زيارة الموقع: (ذهب) المدينة الرياضية.. حقائق الشائعات
لدى التوجه إلى المدينة الرياضية بالخرطوم يظهر لك أن هنالك حركة كثيرة بهذا الاتجاه؛ سيارات كثيرة وركشات وأصحاب “كارو” يتجهون إلى الناحية الشرقية للمدينة، يقفون بالقرب من ميدان كبير مليء بأنقاض من التراب..
وتجد الكثير من الشباب يقفون فوقها، يحملون “عصي ـ وشواكيش ـ وسيخ”، تجمعات كبيرة جداً بمختلف الأعمار “شيباً وشباباً وأطفال”، والميدان مزدحم بالناس والسيارات وبالداخل يصطدمون بك من قربهم للبعض. “السوداني” ذهبت إلى موقع الحدث وذلك بعد تداول الخبر بالصحف أمس، ومواقع التواصل الاجتماعي محتواه العثور على كميات من الذهب بالقرب من المدينة الرياضية بالخرطوم. لمعرفة تفاصيل أكثر حول الخبر، واستنطاق المواطنين المتواجدين هنالك..
عندما وصلنا للموقع وجدنا تجمهراً كبيراً لنساء ورجال أطفال، جميعهم يحفرون للبحث عن الذهب: وجوهٌ مليئةٌ بالأتربة وكذلك الملابس، وكأنهم جالسون في هذا المكان أياماً عدة. البعض يحمل حديداً وينبش به، آخرون لديهم حفَّارات مخصصة للأرض، الكل منهمك لا يتحدث مع الآخر؛ نساء يحملن أطفالهنَّ، ومع ذلك يفترشن الأرض بحثاً عن الذهب، يحملون جوالات بمختلف الأشكال والأنواع، وذلك لتخبئة الأحجار بها، والكثيرون يستخدمون “قوارير” المياه الغازية، معبئة أحجاراً، ظنَّاً منهم أن ما بداخلها ذهب، على حد قولهم.
وكان هنالك طلاب مدارس بكميات كبيرة وهم يرتدون زيهم المدرسي، بالمراحل المختلفة، لم يذهب بعضهم للمنزل نهاية اليوم وبعضهم لم يذهب من الأصل في هذا اليوم للدراسة، حتى أن زيَّهم بات متسخاً جدّاً من كثرة مكوثهم في الأنقاض الترابية، وعندما توجهت نحوهم أحاطني عدد منهم موجهين لي سؤالاً: هل تشترين الذهب؟ فقلت لهم هل وجدتم ذهباً حتى تبيعونه؟، فقالوا نعم، فنحن هنا منذ الصباح الباكر، فسألت ألا يوجد من يشترون منكم هنا؟، قالوا “يوجد، ولكن يضحكون علينا بمبالغ بسيطة”، وتدخل أحدهم قائلاً: “لقد بعت ما وجدت من ذهب لتاجر هنا فأعطاني 400 جنيه فقط”، مما جعلهم لا يرغبون في البيع ويظنون أن سعره أعلى من ذلك.
تكبير وتهليل
وفي اتجاه آخر، تُسمع أصوات تهليل وتكبير من المواطنين وهذا المكبر يتوجه الجميع نحوه ويغطونه من الأنظار ويصرخون معه فرحين بأنه وجد ذهباً ولكن بكميات كبيرة وليست بسيطة، وعندما توقفنا في إحدى التجمهرات مع شاب كان يُكبّر فرحاً بأنه وجد ذهباً، جاء العديد من الأشخاص يلتفون حوله ويطلبون رؤية ما وجد، ومنهم من يقول “نحنا تجار ذهب ونعمل بالسوق ويمكننا إفادتك إذا كان ذهباً أم لا”، ولكن الأغلبية يعتقدون تماماً أن ما يجدونه ذهباً ويعرفون من يقوم بتقييمه لهم، ولا يريدون تنظيراً من أحد.
ما يحدث لعبة
والتقت (السوداني) بإحدى المواطنين المتجولين بالميدان، وقال أن ما يحدث هو لعبة من صاحب هذه الأرض جاء بهذه الأنقاض الترابية المليئة ببقايا كيبولات نحاسية، ويبدو أنه استأجر أشخاصاً ليقولوا إن هذا ذهب، وبذلك هو مستفيد بأن يتم طرح هذه الأنقاض بالأرض دون عناء ومستأجرين يأخذون مبلغاً كبيراً لذلك، لأن ما يتم العثور عليه ليس بذهب، والمواطنون يتابعون الشائعات في هذه الفترة كما يظهر من هذه التجمعات الكبيرة للأسر.
وأيضاً تحدثت سيدة وجدتها تفترش الأرض بحثاً عن ذهب، جلستُ بالقرب منها لمعرفة من أخبرها أن هنالك ذهباً هنا، فقالت إن جميع الجيران منذ الأمس جاءوا وعثروا على الذهب، وأنها تمكث منذ ساعات ولكن لم يحالفها الحظ للآن، ولكنها متفائلة ولن تتوقف عن البحث حتى تجد.
إنعاش سوق
“منذ يومين ونحن نعمل بصورة ثابتة هنا وهذا الخبر أنعش سوقنا”، هكذا تحدث صاحب ركشة لــ”السوداني” وقال إن الجميع يطلب منك أخذه إلى منطقة الذهب، فالكثير منا غيَّر اتجاه الخط الذي يعمل به سابقاً وبات مرابطاً في هذا الاتجاه لأن الزبائن كثر، فنعتبر أن هذا رزق من الله، وعلى ذات الاتجاه قال صاحب “درداقة” فول وتسالي، “والله يا أستاذة الحاجة دي خلتنا نبيع بصورة حلوة”، وعندما سألته لماذا لم لا تذهب داخل الميدان لعلك تجد ذهباً، فقال “أقعد أفتش لي متين؟”.
قطعت جهيزة قول كل خطيب
كانت الهيئة بالمرصاد وأوردت بياناً تفصيليَّاً بالمواقع الإعلامية أكدت من خلاله أن ما عَثَرَ عليه المواطنون بالقرب من المدينة الرياضية -وبحسب مستشار الجيولوجيا محمد أبو فاطمة- أنه قد تمّ إيفاد مهندس مختص للموقع واتضح أن الترسبات الموجودة بالموقع ومن خلال العينات اتضح أنها تربة منقولة وهي (أنقاض ومخلفات مباني) تحتوي على قطع كيبولات من نحاس وغيره تُعطِي مؤشرات في جهاز الكشف ما يُعتقد أنه ذهب.
الخرطوم : شيراز سيف الدين
صحيفة السوداني.
ناس عايشة على الإشاعة حتى من أطلقها قد يصدقها..