تصرفات مالك فيسبوك تعرضه لخسارة أصدقائه
يبدو أن أي كاتب سيناريو لجزء ثانٍ لفيلم عن حياة الملياردير الشاب مارك زوكربيرغ لن يكفيه ساعتين فقط لحشد الزخم المتوالي من الأحداث والتطورات المتوالية في حياة مؤسس منصة فيسبوك للتواصل الاجتماعي الأكثر شهرة حول العالم.
إن خسارة مجموعة من المؤسسين في بدايات المشوار كانت إلى حد كبير أمرا مؤسفا، ولكن فقدان مبدعي أعمال تجارية للمرة الثانية في مشروع تقدر قيمته بمليارات الدولارات يبدو كأنه إهمال من جانب مارك، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك.
هزة قوية لفيسبوك
في وقت متأخر من يوم أمس الأول، تعرضت الشبكة الاجتماعية لهزة قوية بسبب مغادرة كيفين سيستروم ومايك كريغر، مؤسسي ومبتكري تطبيق إنستغرام، الذي قامت فيسبوك بشرائه مقابل مليار دولار في عام 2012، بحسب ما نشرته صحيفة “ذا تايمز” البريطانية.
باب دوار
جاءت الاستقالات المفاجئة بعد أشهر فقط من استقالة يان كوم وبريان أكتون، المؤسسين لمنصة رسائل واتساب، المملوكة أيضا لشركة فيسبوك.
وتورد صحيفة “ذا تايمز” وصفا لهذه الاستقالات المتوالية بأن باب مكتب مارك زوكربيرغ باب يشبه الباب الدوار للبنايات ولكن من يدخل منه يخرج إلى نفس الجهة خارجا منه مجددا، وأن الأمر يثير أسئلة جديدة حول إدارة زوكربيرغ لشركة فيسبوك، التي أنشأها في غرفة نومه في سكن الطلاب بجامعة هارفارد في عام 2004، والتي تواجه في الآونة الأخيرة سلسلة من الفضائح حول سياسات تعاملها مع البيانات الشخصية للمستخدمين.
تراجع أمام الأجيال الشابة
ومن المرجح أن التداعيات الأخيرة سوف تزيد المخاوف بشأن تباطؤ النمو في الشركة العملاقة التي تقدر قيمتها بـ 475 مليار دولار. تشهد منصة فيسبوك تراجعا أمام الأجيال الشابة حيث باتت الشركة تعتمد على إنستغرام لتواكب المنافسة القوية مع منصات جديدة مثل سناب شات.
ساكن البيت الأبيض مستقبلاً
حتى وقت قريب، كانت منصة فيسبوك تعتبر من أكبر المواقع للشبكات الاجتماعية في العالم ، وتخطى عدد مستخدميها الدائمين أكثر من ملياري مستخدم، كما كان الملياردير الشاب زوكربيرغ محبوبًا كواحد من كبار رجال وادي التكنولوجيا السيلكون فالي، بل وصل الأمر إلى تكهن البعض أنه يصبح رئيسا للولايات المتحدة في المستقبل.
تحطم البرواز الأنيق
ولكن، وقبل 6 أشهر تحديدا، تحطمت الصورة التي رسمها زوكربيرغ بعناية. ففي أواخر شهر مارس، كشف أحد البلاغات أن شركة كامبردج أناليتيكا، وهي شركة تحليل سياسية بريطانية عملت مع دونالد ترمب قبل انتخابات 2016، استخدمت 87 مليون ملف شخصي تم حصادها من فيسبوك دون موافقة مستخدميها لاستهداف الناخبين الأميركيين بدعايات انتخابية. كما تم الكشف عن أن فيسبوك علمت بهذا الخرق والاستخدام غير القانوني للحسابات الشخصية منذ 2015.
تضاؤل الثقة
وأدت تلك الأنباء، من وجهة نظر العديد من المستخدمين، إلى كسر روابط الثقة، وازداد الأمر سوءا عندما تبين عدم القدرة على منع نشر أخبار مزيفة. ويكافح زوكربيرغ، البالغ من العمر 34 عاما، لاستعادة مكانته واحتواء التداعيات التي أدت أيضا إلى تراجع سعر سهم الشركة في البورصات المالية.
نكوث بالوعد
لقد وقع صدام في أبريل الماضي بين كوم وزوكربيرغ على ما يبدو بعدما عارض كوم محاولة فيسبوك الوصول إلى المعلومات الشخصية لمستخدمي واتساب، البالغ عددهم مليار شخص. وتأتي هذه المحاولة رغم أن زوكربيرغ تعهد عند الاستحواذ على واتساب في عام 2014 مقابل 22 مليار دولار ، بعدم تغيير معايير الخصوصية الخاصة بالتطبيق أو استخدام قاعدة بيانات تطبيق واتساب لزيادة حصيلة الإعلان على منصة فيسبوك.
أغضب هذا التصرف كوم، لكن أكتون كان أكثر دهاء، حيث قام بالتغريد مدشنا هاشتاغ “#deletefacebook” ، والذي انضم إليه الملايين من مستخدمي فيسبوك الذين قاموا بإلغاء التطبيق من هواتفهم بعد تسريبات فضيحة كامبردج أناليتيكا.
ويمكن القول، بحسب تصريحات المحللين لصحيفة “ذا تايمز”، إن رحيل المبدعين ومبتكري تطبيق إنستغرام هو التطور الأكثر ضررًا. كان زوكربيرغ قد سخر من أنه قام بإنفاق مليار دولار على تطبيق إنستغرام لتبادل الصور قبل 6 أعوام.
وبحسب المعاملات التقليدية، ربما يكون كان قد قام بدفع مبالغ زائدة عن الحد المسموح به، لأنه في ذلك الوقت كانت شركة إنستغرام توظف 13 شخصًا، وكان لديها 30 مليون مستخدم تقريبًا. ولكن ثبت فيما بعد أن الصفقة كانت أكثر من رابحة وناجحة، حيث ارتفع عدد مستخدمي إنستغرام لأكثر من مليار شخص، وتقدر قيمة شركة إنستغرام بشكل مستقل بنحو 100 مليار دولار.
سعياً وراء الابتكار والإبداع
ذكر سيستروم وكريغر، في سياق بيان حول سبب استقالتهما، أنهما اتخذا القرار لأنهما يرغبان في استعادة حالة “الاستكشاف والإبداع مرة أخرى”، وهو ما تم تفسيره ببساطة في أوساط عالم التكنولوجيا والتطبيقات بأنهما يقصدان أن فيسبوك كشركة لم تعد تتيح مجالا للابتكار والازدهار.
وأشار المحللون إلى أن تصعيد آدم موسري، وهو واحد من الدائرة اللصيقة بزوكربيرغ، إلى منصب رئيس المنتج في إنستغرام، كان يعني في الواقع، يعني أن سيستروم وكريغر لن يسمح لهما اعتبارا من تاريخه بتشغيل إنستغرام بشكل مستقل.
لحظة محورية
تتواكب الاستقالات مع لحظة محورية، ففي أواخر يوليو، فقدت شركة فيسبوك ما يقرب من 120 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد بعدما حذرت من تباطؤ حاد في النمو، خاصة بعدما تم رصد أول موجة من الانخفاض في تسجيل دخول عدد المستخدمين الأوروبيين للمنصة.
ووصف دوغلاس أنموث، المحلل في جيه بي مورغان، رحيل مؤسسي إنستغرام عن شركة فيسبوك بأنه يعد “مفاجأة”، وحذر أنموث من أن أسهم فيسبوك ستتعرض لضغوط ذات تأثيرات قوية على المدى القريب.
سجلت أسهم فيسبوك انخفاضا بنسبة 0.3% إلى 164.91 دولار في نهاية جلسة الإغلاق المسائية في نيويورك، بعدما كانت قد منيت بخسارة تقدر بأكثر من 2% في التعاملات المبكرة.
العربية نت