صلاح حبيب

هل تنجح الآلية في استقرار سعر الدولار؟


بدأت أمس عملياً الآلية التي شكلت لتحديد أسعار العُملة وفقاً لسياسة الصادر والوارد، التي أجازها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي في جلسة استثنائية برئاسة رئيس الوزراء، وتلا السياسات الدكتور “محمد خير الزبير”، محافظ البنك المركزي، الكل ما زال متحفظاً لتلك السياسات بعد الإعلان الرسمي أمس للسعر الذي حدد في يومه الأول بسبعة وأربعين جنيهاً ونصف للدولار، إن السياسة الجديدة ما زال يكتنفها الغموض ولا أحد يعرف إلى أين تذهب بالبلاد، هل إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟ رغم التفاؤل الكبير الذي ارتسم على شفاه الأستاذ “عبد الرحيم حمدي”، الذي يُقال إن تلك السياسات من بنات أفكاره، خاصة وإن الأستاذ “حمدي” سبق وأن أتى بسياسة التحرير التي وجدت انتقاداً شديداً من بعض الاقتصاديين ومن عامة الشعب، إلا أنه يعتقد أنها من أفضل السياسات التي وضعت وقتها، ولكن ما يُقال الآن هل هو تحرير للعُملة أم لا؟ فبعض الاقتصاديين يرى أن ما تم هو تحرير، والدولة تقول لم يتم تحرير العُملة ولا تعويمها، وهذا أحدث ربكة مما جعل الكل الآن في حالة توهان وزهوا للذي يجري، فالكل ممسك بأمواله حتى تتضح الحقيقة، وحتى تتضح الحقيقة نكون قد أضعنا وقتاً طويلاً في عمليات التفسير والشرح، فالدولة تريد استقراراً للعُملة، ولكن استقرارها لا يتم ما لم يكن لدينا احتياطي منها، فالأسعار التي حددت بالأمس هل كل التجار سيشترون بها وهل المغتربين سيدفعون بتحويلاتهم من الخارج وهل التجار الذين يملكون ملايين الدولارات هل يمكن أن يدفعوا بها إلى الداخل كلها أسئلة تحتاج إلى إجابة، وحتى السعر الذي وضع يُقال بأنه سعر عالٍ كضربة بداية..

فكان من المفترض أن تبدأ اللجنة بسعر أقل ومن ثم تتدرج صعوداً وهبوطاً إلى أن تصل إلى السعر الذي يمكن أن يكون مرضياً لأصحاب العُملة، فالأسعار التي وضعتها الدولة في وقت سابق قبل الانفلات السريع لسعر الدولار كانت مجزية، وشكلت نوعاً من الاستقرار لفترة طويلة من الزمن، خاصة عندما كان السعر متأرجحاً ما بين السبعة عشر جنيها والثمانية عشر، فهذا السعر ظل في حالة ثبات لفترة من الزمن..

ولكن الانفلات الحقيقي للعُملة بلغ عندما تم رفع سعر الدولار الجمركي إلى ثمانية عشر جنيهاً فهذا أحدث كارثة كبيرة، بل أدخل الجنيه السوداني إلى غرفة الإنعاش ومازال فيها إلى أن نرى اللجنة الجديدة أو صناع السوق ماذا سيفعلون به، كثير من الناس والتجار غير متفائلين بأعمال تلك اللجنة فإذا كانت ضربة البداية هذا السعر فهذا يعني أن الأسعار التي تأتي من بعد ذلك سترفع السعر إلى أعلى من الأسعار المتداولة.. وإذا اعتبرنا أن تجار السوق الأسود أو السوق الموازي جزءاً من تلك اللجنة، فهل يمكن أن تقوم جهة أخرى بعمل سوق أسود آخر يساعد في زيادة السعر أكثر من السعر الذي حددته اللجنة؟ إن الغموض الذي يكتنف الحالة التي نعيشها الآن سيؤثر على السوق ما لم يتم الإفصاح عنها بصورة حقيقية، لذا فإن السوق سوف يتحرك خلال اليومين القادمين بهذه الأسعار غير الواقعية فنأمل أن لا تجاري اللجنة السوق الموازي، لأنه لن ينتهي ما لم تكن الأسعار مجزية للكل.

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي


تعليق واحد