تحقيقات وتقارير

بعد اعتقال العشرات والتحري معهم القطط السمان… تسويات تفتح نفاجات القفص المغلق


طوال الأشهر التسعة الماضية، لم يكن هناك حديث غير ضبط من أطلق عليهم رئيس الجمهورية “القطط السمان”، فقد شنت السلطات حملة قوية ضد

بعض رجال المال والأعمال، أسفرت عن اعتقال العشرات من الأسماء ذائعة الصيت، لكن ومع مرور الأشهر لم يبق منهم إلا عدد قليل داخل قفص الاعتقال بعد أن توصلت معهم الحكومة لتسويات دفعوا من خلالها أموالاً جمة مقابل التنازل عن الاتهامات التي وجهت لهم وإطلاق سراحهم.

اتهامات

بعد أن تم اعتقال العشرات والتحري معهم، بدأت السلطات في توجيه التهم لهم وكانت أبزر التهم التهرب الضريبي والتهرب من توريد حصائل الصادر لبنك السودان المركزي، بالإضافة لتهم المخالفات المصرفية التي لاحقت مديري البنوك والمصارف الذين تم توقيفهم.. وقد أشار مراقبون إلى أن التهم لا ترقى لما أثير حول المعتقلين، خاصة وأن القائمة ضمت أسماء لامعة، كان أبرزهم مسوؤل الأمن السياسي عبد الغفار الشريف، والمسوؤل الأول لاستيراد السكر الحاج علي الحداد، والفاضل الواثق مدير شركات أبو الفاضل، ومصطفى البطحاني وعكاشة محمد أحمد، وعلوي عبد الله درويش، وأسعد كرتي، ومحمد إسماعيل مدير عام شركة مام للطرق والجسور، والهادي حسن أبرز المؤسسين لشركة سراميك رأس الخيمة.

تسويات

إبان فترات التحري بدأت بعض الأسماء التي تم اعتقالها تخرج لفضاء الحرية، فقد أفرجت السلطات عن عبد الرؤوف ميرغني بعد ثلاثة أيام من اعتقاله وكذلك خرج مصطفى البطحاني وبابكر الأمير، والشقيقان وليد ومحمد فايت، ومحمد إسماعيل وعلوي دوريش، بينما لم يمكث غاندي معتصم، وحمد بحيري وأحمد أبوبكر بالمعتقل فترات طويلة، وبحسب مصادر أن بعض التسويات المالية ساهمت في خروجهم من المعتقل باستثناء غاندي الذي أفرج عنه دون أي تسوية، بينما خرج من المعتقل في الأسبوعين الماضيين كل من محمد الحسن الناير وكمال جاد كريم وحافظ مبارك حبيب وجميعهم كانوا يعملون بشركة التأمين الإسلامية، وأفرجت السلطات عن الباقر نوري.

وبحسب مصادر، فإن الباقر نوري سيقوم بتسوية أوضاعه ودفع ما ترتب عليه مالياً في الفترة القادمة، كما تم الإفراج عن الحاج الحداد الذي أطلق سراحه بعد دفع تسوية مالية قدرها 150 مليون جنيه.. وأمس الأول اعلن عن تسوية مع نائب رئيس مجلس إدارة بنك الخرطوم العضو البرلماني فضل محمد خير مقابل دفع مبلغ (50) مليون دولار أمريكي.

تناقض رأي

كثيرون يرون أن الحكومة لا تستطيع أن تكافح الفساد بينما تعطل أهم آلياته المتمثلة في مفوضية الشفافية ومكافحة الفساد التي أجاز البرلمان قانوناً لإنشائها منذ العام 2016، لكنها لم تر النور ، صحيح أنه جرى فتح وحدة خاصة بالجهاز لتحقيقات الفساد لكنها لا تغني عن انشاء المفوضية التي تقدم أدلتها للقضاء بما يمكن من محاكمة المتهمين بالفساد دون المرور بمحطة التسويات، لكن البعض يرى أن التسويات تتم ربما لأن الحملة اتضح لها من خلال المعلومات والإجراءات أنها في حاجة لإعادة النظر حول المتهمين، فسلكت طريق التسويات أو من واقع أن طريق المحاكم طويل، ويحتاج بعض الوقت للحصول على أموال من القطط السمان.

مساعدة على الفساد

رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، يشير في حديث لـ(الصيحة) إلى أن حملة مكافحة الفساد “القطط السمان” التي انتهت إلى تسويات مالية تم بموجبها إعفاءهم من المساءلة القانونية، يؤكد بجلاء أن الحكومة لا تريد ردع الفساد، مبيناً أن التسويات تعني بصورة ضمنية تقديم حصانة قانونية للمفسدين، وأن مرتكب عملية الفساد لن يخسر في أسوأ الأحوال سوى بعض مما اكتسبه منها، مبيناً أن الحرب المعلنة على الفساد لن تكون ذات جدوى في اجتثاثه حال الاستمرار في عقد التسويات، ولأنها لم تستصحب معها مخاطبة الأسباب التي أنتجت الفساد والمفسدين وفي مقدمتها نهج التمكين السياسي والاقتصادي، وقال: “يستحيل اجتثاث غول الفساد في ظل غياب سيادة حكم القانون وغياب قواعد الشفافية والرقابة والمحاسبة والمساءلة”.

المرأة المخزومية

وتشير نائب رئيس البرلمان عائشة محمد صالح في حديث لـ(الصيحة) إلى أن التسويات التى تعقدها الدولة لا تمت لمحاربة الفساد بأي صلة ولن تنجح الدولة في مكافحة الفساد طالما تنتهج نهج “التحلل” لأعضاء الحكومة أو نافذي الحزب الحاكم، مبينة أن الفساد لا يقوم به الشعب الذي لا يتعامل مع “الدولار واليورو”، بل يقوم به أعضاء في المؤتمر الوطني ولذا تتم حمايتهم بفقه التحلل، مبينة أن الفساد لن يتم اجتثاثه إلا بمحاكمات عادلة ورادعة لكل من يثبت عليه نهب أموال الشعب مشيرة، إلى أن تعامل الحكومة بالتحلل وفقه الضرورة تفقد الشعب الكثير وقالت “ما يتم ينطبق عليه حديث المرأة المخزومية التي سرقت.. فهم إن سرق فيهم الضعيف إقاموا عليه الحد وإن سرق الشريف تركوه”.

مسرحية

ويرى القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، أن حملة الفساد لم تكن إلا محاولة لإلهاء الشعب عن الواقع الاقتصادي فضلاً عن سعيها للحصول على أموال لتسيير الحياة، مبيناً أن التسويات التي تتم تصادر حق الشعب السوداني في معرفة حجم الأموال التي تم نهبها منه وتلقِّي ناهبي المال العقاب اللازم.

ملف شائك

ويقول كمال في حديثه لـ(الصيحة) إن الحكومة التفت إلى أن “القطط السمان” ما هم إلا نافذون فيها، ولذا أصبح ملف مكافحة الفساد شائكاً ، مشدداً على أن مكافحة الفساد تحتاج إلى أجهزة عدلية محايدة، لا تضع بالاً لحزب أو جهة، مشيرًا إلى أن الحملة نجحت في أن تستخدم آلية القانون في الاعتقال والتحري، موضحاً أن الشعب السوداني كان ينتظر أن تطال العدالة جميع المفسدين وكان يأمل في محاكمة عادلة للقطط السمان، ولهذا فإن التسويات التي تتم داخل الغرف المغلقة لن تكون ذات فائدة له بقدر ما يتم إحقاق الحق ومعاقبة المدانين وتبرئة من لا يثبت فساده.

الصيحة


‫3 تعليقات

  1. لا تنهي عن خلق وتأتي بمثله اذا الهدف فغلا محاربة الفساد والله لو دفعوا الوراهم والقدامو مفروض ما يشوفو النور لكن الظاهرفي تصفية حسابات شخصية اذا ارادومحاربة الفساد كل الكوادر وابناء الوزراء والرئيس ونوابه يجب ان يسألوعن من اين لهم هذا خلال التلاتين سنة