تحقيقات وتقارير

(ترليون) جنيه حجم الخسائر: حريق سوق أم درمان.. اليوم الثالث بالأرقام

(72) ساعة مرت على كارثة سوق أم درمان التي حَوَّلت الشقّ الشمالي (سوق العطور والأواني والتوابل) إلى رماد، وبقايا بضائع لم تأكلها النار برمتها لكنها أضحت تالفة.. برغم مرور هذه المدة، إلا أن اتساع الرقعة المحترقة، وضخامة الضرر، حالا دون حصر الخسائر المادية بشكلٍ قطعي، وبقيت اللجان تعمل باستمرار.
في المقابل، كان صدى الحريق يتردد في البرلمان بحضور وزير الداخلية أحمد بلال عثمان مجيباً على مسألة مستعجلة عن أسباب الحريق.

بالأرقام

مصادر رفيعة بمحلية أم درمان كشفت في حديثها لـ(السوداني) أمس، عن أن الدكاكين المتضررة بلغت (332) دكاناً بأسواق (العطور والأواني المنزلية والتوابل) مؤكدةً أن بها (طبالي) أو ما يُعرف بأصحاب التصاديق. وأشارت المصادر إلى أن لجان حصر الخسائر المادية ما تزال تعمل بصورة متواصلة حتى مساء أمس، ولم تفرغ من عمليات الحصر نسبة لارتفاع عدد المتضررين من التجار وأصحاب الطبالي و(الضِلف)، المصادر قلَّلت من حجم الخسائر الذي تداولته بعض المواقع، مؤكدة أن الحجم الحقيقي أكبر بكثير مما ذُكِر، مشيرةً -بحسب معلوماتها وقُربها من تجار السوق المتضررين- إلى أن حجم الخسائر المادية يفوق (الترليون) جنيه سوداني.

إزالات ذاتية

يبدو أن الحريق الكارثي أفاق تجار سوق أم درمان قبل المسؤولين بالمحلية، وطبقاً لرصد ميداني لـ(السوداني) أمس، لُوحظ أن التجار يُنفِّذون عمليات إزالة ذاتية لمظلات متاجرهم، بإشراف موظفي المحلية وضباطها الإداريين، مع توفير بعض المعينات.
أحد المسؤولين -فضل حجب اسمه- أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن عملية الإزالة صدر بشأنها قرار من المعتمد الفريق أبو شنب، مؤكداً قبول التجار للأمر بصدرٍ رحب نسبة لقناعتهم بأن المظلات في مقدمة متاجرهم وتوصيلاتها العشوائية كانت سبباً مباشراً في انتشار الحريق وامتداده حتى غطى عدداً كبيراً منها وأتلفها، وأضاف: “أمر الإزالة للمظلات والعشوائيات لم يقتصر على سوق أم درمان فحسب؛ بل سيطال جميع أسواق أم درمان، على أن تُنفَّذ خلال الأيام القادمة بالسوق الشعبي حتى لا تتجدد الكارثة.

سوق جديد

بعض التجار تخلصوا من بقايا بضائعهم المحترقة في مساحة خالية شمال سوق العطور والأواني، حتى يتثنَّى نقلها إلى مكبّ النفايات، وهذه البضائع عبارة عن (كريمات وعطور وبعض الصحون والكُمش والحلل) أفرزت سوقاً جديداً احتشدت فيه النساء يطلبن من الباعة كل ما لم تمسّه النار أو تُتلِفهُ بالكامل، وبعض الباعة ينادون (عشرة جنيه.. عشرة جنيه) ووجدت بضائعهم إقبالاً كبيراً وتدافعاً يشبه (أسواق الجرد).

كيف بدأ الحريق؟

مصادر أخرى كشفت لـ(السوداني) عن أن دوريتان تتبعان إلى قسم شرطة سوق أم درمان كانتا تجريان عمليات تمشيط وحراسة للسوق، بجانب نشر ضباط صف وجنود بلغ عددهم (40) فرداً، مشيرة إلى أنه عند الساعة (2:18) صباحاً، لاحظ أحد الأفراد التماساً كهربائياً بأمية الكهرباء الواقعة بالقرب من سوق التوابل بالجهة الشمالية للسوق، وعند الساعة (2:19) صباحاً أجرى الشرطي اتصالاً بشرطة النجدة (999) مبلّغاً عن الحريق، النجدة أحالت البلاغ في ثوانٍ إلى غرفة عمليات الدفاع المدني، وبدأت تعاملها مع الحريق.

صعوبات

المصادر أشارت إلى أن قوات الدفاع المدني وصلت سريعاً لكن هناك صعوبات عديدة واجهتها، أولها أن الحريق بدأ بأمية الكهرباء وهذا لم تستطع التعامل معه بالمياه في مصدره، فسارعوا بالاتصال بوحدة الكهرباء حيث أرسلت فريقاً نجح في فصل التيار الكهربائي، ليتثنى للقوة التعامل مع النيران التي بدأت وتيرتها في التصاعد بفعل شدة الرياح والمواد المساعدة، مبينة أن سياراتها حاولت الدخول من الجهة الشمالية لكنها وجدت صعوبة بالغة في الوصول إلى أمكان النيران الداخلة نسبة لضيق الطرقات بين الدكاكان بفعل الإنشاءات العشوائية، هذا ما جعل السيارات تتقدم خمسة أمتار ثم تقف لإزاحة عقبة من أمامها.
المصادر أضافت أن قوات الدفاع المدني حاولت إطفاء الحريق من أعلى سقوفات الدكاكين لكن أفرادها فوجئوا بأن أغلب السقوفات بلدية وبعضها من الزنك، رغم ذلك تسلق أفرادها إلى أعلى ما أدى إلى إصابة ضابط برتبة نقيب بحريق في صدره وضابط صف انهار به سقف متجر، وواصلت عملياتها حتى سيطرت عليه تماماً منتصف نهار (الأحد).

فرصة ذهبية

تُشكِّل حوادث الحريق التي تجتاح الأسواق الكبرى فرصةً ذهبيةً لمعتادي جرائم السرقة، حيث يتسابقون إلى مكانها، للاستيلاء على كل ثمينٍ من البضائع والمقتنيات، فضلاً عن تنفيذهم لسرقات في أمكان مجاورة لأمكان الحريق نسبة لانشغال القوات النظامية بالحادثة وتأمين مسرحها، هذا ما بحثت عنه (السوداني) وتوصلت إلى أن قسم شرطة السوق دائرة الاختصاص لم يُدَوَّن في مضابطها أيّ بلاغ سرقة من قبل تجار السوق خلال أيام الحريق، وبهذا الخصوص قالت المصادر إن شرطة السوق فطنت للأمر ونشرت جميع قواتها داخل السوق وخارجه بخطة تأمينيّة اصطحبت معها تأمين السوق بشكلٍ كليّ حتى تُفوِّت الفرصة على معتادي السرقات.

سوق أم درمان في البرلمان

في المقابل، وبعيداً عن سوق أم درمان أو مسرح الحادث كما يُوصف؛ كان الحريق مادة أساسية في جلسة المجلس الوطني رقم (23) التي شهدت أمس تعديلاً لجدولها بسحب سؤال مُوجَّه لوزير الداخلية عن وجود مواطنين جنوب السودان بالبلاد، وتم إدراج مسألة مستعجلة عن حريق سوق أم درمان، قدمتها النائبة عن التحرير والعدالة بالبرلمان سهام حسب الله، وذهبت في مسألتها إلى أن التجار يساهمون مساهمة كبيرة في الدخل القومي بالزكاة والضرائب، مطالبة بمعرفة الأسباب الحقيقة التي أدَّت إلى نشوب الحريق، والمعالجات التي اتخذتها وزارة الداخلية لعدم تكرار مثل هذه الحرائق، وما هو الحجم الحقيقي للخسائر التي لحقت بالتجار، وأضافت بأن التأمين في السوق غير مُنظَّم وغير كافٍ.
وزير الداخلية أحمد بلال أكد أن هناك العديد من الإشكالات التي واجهت قوات الدفاع المدني في دخولها لإخماد الحريق بسوق أم درمان، منها اكتظاظ المكان بعدد من الطبالي في المداخل والمخارج من وإلى مكان الحريق، مما اضطرهم لاستخدام أدوات الإطفاء من مكانٍ بعيد وليس من مكان الحريق، بجانب زحمة من الناس عرقلت وصول العربات، ووجود المظلات المنخفضة أمام المباني التي لا تسمح بدخول عربات الاطفاء.

و كشف بلال عن ان هناك 26 عربة اطفاء و5 تناكر مزوده بالمياه، وقال لولا تدخل الدفاع المدني لاشتعال الحريق بكم هائل في كل المكان. معلناً عن ان الحريق نتج عنه اتلاف كلي لـ (٢٦٢) دكان، و(٥٠) طبلية، و(٢٤) ضلفه، مشيراً إلى ان الطبالي منشأة بصورة عشوائية ويتركونها في الممرات ويأتون اليها في اليوم التالي. واوضح بلال ان كيفية العرض في ضلف المحلات الخارجية زاد من اشتعال الحريق، كاشفاً أن الحريق حدث لـ15% من السوق.
ونوَّه بلال إلى أن هناك تكهنات كبيرة بحصر الخسائر وهناك لجنة تعمل مع كل المتضررين لحصر الكميات التي أُتلفت وحجم الخسائر حتى يتم التعامل معها. وأن اللجنة مشكلة من عدة جهات لحصر الخسارة، وأضاف بلال “أعتقد أن عدم تكرار المسألة مرة أخرى يقضي بضرورة إعادة تخطيط السوق مرة أخرى مما يتحسب لمرحلة الحرائق ويُفرد مجالاً لوصول عربات الإطفاء في حالة نشوب الحريق بالسرعة المطلوبة”.

وكشف بلال عن أن المباحث الجنائية الآن تعمل على معرفة أسباب الحريق، وربما يكون بسبب التماس كهربائي. وأعلن عن أن الوصول إلى الأسباب الحقيقة سيكون خلال الأمس أو اليوم.

موضحاً أن التوصيلات العشوائية للكهرباء فاقمت في الأزمة وتوصيل الكهرباء من دكان لدكان ومن مكان لآخر ساعد في اشتعال الحريق وتأخر فصل الكهرباء من الأمية الرئيسية. قال بلال إن وزارة الداخلية بذلت جهداً فوق العادة وجهداً كبيراً ومقدَّراً لتأمين حجم الخسائر، و(لكن قَدَّر الله وما شاء فعل).

الخرطوم : محمد أزهري- مشاعر أحمد
صحيفة السوداني.

‫2 تعليقات

  1. لاحول ولاقوة إلا بالله مافي ولا طائرة واحدة لإطفاء الحرائق في المواقع التي يصعب لسيارات الدفاع المدني الوصول إليها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    اول مرة اعرف انو مافي طائرات تابعة للدفاع المدني!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  2. لماذا نترك توصيلات عشواءية؟
    لماذا نترك الطبالى
    لماذا نترك البيع على الضلف
    لماذا نترك البرندات العشوائية
    لماذا نترك البيع فى الطرق والممرات
    لماذا نمنع التجار من تحريك أموالهم من البنوك حتى يقوموا بتخزينها فى دكاكين عشوائية ورواكيب.
    اذا كانت فى اجابات مقبولة لهذه الأسئلة فالسؤال الأهم سيكون هو:
    لماذا إذن توجد محلية
    ولماذا توجد وزارة داخلية.