تحقيقات وتقارير

في جلسة ذات نفس طويل رئيس الوزراء بالبرلمان .. طرح متأنٍّ وعاصفة من الانتقادات

في جلسة ذات نفس عميق .. حظي بيان (رئيس الوزراء) وزير المالية والتخطيط الاقتصادي معتز موسى أمام البرلمان أمس والخاص بـ(إجراءات الدولة لتحسين معاش الناس)، بتداول كبير بين الأعضاء والنواب ورؤساء اللجان.. مرد الاهتمام أن بيان رئيس الوزراء الذي تم تعبينه مؤخراً جاء كنتاج لعملية الدمج وإعادة الهيكلة وتخفيض الإنفاق الحكومي، الجدل حول البيان حسمه رئيس المجلس بإجازة البيان بعد حالات اعتراض من قبل بعض الأعضاء .

تدابير سابقة

بدأ رئيس الوزراء معتز موسى بيانه بتقديم إحاطة حول ما قامت به الحكومة نحو معاش الناس، واستعرض التدابير و الإجراءات التي اتبعت الفترة الماضية لتوفير الخبز وضمان انسيابه واستقرار أسعاره كسلعة أساسية، وتثبيت أسعار المحروقات ومشتقاتها “جازولين، بنزين، غاز المطبخ”، إلى جانب الخطوات التي اتخذت لاستمرار واستقرار الإمداد الكهربائي وتوفير مياه الشرب وغيرها من المرتكزات الأخرى لضبط أسعار السلع الاستهلاكية الغذائية الأساسية وتوفير السيولة بالمصارف، والتي تمت في مجال الضمان الاجتماعي وخفض التضخم وضبط سعر الصرف.

ضوابط أخرى

معتز أشار إلى الإجراءات العاجلة التي اتخذها البنك المركزي لتوفير الأوراق النقدية لمقابلة احتياجات الحصاد والقطاع الخاص والأفراد المتعاملين مع المصارف، والمتمثلة في إعادة تشغيل مطبعة العملة بطاقتها القصوى، واكتمال ترتيبات وصول أربع شحنات من الأوراق النقدية التي طبعت بالخارج خلال الفترة من “أكتوبر ـ نوفمبر ” 2018م، وأعلن عن وصول أول شحنة يوم “11/ أكتوبر”الجاري، إلى جانب تنفيذ حزمة من السياسات والإجراءات لجذب الأوراق النقدية داخل الجهاز المصرفي عبر طرح شهادات صندوق الذهب “بريق” للأفراد التي يتم شراؤها بالأوراق النقدية فقط “نقداً”، والشروع في استحداث ضوابط في بيع وشراء العربات والعقارات عن طريق الشبكات المصرفية كوسيلة للدفع بدلاً عن استخدام الأوراق النقدية “نقداً” .

حزم متتالية

ومضى رئيس الوزراء ليقول إنه من المعلوم أن أداء الموازنة لهذا العام شابه ارتفاع في التضخم وتدهور في سعر صرف العملة الوطنية، الأمر الذي تطلب خلال الأسبوعين الماضيين إعداد حزم متتالية للإصلاح الاقتصادي يجري حالياً إعلانها تباعاً، وسيتم شمولها في البيان القادم أمام البرلمان أواخر الشهر الحالي.

ثم ختم بيانه موضحاً أن تخفيف أعباء المعيشة مسؤولية مستمرة يقع عبء قيادتها على الدولة يساندها المجتمع بمنظماته واتحاداته ونقاباته والقطاع الخاص، واتجه ليؤكد أنهم سيقومون بإعداد موازنة العام 2019م بما يعزز المكاسب في أمر معاش الناس ويعالج الاختلالات ويعبئ جهود المجتمع والقطاع الخاص.

انتقاد ومطالبات

بعد استعراض البيان فتح باب المداولات حوله، حيث وجه بعض من أعضاء البرلمان انتقادات واسعة تمت إحاطتها بالكثير من المطالب، ووصف بالمحبط جداً لعدم اشتماله على خطوات إسعافية علاجية للوضع الراهن، ولم يقدم إضافة جديدة كما أنه جاء خالياً من المقترحات وإمكانية تغيير طباعة العملة، وطالبوا بحراسة ومتابعة السياسات التي ذكرها وزير المالية والبنك المركزي من قبل البرلمان، وأشاروا إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد ظهرت عقب رفع الحصار الأمريكي عن السودان ولا يعالجها غير الإنتاج الواضح وسهولة إجراءات الصادر، وأضافوا أن وضع السوق وغلاء الأسعار والصفوف التي باتت سمة البلاد التي تهزم أي كلام إنشائي.

قلب مفتوح

بعدها أتيحت الفرصة لوزير المالية للرد على مداولات الأعضاء، والذي أكد بدوره فتح الأبواب كافة لأي تداول يتم داخل القبة، مشيراً إلى أن عقله وقلبه مفتوحان لسماع كل الآراء والرد عليها، مستعرضاً مراحل الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد منذ ستينات القرن الماضي، والتي اتيحت فيها فرصة البحث عن تمويل بأي شروط إلى أن انتهى الأمر بالحصول على قروض قاربت الـ”3″ مليارات، مشيراً إلى استمرار عمليات القرض إلى أن وصلت ديون السودان إلى ” 56″ مليار دولار تقريباً، وهي الديون الخارجية الحالية للسودان، مؤكداً أن هذا التراكم للقروض وفوائدها أصبح في حالة ازدياد يومي بصورة تلقائية بمعدل ” 6″ ملايين دولار يومياً، أي ما يعادل حوالي ” 334″ ألف دولار كل ساعة، وشدد على عدم غياب هذه المسائل عن كل من يدير الاقتصاد الوطني خاصة أن هذه الديون أصبحت موجودة وحاضرة في كل معاناة يعانيها المواطن، بالتالي إذا وضعت هذه المسألة في الأذهان تمكن من سلك الطريق الصحيح للمعالجة والحلول.

حلول مستدامة

وأكد معتز سعيه للوصول إلى حلول مستدامة بأقصى سرعة ممكنة من خلال نتائج السياسات التي وضعتها حكومة الوفاق الوطني الجديدة لمعالجة الضائقة الاقتصادية والعمل الجماعي، موضحاً أن ما جاء في التقرير عبارة عن عكس للواقع الراهن، وللبرامج والسياسات التي تم اتخاذها والتي سوف تطبق خلال ثلاثة أسابيع فقط، مبيناً أن الفترة القادمة سوف تشمل معالجات لكافة القضايا، وذكر أن موضوع دعم السلع الاستهلاكية والوقود وغيرها من الاحتياجات الأخرى سوف يتم بموارد حقيقية مباشرة أو غير مباشرة، لصالح دعم محدد لهدف معين، وأضاف أن معالجة الوضع الاقتصادي يتمثل في الإنتاج الذي من الأوجب أن تحفه السياسات وتأمينها، وأن لا يترك للسوق والسماسرة يتلاعبون فيه، وأكد تطبيق سياسات الصادر والوارد بتوفير العملة الحرة لإنجاح موسم الحصاد، وتعويم عوامل الصرف من العملة، وأكد أن التحول الأفضل للاقتصاد ينبع من المجتمع، وعلى أن تلتزم الدولة فيه بتنفيذ كافة السياسات التي اتخذتها من خلال توفير الدعم المالي المباشر والعيني والسلعي، مطالباً بضرورة بأن لا يكون ميزاناً داعماً يتماشى مع إمكانيات البلاد يقود المجتمع طواعية دون إكراه لتغيير النمط الاستهلاكي، وضرورة تنفيذ حزمة السياسات الأولى .

إنتصار فضل الله
صحيفة الصيحة