صلاح الدين عووضة

واحد (مظبوط) !!


*أرغب في رياضة المشي كلما مشيت القاهرة..

*أما هنا في الخرطوم فلا (أحس) بمثل هذه الرغبة أبداً..

*وربما السبب هو (الإحساس) بنظافة الأمكنة… والشوارع… والأجواء..

*فبعد نحو ساعة من المشي أعود نظيفاً كما خرجت..

*لا الملابس يعلق بها غبار… ولا الحذاء… ولا الوجه والعينان والشعر..

*وحين أفعل الشيء ذاته هنا (أحس) بأني عدت من المقابر..

*وفضلاً عن ذلك هناك ميزة (إحساس) الناس بأن ما تفعله أمرٌ عادي..

*لا أحد ينظر إليك شذراً… ولا عجباً… ولا فضولاً..

*هنا لا تسلم من ألسنة الناس – وأعينهم – إلا عندما (تسلِّم ) نفسك لتجاويف دارك..

*وعقب المشي – بالقاهرة – أجلس في مقهى تحت العمارة..

*وما أن يراني النادل حتى يصيح صيحته المعروفة (عندك واحد مظبوط)..

*فتأتي الابتسامة… والقهوة (أم وش)… وكوب الماء النظيف..

*والابتسامة هذه قل أن تجدها في مقاهينا وإن كنت زبوناً دائماً… لا عارضاً مثلي..

*وهذا بعض جميل الإحساس الذي نفتقده في بلادنا..

*حتى وإن كان إحساساً كاذباً فهو حتماً أفضل من (تكشيرة) صادقة..

*كم مرة تستمع لعبارات ذات إحساس خلال يومك؟..

*عبارات من قبيل شكراً… ومن فضلك… ولو سمحت… وآسف جداً؟!..

*وكم مرة تقولها أنت نفسك أثناء اليوم… داخل بيتك وخارجه؟..

*وفي اعترافات امرأة سودانية أن من مزايا زوجها شكره لها عند خدمته..

*فما أن تلبي له طلباً حتى يُسمعها عبارة (شكراً جزيلاً)..

*وعندما تأتي له بواحد قهوة (مظبوط) تجد في انتظارها واحد إحساس (مظبوط)..

*فالزوجة ليست ملزمة – ديناً – بخدمة زوجها..

*ونادل قهوتي بالقاهرة غير ملزم – عملاً – بالتبسم في وجهي مع رقيق التحايا..

*فليس من الذوق – إذن – عدم رد الإحساس (بأظبط) منه..

*والشعوب التي تضبط نفسها إزاء سياسات الإفقار على قادتها رد الجميل (ضبطاً)..

* (ضبط) ألسنتهم تجاهها… وهذا أضعف (الإحساس)..

*والسيسي مارس إحساساً (مضبوطاً) حيال شعبه أيام الأزمة..

*شكرهم على صدق (إحساسهم) بالوطن… وآلامه… وآماله… وتحدياته… ومستقبله..

*قال : تألمنا معكم… وجعنا معكم… وسنشبع – ونفرح – معكم..

*وبالفعل تجاوزت مصر أزمتها الاقتصادية سريعاً… وشبع الجنيه من بعد جوع..

*ومنتخبها يحقق انتصارات الآن في بطولة إفريقيا بهذا الإحساس..

*إحساس أن مصر أولاً ؛ لا أهلي… لا زمالك… لا إسماعيلي..

*فهل أحسسنا نحن بمثل هذا (الإحساس) لدى لاعبي فريقنا القومي… قريباً؟!..

*بل هل توجد (أحاسيس مضبوطة) في بلادنا أبداً؟!..

*حتى ساعاتنا كانت غير (مظبوطة) – حتى وقت قريب – على إيقاع الزمن العالمي..

*ونظل دوماً نفتقر إلى (واحد إحساس مظبوط !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. بس يا عووضة نحن طموحاتنا نكون زى الشعب اليابانى موش المصرى .. حتى احلامكم بائسة ؟
    ملحوظة :
    صيغة الجمع – جمع المكسر البائس – اقصد بها عووضة + الهندى