تحقيقات وتقارير

تقليص الوزارات والمحليات.. مبررات الفكرة


تتجه الحكومة لتقليص المحليات وعدد من الوحدات الإدارية بجانب تقليص عدد الوزارات الولائية في إطار خطة جديدة تستهدف إعادة هيكلة الولايات والحكم اللامركزي، ومن المقرر أن تنتهي أعمال اللجنة ولجانها الفرعية القطاعية الستة من إعادة هيكلة المحليات قبل نهاية العام الجاري.

وتَقَلَّب الحكم اللامركزي ولائياً ما بين نظام المحافظات ونظام المعتمديات أو المحليات، حيث بلغ عدد الولايات قبل انفصال الجنوب عدد (26) ولاية على رأس كل ولاية نحو 6-7 محليات ليشكل العدد بعد الانفصال (18) ولاية ولكنها توسعت كثيراً على مستوى المحليات التي تجاوزت (133) محلية، وتشكلت محليات ووحدات إدارية جديدة وبلغ في بعض الولايات عددها 8 محليات وفي أخرى 14 محلية.

اجتماع ممتاز

وفي إطار قرار جديد بإعادة النظر في التجربة، اجتمع وزير الحكم المحلي حامد ممتاز أمس الأول باللجنة العليا لإعادة الهيكلة، وذلك بمقر الديوان بالخرطوم، وتتفرع عن اللجنة العليا (6) لجان قطاعية مهمتها إعادة هيكلة المحليات قبل نهاية العام الجاري. قبل هذا الاجتماع قدم الوزير ممتاز تنويراً كاملاً لولاة الولايات حول مشروع الهيكلة، وطريقة عمل اللجان وحمل التنوير توجيهاً مركزياً بتعامل الولاة ومستويات الحكم مع اللجان والتعاون معها. وفي اجتماعه مع أعضاء اللجنة، دعا ممتاز لضرورة وضع خطة لأعضاء القطاعات وتصور التحرك للولايات وجدول الأعمال لهذه اللجان التي سوف تبدأ دراستها للولايات الأسبوع القادم، وتوحيد خطة الدراسة والوصول إلى منهج علمي موحد يساعد في اتخاذ القرار ويدعم توصيات مؤتمر تقييم وتقويم تجربة الحكم اللامركزي في تطوير الحكم الفدرالي في السودان على أساس فني وعلمي مبني على أسس، مشيراً لضرورة وتوحيد خطة الدراسة والوصول إلى منهج علمي موحد للمساعدة في اتخاذ القرار.

لماذا الآن؟

توجه الدولة في تقليص المحليات والوزارات لا يبدو أنه ينفصل على برنامج إصلاح الدولة وتقليل الانفاق الحكومي وتبني نهج تقشفي، وبحسب إحصاء غير رسمي فقد بلغت جملة الدستوريين والتشريعيين بالولايات (1005) ولاة ووزير ومعتمد ومعتمدين برئاسة الولاية ومستشارين.. وكل هذا العدد اعتبرته الحكومة توسعة للمشاركة السياسية، واعتمدت فيه على معاير المحاصصة القبلية والإثنية والتمثيل الجغرافي، الأمر الذي ألقى بظلال وخيمة على الموازنة العامة للبلاد، وأسهم في رفع الانفاق الحكومي، وزيادة عدد الدستوريين بصورة اعتبرها كثيرون غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وفي مقابل ذلك تراجع مستوى الأداء التنفيذي والخدمي، وأصبحت الولايات والمحليات تعتمد بصورة رئيسية على الدعم المادى الاتحادي، الأمر الذي اعتبره خبراء في مجال الحكم المحلي سبباً في فشل التجربة وهز ثقة المواطن في المستوى الأدنى من الحكم.

مراجعة وانتقاد

من المؤكد أن الحديث عن إعادة هيكلة الحكم اللامركزي، لم يكن وليد قرار تكوين اللجنة العليا الخاصة بالمهمة، حيث سبقت هذا القرار نداءات عديدة، أطلقها خبراء ومسؤولون سابقون بضرورة إعادة النظر في تجربة الحكم اللامركزي، ووقف تمدد التجربة لضمان ترشيد الموارد وتوظيفها لمشروعات التنمية. وكانت آخر تلك الأحاديث، الانتقادات الشديدة التي وجهها مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني د. فيصل حسن إبراهيم خلال مداخلة له باللجنة السياسية المنبثقة من اجتماعات مجلس شورى الوطني في دورة انعقاده السادسة، حيث دعا فيصل لضرورة الشروع في إعادة هيكلة الحكم اللامركزي، وأجرى فيصل إحصاءً لعدد (17) محلية بأطراف البلاد المختلفة، ووصفها بأنها تفتقد لمقومات المحلية من النواحى الفنية والإدارية، وقبلها كان د. فيصل الذي شغل من قبل منصب وزير الحكم الاتحادي، أطلق انتقادات شديدة اللهجة للحكم المحلي وقال في أكتوبر عام 2017 إن هنالك فراغاً دستوريّاً في البنية التشريعية على مستوى الحكم المحلي، مؤكداً أن 189 محلية بالولايات تفتقر للأسس التشريعية المنتخبة. ووجدت مداخلته في الشورى توافقاً من قبل أعضاء اللجنة السياسية الذين طالبوا بضرورة تقليص عدد المحليات والوزارات الولائية والاستغناء عن مناصب وزراء الدولة ودمج الوزارات الاتحادية باستثناء الوزرات السيادية، وتحولت تلك المداولات لتوصية دفعت بها اللجنة لختام مؤتمر الشورى، وجرى تكتم عليها وتم إعلانها ضمن توصيات البيان الختامي.

وقائع المؤتمر

مؤتمر إعادة تقييم وتقويم تجربة الحكم المحلي الذي أُسدل الستار عليه قبل نهاية العام الماضي، يُعتَبر النواة التي تمخض عنها قرار إعادة هيكلة الحكم اللامركزي، وشهد المؤتمر مداولات ساخنة خاصة في محور السياسات والحكم المحلي التي ترأسها الوزير الأسبق للحكم الاتحادي د. نافع علي نافع، وقدم ورقة السياسات صلاح الدين بابكر، ودار النقاش حول سؤال مركزي لمقدم الورقة: هل كانت تجربة الولايات في إنشاء وتمويل وإدارة الحكم المحلي في السودان منذ العام 2006م وحتى الآن، تجربة ناجحة، وحققت أهدافها؟ وإذا كانت الإجابة بـ«نعم»، فما هو الدليل على ذلك النجاح؟ وإذا كانت الإجابة بـ«لا» فأين كانت مواقع الضعف في التجربة، وما هي أسباب الفشل؟ وما هو المطلوب الآن لعلاج جوانب الضعف في التجربة، وإصلاح الحكم المحلي مستقبلاً؟ وهل استفادت الولايات من حقها الدستوري، وأنشأت نوع الحكم المحلي الذي يتناسب مع ظروفها المحلية؟ وما هي المقومات الأساسية المطلوبة لنجاح الحكم المحلي؟ وهل وفرت الولايات تلك المقومات؟ وما هي الأهداف الأساسية للحكم المحلي؟ وهل نجح الحكم المحلي في الولايات في تحقيق تلك الأهداف؟. وأشارت الورقة – في نهايتها – إلى النتائج التي توصلت إليها بالأدلة والشواهد من واقع الأداء الفعلي للولايات والمحليات، والتي تشير إلى أن تجربة الولايات في إنشاء وإدارة الحكم المحلي في الفترة من 2006-2004م لا يمكن اعتبارها تجربة ناجحة، وأن الولايات لم تتمكن من توفير المقومات الأساسية المطلوبة للحكم المحلي، وعلى رأسها المشاركة الشعبية في إدارة الشؤون المحلية، وتقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية، وتحقيق التنمية المحلية.

الخرطوم: عبد الباسط ادريس
صحيفة السوداني.


‫5 تعليقات

  1. قرار سليم لكنه جاء متاخرا لاكثر من 8 اعواما . لماذا كل هذا البطء في التفكير .

  2. ده من المفترض لحكومه مترهله وصرفها اكثر من خدماتها وخصما على خدمات المواطن وهذه هى الحقيقة المرة يا اخوى ممتاز وايضا لا بد من تغير اسلوب السيارات الدفع الرباعى للمسئولين وتغيرها بجياد ولتكلفتها العاليه وتعتبر ترف وبذخ وعار علينا وكيف نمتطى سيارة دفع رباعى والطفل يموت من الجوع وسوء التغذية وفصول تتهاوى على رؤوس ابنائنا وحان الوقت للترشيد وقول كلمة الحق للجميع وتحويل الاموال الى تعمير المدارس والمستشفيات وعمل تسلسل هرمى لمن يستحق سيارة ونوعيتها بالدرجة الوظيفية ولا تدخل فيها اى نوع سيارة دفع رباعية لانها مكلفة وببلميارات ثمنها والاولى بها المواطن وهذا حق مشروع بان لا تصرف امواله هدرا وبدون حق لان بدل المواصلات معروف والسيارة معروفه والمهم دراسة الوضع لان تكاليف الحكم والحكومه مكلف ولا بد من عمل ترشيد ومعالم واضحة الوزير سيارة سوناتا كمثال الوكيل النترا والرؤساء اكسنت وهكذا وحتى لا نضيع اموال المواطن فى ترفيه والاولى بها انقاذ حياة الاطفال واعداد المدارس لهم وهذا هو الحق والحقوق تسترد والله المستعان وامل بان نسمع نقله نوعيه وحقيقية وحتى ينصلح الحال وهل تسمعون صوت الحق ؟؟؟ وهذه نقطة من كثير وغير التاثيث والمكاتب الفخمه 5 نجوم وهل حال البلد يدعى ذلك الترف ولا بد من عمل تفتيش ادراى لمعرفة ما يجرى فى الوزرات ونعم بالاثاث الوطنى والاحنبى المعقول ثمنا والخ

  3. ركزوا على العربات (الدستورية) ..دي هالكة البلد هلاك.

  4. الموضوع بسيط ما بحتاج الي لجان وتوصيات وجرجرة … تقيم التجربة في ظل الأوضاع الإقتصادية الحالية فاشل وزاد الطين بله

    المفروض إتخاذ القرار على طول بتقصير الظل الإداري على مستويات الحكم في الدولة … والتجربة القديمة موجودة يتم الرجوع اليها

    الولايات الكتيرة دي دي مافي ليها داعي .. مثلا كردفان كلها ولاية واحدة شمالها وغربها وجنوبها بوالي واحد ودمج للوزارات الولائية والعودة لنظام الضابط الإداري القديم ومافي داعي للمعتمد وملحقاته

    وأبدأوا لينا بالمجالس التشريعية الولائية وكذلك المركزية وتقليلها قدر الإمكان والإستفادة من الصرف على هذه السلطات في التنمية والإنتاج … وتنمية الريف وتقليل وألغاء بعض الجبايات وخلي الناس تنتج ..

    وكان دايرين المسؤولين يعزفوا عن الوظائف الكبيرة والدستورية ألغوا مخصصاتها وخلوا ناس الحزب يخدموا الدولة والحزب تطوعا ودون مقابل

    والله تعبنا من الحالة التعبانة للسودان في كل المجالات وأضعف الإيمان نكتب عبر هذه الأسافير عسى ولعل تجد من يقرأها

  5. اكثر شئ تبديد للموارد هو الحكم الفيدرالي ( بالله عايزين حاجة واحدة بس من ايجابيات الحكم الفيدرالي ) ذي ما بيقول حسين خوجلي السودان القديم ( من حلفا لنمولي ) كان بيحكمو انجليزي واحد بحصان