عادل الباز

عرس الدبلوماسية السودانية بأديس

1
يوم غد الخميس يوم عرس للدبلوماسية السودانية بأديس أبابا، إنه اليوم الذي سترى فيه القارة نجاح الدبلوماسية السودانية في تضميد جراحات الجنوب بمهارة. حق للدبلوماسية السودانية أن تفخر بإنجازها، هذا الإنجاز الذي هو جدير بالاحتفاء لم يجد ما يستحق من عناية. إنه الإنجاز الأكثر أهمية والذي لا يقاربة سوى إنجاز رفع العقوبات وهما إنجازان سيظلان علامتين مضيئتين في تاريخ الدبلوماسية السودانية. هذا الإنجاز مهم لأن الكل عجز عن تحقيقه.
2
خمس سنوات والقارة الأفريقية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها عجزت عن أن تجد مدخلا لوقف القتل في الدولة الوليدة التي زغرد المجتمع الدولي حين ولادتها ولكنه لم يذرف دمعة واحدة حين بدأت تنهار وتسبح في بحور الدم. عجز ـ ليس عن دعم الدولة التي ولدت على يديه ـ بل عجر عن وقف شلالات الدم ثم عجز عن إغاثتها. استمرت المأساة أمام أنظار الجميع والإيقاد تجتمع لتوقع الاتقافية تلو الاتفاقية بلا جدوى. والدم المسفوح على أرض الجنوب لا شيء يوقفه. انتهت القارة إلى عجز كامل ومعلن وإلى ذلك انتهى المجتمع الدولي، ولم يبق في جعبته إلا العقوبات التي لم تعد تخيف أحدا.
3
الاتفاق بين فرقاء الجنوب إنجاز تاريخي ليس للدبلوماسية السودانية فحسب بل لأفريقيا والمجتمع الدولي. أفريقيا التي تشقيها الحروب وتدفع ثمنها ليس دما فحسب بل بدفع مليارات الدولارات على إعاشة وإيواء اللاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود بسبب الحروب التي تجعل أمنها القومي تحت التهديد مما يدفعها لزيادة الصرف على الجيوش لتأمين الحدود فتذهب الميزانيات للأمن وتتوقف التنمية. فالحروب كما أنها مهدد عسكري، هي مهدد اقتصادي وسياسي.
الاتفاق هدية للمجتمع الدولي الذي ضجت منظماته بالشكوى من ضعف ميزانياتها وشح الممولين الذين لم يعودوا يكترثون لمأساة الجنوب. سيرتاح المجتمع الدولي من صداع الجنوب وربما وجد فرصة ليمد يد المساعدة للتنمية حالما رأى الاستقرار يعم أرجاء الجنوب.
4
الاتفاق الذي أنجزته الدبلوماسية السودانية سيساهم في تحسين صورة السودان الخارجية ويعلي مكانته في القارة الأفريقية ويعلن عن انتقالة من بلد موبوء بالحروب إلى بلد صانع سلام في القارة. إضافة إلى ذلك سيكسب السودان حدودا آمنة خالية من السلاح سواء أكان سلاح متمردين أم سلاح المتقاتلين في الجنوب. وأخيرا سيحقق هذا الإنجاز للسودان مكاسب اقتصادية تبلغ ثلاثة مليارات دولار هي العوائد المباشرة سنويا غير العوائد الأخرى من التجارة البينية وغيرها. هذا الإنجاز نحتاج إليه جميعا وسط إحباط عام وانعدام رؤية من الظلام الذي يلف البلد. مبروك الخارجية، إنه إنجاز يسعد وهو أولى ثمرات التفكير خارج الصندوق.

صحيفة اليوم التالي