” المفن صاحب المبادرة (رجال الصناعة في دعم صناعة الفنون) والحبيب “الطاهر حسن التوم” وهو يختار هذا الفيلم الجيد الصنع هدية للمشاهد رغم أصوات الغناء الجميل وهي كثيرة أيّام الأعياد.

صحيفة المجهر السياسي.