تحقيقات وتقارير

النواب يُجدّدون الاتهامات بالفساد سكر النيل الأبيض.. (ملح) برلماني على جرح (التدني)

أن تكون ملماً بتفاصيل قضية ما، بحكم علاقة سابقة لك، حينها ستكون عالماً ببواطنها ما إن تُعرض عليك في موقع آخر..

ذلك ما مكّن رئيس البرلمان البروفيسور إبراهيم أحمد عمر أن يكون خصماً لدوداً لوزير الصناعة، د. موسى كرامة خلال جلسة الأمس التي طرحت فيها إجابة على سؤال حول تدني إنتاح مصنع سكر النيل الأبيض والمشاكل التي ألمت به منذ إنشائه، فقد حاصر البروفيسور – الذي ترأس لجنة تحقيق إبان فشل افتتاح المصنع في العام 2013م خرجت بجملة مخالفات- الوزير بجملة أسئلة ضيقت كثيراً من دائرة الحصار في ركن الفساد التي وضعه فيها النواب، لكن مقترحاً تقدم به العضو عبد الباسط سبدرات “نجد” الوزير من الإجابة عليها جميعاً ، عندما طالب بأن يعطى الوزير فرصة للإلمام بالمعلومات حول الأسئلة المطروحة عليه ليجيب عليها في جلسة لاحقة.

إجابات أولية

عدد كبير من النواب اعتبروا أن إجابة وزير الصناعة موسى كرامة على سؤال عضو البرلمان عبد الله عبد الرحمن حول ما حدث في مصنع سكر النيل الأبيض، كشفت عن قضايا فساد كاملة الدسم، خاصة أن كرامة قدّم بياناً تفصيلياً عن نشأة المصنع منذ بداية تأسيسه وحتى اليوم، مبيناً أن شركة سكر النيل الأبيض بدأت بشراكة بين شركة كنانة والحكومة، وعدد من المستثمرين.

وبدأ الإنتاج فيها في العام 2012 في مساحة تبلغ 165 ألف فدان، وكان الهدف من قيامه سد فجوة السكر في السودان وإنتاج محاصيل بغرض الصادر مثل السمسم وزهرة الشمس، مبينًا أن تصميم المصنع جاء على النسق الحديث باستخدامه تقنيات متطورة في الزراعة والصناعة.

حقائق صادمة

أكد موسى كرامة أن دراسة الجدوى للمشروع كانت قد قدرت إقامته بمبلغ (492,090,500) دولار، لافتاً إلى أن التكلفة الكلية للمشروع بلغت 1,2 مليار دولار، موضحاً أن المصنع صمم لإنتاج 450 ألف طن سكر في العام في زراعة كل المساحة المستهدفة، لكنه عاد وأكد أن المصنع لم تتجاوز المساحة المزروعة فيه 40% من المساحة المستهدفة، وأن أعلى إنتاجية له بلغت 174 ألف طن تدنت لتصل إلى 37 ألف طن فقط في العام، مرجعاً تدني الإنتاج سنوياً لضعف كميات القصب الواردة للمصنع لعدم اكتمال المساحات المزروعة وضعف إنتاجية الفدان بسبب الملوحة الزائدة في التربة وعدم وجود إداة تصريف، مقراً بأن 14% من مساحة المشروع تعادل 20 ألف فدان، لا تصلح لزراعة القصب لوجود أملاح لا يمكن معالجتها، واصفاً المشروع بأنه مشروع طموح لسد فجوة السكر في البلاد، مقراً بأنه تعرض لمعوقات لا يعد حلها مستحيلاً.

دهشة

استغرب نواب البرلمان بشدة ارتفاع تكلفة إنشاء المصنع وتضاعفها من 480 مليون دولار إلى مليار ومئتي مليون، وقال عضو البرلمان رئيس لجنة الصناعة والتجارة عبد الله علي مسار: لا أجد مبرراً لارتفاع تكلفة المشروع، ولكن يحق لنا أن نسأل هل جاءت آلياته من المنشأ مباشرة أم إنها عبرت عبر عدة دول وكثير من العملاء، مبيناً أن المصنع يحتاج لمراجعة شاملة منذ قيامه وحتى اليوم.

بينما قال عضو المجلس د. تيجاني السيسي إن مصنعاً بهذه الطاقة لا يكلف إنشاؤه أكثر من 60 مليون دولار فكيف ارتفعت تكلفته إلى مبلغ مليار ومئتي مليون دولار، بينما المساحة غير الصالحة للزراعة في المشروع أكثر من 44% من مساحته الكلية، مبينًا أن قيمة المصنع كان يمكن أن تنشئ ثلاثة مصانع في مساحات أقل، ومناطق مختلفة يزيد إنتاجها عن الإنتاج المتوقع لسكر النيل الأبيض.

من المسؤول

ظلت قضية رفع قيمة تشييد المشروع شاغلة لدرجة أن رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان علي محمود عبد الرسول تساءل عن الجهة التي وافقت على رفع قيمة تشييد المصنع إلى مليار ومئتي مليون دولار، وقال ” منو الاتخذ قرار، إنو التكلفة ترتفع من 480 مليون دولار إلى مليار ومئتين، ومتى يمكن استردادها وهي تتضمن قروضاً خارجية لا ندري كيف نسددها”. وربما وضع رئيس المجلس البروفيسور إبراهيم احمد عمر بعض النقاط على الحروف، عندما أشار إلى أنهم عندما حققوا في المصنع، وجدوا أن شركة كنانة كانت تعمل بطريقة خطأ، حيث أنها كانت الجهة التي أعدت دراسة الجدوى، وكانت المقاول الذي أنشأ المصنع، وكانت الاستشاري الذي راقب المقاول، فضلاً عن كونها المالك، لجهة أنها حاصلة على 30% كأعلى أسهم بالمشروع.

اتهامات فساد

اتهامات الفساد، جاءت مباشرة من عدد من الأعضاء على رأسهم عضو حركة الإصلاح الآن فتح الرحمن فضيل، الذي قال “مصنع سكر النيل الأبيض جريمة فساد متكاملة باعتبار أن تكلفة إنتاجه تضاعفت أكثر من مرة، وتناقصت المساحات المزروعة عن المخطط، فيما ظل الإنتاج ينخفض كل عام”، مشيراً إلى أن كل ذلك تم دون محاسبة، رغم أن لجنتي تحقيق حققتا في ظروف وملابسات المصنع وخرجتا بنتائج عدة، ولفت إلى أن المصنع بدأ بجريمة ارتكبت في حق السكان المحليين أودت بحياة 4 مواطنين من منطقة المصنع، مستنكراً عدم تقديم الجناة للعدالة في تلك القضية، وقال “يجب أن تتم محاسبة الجهات التي كانت طرفاً في هذه المسألة”، مقترحاً تحويل غرض المشروع لزراعة محاصيل نقدية أخرى مثل زهرة الشمس والسمسم وغيرهما بدلاً من أن يستمر المشروع في تكبد الخسائر.

بينما اعتبر عضو المجلس عن منبر السلام العادل العميد ساتي سوركتي ما حدث في المصنع فضيحة كاملة الدسم وفساد لا تخطئه العين، داعيا لأهمية التحقيق ومحاسبة جميع المتورطين فيه.

توصيات

قال البروفيسور إبراهيم أحمد عمر إنهم ومن خلال لجنة التحقيق الأولى أصدروا عدداً من التوصيات، مبيناً أنهم طالبوا بإعادة تقييم الأسهم، موضحا أن أسهماً تم تقييمها بصورة خاطئة لمصلحة شركة كنانة، متسائلاً في ذات الوقت عن التوصية هل تم تنفيذها؟

طلب بالإرجاء

عندما طالب رئيس المجلس من وزير الصناعة الرد على أسئلة النواب، تقدم عضو البرلمان عبد الباسط سبدرات بمقترح لإعطاء وزير الصناعة فرصة كافية لتجميع المعلومات على كل الاسئلة والعودة للبرلمان مرة أخرى في جلسة لاحقة للإدلاء ببيان تفصيلي يستوعب إجابات لكل الأسئلة، ورغم معارضة عدد من النواب الاقتراح إلا أن الأغلبية رجحت مقترح سبدرات، بعدها قرر رئيس المجلس إرجاء الإجابات على الأسئلة اللاهبة لجلسة لاحقة.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة.

تعليق واحد

  1. المتأمل لتراجيديا السودان يدرك بأن كل هؤلاء الذين يستجوبون وزير الصناعة كانوا هم أنفسهم وزراء في الحكومة وقد بدأ في عهدهم طوفان الفساد .