تحقيقات وتقارير

يواجه عدة دعاوى جنائية… المهدي… عودة لمواجهة الاتهامات


لم تكن مغادرة رئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي للبلاد في فبراير الماضي، تختلف عن سابقاتها، فهو عادة ما يغادر البلاد بلا ضجيج، ففي بواكير الإنقاذ نفذ الرجل عملية تهتدون التي خرج فيها من البلاد دون علم الحكومة،

غير أن مغادرته في فبراير الماضي على نحو مفاجئ إلى القاهرة خلقت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، لدرجة أن مكتب زعيم حزب الأمة قام بإصدار بيان ـوضح فيه أن الإمام المهدي سيظل بالخارج لفترة طويلة معللاً ذلك بسعيه لعقد لقاءات خارجية في باريس وأديس أبابا، لتحديد موقف موحد لقوى نداء السودان، في مهمة تحقيق السلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي الكامل، والانفتاح نحو جميع القوى السياسية العاملة من أجل نظام جديد.

وبالفعل نشط الإمام المهدي في لقاءات امتدت ما بين القاهرة أديس أبابا أسفرت عن لقاءات جمعته مع قادة الحركات المسلحة، وعقْد اتفاقٍ معها حول إعادة هيكلة قوى نداء السودان، الأمر الذي اعتبرته الحكومة انحيازاً من المهدي للعمل المسلح، وقامت نيابة أمن الدولة باتهام الصادق المهدي بالتحالف مع مجموعات متمردة لإسقاط نظام الإنقاذ، وحينها نقل المركز السوداني للخدمات الصحفية أن نيابة أمن الدولة وجّهت بتقييد دعاوى جنائية في مواجهة الصادق المهدي، بسبب التعامل والتنسيق مع الحركات المسلحة المتمردة لإسقاط النظام بعد أن تقدم جهاز الأمن والمخابرات الوطني بعريضة إلى نيابة أمن الدولة في مواجهة الصادق المهدي وآخرين، ودونت في مواجهته تهماً جنائية وإرهابية عديدة، تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام.

قرار العودة

أمس الأول قرّر الإمام الصادق المهدي من خلال اجتماع عُقد بينه ووفد من قيادات حزب المؤتمر السوداني في العاصمة البريطانية لندن العودة إلى الوطن ومواجهة التهم المنسوبة إليه بعد أن ناقش الجانبان موقف تحالف قوى نداء السودان، واتفقا على أهمية تفعيل العمل الجماهيري ودعم الحراك المنظم ضد سياسات الحكومة والعمل على مقاومة تعديل الدستور والإجراءات الاقتصادية التي يتحمل عبئها المواطن ـ بحسب بيان الاجتماع.

مناشدات حكومية

قال المهدي في رسالته الصوتية الأسبوعية التي نشرها أمس الإثنين إنه وخلال الشهرين الماضيين تلقى أكثر من 10 اتصالات من وسطاء من الحزب الحاكم يمثلون كلهم شخصيات نافذة في المؤتمر الوطني ناشدوه فيها إلى ضرورة التواجد بالداخل، ولو بصفة المعارضة، مبيناً أن الحكومة وصلت الى قناعة بأهمية التوصل إلى إصلاحات سياسية، وتحقيق السلام بالداخل، وقال إنهم يعتقدون ـن له دوراً مهماً في ذلك العمل المطلوب.

لكنه “أي المهدي” لم ينس أن يذكِّر بوجود من أسماهم “ترابيس النظام”، الذين يعتبرون وجوده خطراً على التمكين الذي مكنهم من احتكار السلطة، مبيناً أنهم عملوا على اتهامه في كل خطوة مشاها نحو تحقيق الوفاق الوطني وتابعوه بالخطط الكيدية.

ترابيس النظام

الصادق قال إن “ترابيس النظام” اتهموه عندما انتقد النظام، وعندما عقد اتفاقاً مع الجبهة الثورية، فتحوا ضده بلاغات تصل عقوبتها للإعدام، رغم أن الاتفاق كان بهدف العمل لنظام جديد بوسائل خالية من العنف، وعندما أعد هيكلة نداء السودان، فتحوا ضده (10) بلاغات.

تبرير التحالف مع الحركات

المهدي قال إن الحكومة تعلم أن حركة تحرير السودان (مني) وحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية – شمال، تحظى باعتراف دولي، وأفريقي، والحكومة نفسها تتعامل معهم وتحاورهم، وتتفق معهم، وأضاف رغم “أنني صاحب شرعية تاريخية وشرعية دستورية، وشرعية شعبية، ومعروف دائماً بالعمل للسلام والتحول الديمقراطي ونبذ العنف، حقائق يؤكدها لهم أشخاص معهم الآن مع ذلك اتهموا علاقتي بتلك الحركات، مع أنها مجيرة للعمل المدني ومبرأة عن أية مساهمة في أعمال مسلحة تبرر لهم هذه الاتهامات ضدي”.

مواجهة التهم

قطع الصادق المهدي من خلال الرسالة الصوتية التى تلقتها (الصيحة) بأنه أكمل مهمته التي أعلنها عند مغادرته البلاد والتي وضع لها (5) أجندة أفلح في إكمالها، وبالتالي لم يبق أمامه إلا العودة إلى الداخل لمواجهة التهم المنسوبة إليه، مبيناً أنه أخطر قيادة حزبه بأنه سيعود، ويكون آلية حقوقية من محامين لمواجهة التهم المنسوبة إليه في المحاكمة المتوقعة له، مبدياً رغبته في أن تكون محاكمة علنية وعادلة ليتمكن من خلالها من محاكمة النظام بما قام به منذ الانقلاب على الشرعية الدستورية، مبيناً أنه سيخاطب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والاتحاد الأوربي والدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن لمراقبة المحاكمة المتوقعة.

ويدعم رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان عثمان آدم نمر عودة الإمام الصادق، متوقعاً أن لا تتم محاكمته وأن يتم إسقاط التهم عنه، مستشهدا بحديث سابق لرئيس الجمهورية قال من خلاله إن إسقاط التهم عن المهدي مرهون بعودته إلى داخل البلاد، مشيراً إلى أن الحكومة ترفع الآن الإجماع الوطني والتوافق السياسي شعاراً باعتبار أن السودان وطن يسع الجميع، مبيناً أن الصادق المهدي يظل سياسياً تاريخياً مؤثرًا، وأن عودته للعمل من الداخل يدعم اتجاه التوافق الوطني كونه رئيساً لحزب سياسي كبير وفاعل في الخارطة السياسية السودانية، لافتًا إلى أن مخرجات الحوار الوطني كفيلة بإسقاط التهم عن المهدي، كون أن التوصيات أقرت بعدم الحكم بالإعدام في قضايا سياسية,

ولفت نمر إلى أن المهدي إن كان بالفعل يعمل على دفع الحركات المسلحة لنبذ العمل المسلح والاتجاه للمعارضة المدنية، فإنه بذلك يدعم خط الحكومة التي فتحت المجال من خلال الحوار الوطني حتى لحركات تحمل السلاح أن تأتي للحوار وأن تخرج من جديد دون أن يعترضها أحد.

ولم تكن الأحزاب السياسية غائبة عن الدعوة لشطب الاتهامات الموجهة للصادق المهدي، فقد طالب رئيس لجنة الإعلام والاتصالات بالبرلمان، رئيس حزب منبر السلام العادل الباشمهندس، الطيب مصطفى بشطب جميع الدعاوى القانونية المرفوعة ضد المعارضين بالخارج، وكشف عن إجرائه اتصالات مع رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي لمعرفة الأسباب التي منعته من العودة للبلاد، وقال إن المهدي أوضح له أن الأسباب التي منعته من العودة هي الدعاوى المرفوعة ضده.

وطالب بشطب جميع الدعاوى القانونية المرفوعة ضد المعارضين، وشدد على أنها تقف أمام عودة المعارضين والتوقيع على السلام، وذكر أن السلام يحتاج من الحكومة قرارات جريئة وتضحيات وتنازل مثل الأخيرة التي سمحت بتيسير وصول الإغاثة إلى المتضررين في مناطق التمرد، وشدد على ضرورة الوصول للسلام قبل الانتخابات المقبلة.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة.