طريقها كان محفوفاً بالمخاطر في بداية استوزارها مشاعر الدولب.. شقيقة الشهيدين تُمسك بـ (زمام التعليم)
تعد مشاعر محمد الأمين الدولب، إحدى الوجوه الشابة وسط كادرات حزب المؤتمر الوطني، درست كلية الاقتصاد جامعة النيلين فرع الخرطوم، بعد أن انتقلت من دولة الإمارات التي درست بها الفصول الأولى من مرحلة الأساس..
إذ كانت تقيم بالأمارات لظروف عمل والدها بها الذي كان يشغل منصباً بمنظمة الدعوة الإسلامية، نالت مشاعر الدولب درجة الماجستير من جامعة الخرطوم، وأكد مقربون منها بأنها متزوجة من رجل أعمال، وصف المقربون أسرة الدولب بالأسرة المتفوقة، لها 3 أخوات إحداهن طبيبة والأخرى مهندسة والثالثة صيدلانية، وكانت إحدى أخواتها من أوائل الشهادة الثانوية… قبل أن تتقلد مشاعر مناصبها الوزارية، كانت تشغل منصب مدير البحوث والتنمية الاجتماعية. تقلدت منصب وزيرة التوجيه والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم في ديسمبر 2011، وهو المنصب الذي ظلت به إلى أن قضى مرسوم جمهوري بترفيعها إلى وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي الاتحادية، خلفاً لأميرة الفاضل ، ثم أخيراً نصبت وزيرة للتربية والتعليم العام في التشكيل الوزاري الأخير.
أخت الشهيدين
مشاعر تقلدت منصب رئيس لجنة المرأة في مجلس الشورى القومي للحركة الإسلامية، وكانت عضواً باللجنة العليا للمؤتمر العام للحركة الإسلامية، وشباب الإسلاميين السودانيين يطلقون عليها أخت الشهيدين “أنس وأمين”، وعادة ما تقلب الدولب المواجع حتى تبدو سحابة حزن تغطي نصف وجهها لأن النصف الآخر اكتسى بحجاب صارم. وهي تتذكر شقيقها الشهيد وإخوانها من بيت (الدولب) ومن بيت الحركة الإسلامية، ومن فصيلها الطلابي، الذي دفع ثمناً للوحدة، ولطالما جرتها ذاكرتها لعام 1995م حينما اجتمعت فصائل المعارضة في ما عُرف بمؤتمر أسمرا للقرارات المصيرية، واتفقت الأحزاب حينها على أن يمنح الجنوب حق تقرير المصير بعد فترة انتقالية قدرها (10) سنوات وما ارتبط بذلك من استشهاد شقيقيها.
محفوف بالمخاطر
كان طريق مشاعر الدولب محفوفاً بالمخاطر في بداية استوزارها وتقلدها منصب وزير التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، وصاحب عملية الاستوزار حينها جدل كثيف، والجدل حول تولي امرأة للوزارة جاء هذه المرة من جهة ذات اختصاص وهي هيئة علماء السودان، حيث انتقد أمين دائرة الفتوى بالهيئة حينها عبد الرحمن حسن أحمد تولي مشاعر الوزارة، وأشار حسن إلى أن الوزارة تشرف على الأئمة والدعاة ومن مهامها فض النزاعات بينهم ولجان المساجد، مما يقتضي في كثير من الأحيان الذهاب للمساجد ومخاطبة المصلين، ورأى أن هذه المهمة يكلف بها الرجال.
وفي خطوة أعقبت هذا الانتقاد تسلّمت الدولب مهامها رسمياً وقالت لدى مخاطبتها برنامج التسليم والتسلم حين ذاك إنها ستعمل على مواصلة التكليف لتحقيق أهداف الوزارة وتحقيق متطلبات إنسان الولاية في التنمية الاجتماعية.
حجب إشراقات
ترفض «مشاعر الدولب» تعبير صعود إلى أعلى.. ولا تعتبر الوظيفة شأناً يرتقي بالإنسان، ولكنها وسيلة لخدمة أهداف عامة تتوق إليها بشغف وحب، وقالت عن تجربتها في وقت سابق إنها جاءت للوزارة من نافذة أمانة الشباب، وهي لا تسقط اعتبارات تمثيلها للمرأة أو بالانتماء البيولوجي، ولكنها تعبر عن قطاع الشباب وجيل الحركة الإسلامية.
تبدو تجربة «مشاعر الدولب» حسب مقربين منها أنها تغطي على بعض إشراقاتها، وتخبو قدراتها كمثقفة وقارئة وشاعرة في بواكير الصبا تحت زحمة الأوراق والتقارير، وما بين زحام الاجتماعات وتدافع أصحاب الحاجات في وزارة كثير من القواعد الاجتماعية لهم فيها رجاء وأمل، رغم قساوة الواقع ومرارة الفقر، و(مشاعر الدولب) نافحت من أجل بنات جنسها كثيراً أثناء توليها منصب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي، وهي التي قالت بأن المرأة التي تخرج من الصباحات الباكرة ووجهها محزون لتعمل في صناعة الشاي في طرقات الخرطوم، لا ينبغي للدولة أن تطاردها كأنها اقترفت جريمة أو نهبت حقاً خاصاً.. تبدو التزاماتها كوزيرة حاضرة، حينما لا تقدح أو تنتقد تجربة النظام العام، ولا تجد تبريراً لسلوكيات تجرم المرأة بمجرد أنها خرجت لتعيش على مهنة صنع الطعام في الأسواق دون مصادقة من السلطة.
تحديات
قطع خبراء تربويون، بأن مشاعر الدولب لن تستطيع أن تدفع عجلة وزارة التربية والتعليم العام ما لم تكن لها اجتهادات في توفير ميزانيات داخلية أو ما يعرف بالمكون المحلي واستقطاب الدعم الخارجي، سيما أن سلفها الوزيرة الأسبق لوزارة التربية والتعليم سعاد عبد الرازق كان يحمد لها استقطابها للدعم الخارجي رغم وجود سلبيات كثيرة على أدائها الوزاري حسب خبراء، ويقول الخبير التربوى إسماعيل تيراب في تصريحه لـ(الصيحة) بأن الشخصية التي تتقلد أمر وزارة التربية ليست ذات أهمية تذكر بقدر ما تقدمه ذات الشخصية بدعم وفير للوزارة، ويقول إن خطط وزارة التربية موضوعة سلفاً من مختصين في الشأن وأن مشاكل الوزارة شاخصة وتحتاج كل الاحتياج إلى الدعم المادي مثل مشكلة التسرب التي ظلت لعهود طويلة يعاني منها أولياء الأمور والطلاب، منوهاً إلى وجود 2 مليون طفل خارج المدرسة، ويؤكد أن تلك المعضلة خلفها عدم وجود مدارس كافية لاستيعاب الطلاب خاصة بالولايات التى لا تمتلك الموارد الكافية للصرف على التعليم، مشيراً إلى وجود أكثر من 11 ولاية بها مشاكل تعليم وتعاني من حدة الفقر. ويضيف أن مشاعر الدولب مجابهة بتحديات توفير الميزانيات لتحسين التعليم، وقطع بأن جل الميزانيات تذهب إلى الامتحانات كأمر لا يمكن إغفاله مقارنة بالبنود الأخرى كبناء المدارس.
بيئة منهارة
قطع رئيس لجنة المعلمين يس عبد الكريم، في تصريح لـ(الصيحة) بأن الوزيرة الجديدة يواجهها تحدي تحسين بيئة المدارس، سيما أن البيئة منهارة فضلاً عن توفير الدعم لتنقيح ومراجعة المناهج وتوفير الدعم لتدريب المعلمين الذي يكاد أن يكون موقوفاً، فضلاً عن انعدام المعامل بالمدارس سوى بعض المدارس الخاصة، لكنه قطع بأن الوزيرة لن تكون مهمومة بوضع السياسات العامة للوزارة معتبراً أن خبراء الوزارة ووكيلها غالباً ما يعنون بذلك.
واتفق مع تيراب بأن الوزيرة معنية في المرحلة الآنية بتوفير واستقطاب الدعم، منوهاً إلى أن الميزانية المخصصة للتعليم على محدوديتها غير موظفة التوظيف الأمثل، واعتبر حديثها عن تحسين راتب المعلم مجرد حديث للاستهلاك السياسي في ظل الموارد المتاحة حالياً، مشدداً على أنه ما لم تحسن الميزانية المحددة للتعليم لن تستطيع تنفيذ أي سياسة تضعها، وقال إن تجارب كثير من وزراء التربية بالولايات لم تخلف إلا متأخرات رواتب المعلمين.
الخرطوم: إبتسام حسن
صحيفة الصيحة.