تحقيقات وتقارير

بين ملفات حزبية وقضايا سياسية الميرغني الصغير… في انتظار عودة (الحسم)


بعد أكثر من شهرين قضاها خارج البلاد، قرر كبير مساعدي رئيس الجمهورية، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل المكلف محمد الحسن الميرغني العودة للبلاد بعد أكثر من 70 يوماً قضاها متنقلاً بين القاهرة مقر إقامة والده والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا.

1

الرحلة الأخيرة… مغادرة مغاضبة

وكان الحسن غادر في سبتمبر الماضي للقاهرة بعد قرار رئيس الجمهورية بحل حكومة الوفاق، واعتبرت الأوساط الاتحادية وقتها مغادرة الحسن بأنها خطوة استباقية منه للاجتماع بوالده لقطع الطريق أمام التحركات التي نشطت في الحزب وعلو الأصوات المطالبة بعدم العودة للمشاركة في الحكومة، وجرى الحديث عن انسحاب الحزب من الحكومة وتكريس العمل التنظيمي بعقد مصالحات لتجميع أطرافه لخوض انتخابات (2020) بدلاً من المشاركة التي لا تتناسب مع حجم الحزب الاتحادي الديمقراطي.

2

الحسن والمهدي.. تشابه الذهاب والإياب

ويرى مراقبون أن الحسن المرغني أصبح ينافس زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي في الجلبة التي يحدثها في الخروج والعودة للبلاد والقاسم المشترك بينهما أن مغادرتهما وعودتهما تشكل مادة دسمة للصحافة، لكن سرعان ما تنتهي بنهاية مراسم الاستقبال، ولا يرى أي أثر للبرامج والخطط التي يبشران بها أنصارهما قبل العودة، ووجه الشبه الذي يجمع بينهما أن حزبيهما شهدا العديد من الصراعات وتستعر داخلهما نيران الخلاف بسبب الأزمات التنظيمية.

وتجيء اول مغادرة لـ (الحسن) في العام 2016 مبدياً سخطه على الشراكة مع الحزب الحاكم بعد أن وصفها بالسيئة وعبر عن استيائه لعدم تكليفه في القصر بأي ملفات، وهدد وقتها بانسحاب الاتحادي الأصل من الحكومة والبرلمان. اللافت أن الحسن غادر خلال هذا العام مرتين، الأولى كانت في نهاية يناير إلى القاهرة مغاضباً بعد المماطلة في تلبية طلبه الذي دفع به لرئاسة الجمهورية بإسناد ملفي علاقات السودان مع الجارتين مصر وإريتريا له، ليتولى عودة العلاقات إلى طبيعتها بعد أن شهدت توتراً غير أن الحكومة ودفعت إليه بملخص العلاقات المصرية والاريترية، واعتبر ذلك استفزازاً، وهذا ما دفعه إلى مغادرة البلاد مغاضباً.

3

ملفات حزبية.. مطالبات بتفويض (مكتوب)

ويرى القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، د. علي السيد أن سفر الحسن الميرغني وعودته دائماً تكون بصفة بشخصية، ولا يحمل أي صفة حزبية أو دستورية كمساعد لرئيس الجمهورية.

وأضاف د. علي السيد للصيحة: ما يؤكد أن سفريات الحسن تأتي بصفة شخصية وليست لها علاقة بالحزب بدليل أنه لا يقدم أي تنوير عقب عودته في كل سفرياته للحزب يحوي ما تم في الزيارة، وكذلك لا يمثل في سفريات الجانب الرسمي كمساعد لرئيس الجمهورية فهو دائماً لا يغادر بتفويض من مؤسسة الرئاسة، ولم يسمع عنه في كل سفرياته أنه التقى بمسؤول سواء وزير أو أي مستوى في البلدان التي يسافر إليها.

ونفى د. على السيد أن يكون لعودة الحسن أي أثر على المستوى الحزبي، فهو لم تعد له أي سلطة في الحزب بعد فشل محاولاته السابقة في الاستيلاء على الحزب وخلق اضطرابات وفوضى وصراع داخل الحزب مع قياداته، لكن تكشف أنه لا يحمل أي تفويض من رئيس الحزب، وتم حسم تطلعاته بقرار من رئيس الحزب، ومجلس الأحزاب. وأكد د. السيد أن قيادات الحزب لن تتعامل مع الحسن إلا في حالة أن يكون عاد هذه المرة يحمل تفويضاً من رئيس الحزب بتكليفه نائباً لرئيس الحزب أو تم تفويضه بإدارة الحزب بخطاب مكتوب وموقع من مولانا السيد محمد عثمان رئيس الحزب .

وفي تعليقه على الحديث بأن التحضير للانتخابات واحدة من أبرز البرامج الحزبية التي عاد الحسن للعمل فيها، قال علي السيد إن الحسن لا يستطيع التدخل في التحضير للانتخابات بعد أن تم حسم الجدل حولها بتكوين لجنة للإعداد للانتخابات بتفويض من رئيس الحزب، وشرعت في عملها بإعداد ورقة أبدت فيها رأي الحزب في قانون الانتخابات والحسن لا يستطيع تخطي هذه اللجنة.

4

قضايا سياسية.. سبر أغوار العودة

من جانبه، نفى القيادي بالحزب وعضو البرلمان أحمد الطيب المكابرابي للصيحة، ما أوردته الصحف بأن الحسن عائد ببرنامج التحضير للانتخابات والاحتفال بأعياد الاستقلال، مؤكداً أن هذه أمور ثانوية في هموم الحسن المرغني الذي يشكل معاش الشعب السوداني والخروج من الضائقة التي يعاني منها أولوية في تفكير الحسن، الذي يرى أن الاهتمام بالاحتفالات نوع من الترف الذي يشغل بال الغرباء في الحزب. وأضاف المكابرابي أن الذين يروجون لهذا الحديث هم بعض الأشخاص الذين يسعون لتشويه صورة السيد الحسن بأنه بعيد عن هموم الجماهير .

وأشار المكابرابي إلى أن السيد الحسن لديه خلاف مع بعض النخب المعزولة جماهيرياً داخل الحزب، وهي مجموعة صغيرة وتسيطر عليها مصالحها الشخصية وتفرقت بها السبل وأصبحت منفصلة عن واقع جماهير الحزب، التي ترى في السيد الحسن أنه يمثل مستقبل الحزب، وهو على تواصل مباشر معها من خلال زياراته الميدانية المتواصلة للوقوف على أحوالها.

وأكد المكابرابي أن الحسن لا يسعى للقفز في الظلام لينال تفويضاً لإدارة الحزب، فهو الآن مسؤول قطاع التنظيم ونائب رئيس الحزب، ومشرف على الطريقة الختمية في داخل السودان وأي حديث مغاير للطعن في تفويضه هو حديث خصوم لا معنى له.

وقال نائب رئيس قطاع التنظيم بالحزب الاتحادي مالك درار للصيحة إن كل مغادرات الحسن طبيعية وليست بسبب خلاف تنظيمي أو مع الحكومة، وما يدور من حديث في هذا الشأن ضرب من الشائعات، مضيفاً أن الحسن لم يشر في حديث قبل سفره الأخير بأنه ذهب مغاضباً، بل كان متابعاً خلال غيابه في الخارج مع أمانات الحزب للتحضير لاحتفال الحزب بأعياد الاستقلال واستعداداته للانتخابات، نافياً تنظيم أي احتفال لاستقبال الحسن، مؤكدا أنه لا يحبذ هذا النوع من الاحتفالات.

5

الميرغني الصغير.. تعويل جماهيري لم (يكتمل)

وكان الحسن في بداية ظهوره قد عول عليه كثيرون كزعيم شاب يمكن أن يقود الحزب إلى مستقبل جديد ، ويرى أنصاره أنه يؤسس لمدرسة جديدة في قيادة تختلف عن مدرسة أبيه، من خلال ظهوره بمظهر جديد، لكن المراقبين داخل الحزب يرون أنه لم يستطع أن يعبر بتجربته لنهاياتها، بعد أن وجد نفسه في صراع مع مجموعة لها خبرات طويلة في العمل التنظيمي الحزبي، ولها أطراف داخل الدولة، إضافة لوجود علاقات لهذه القيادات مع الميرغني الكبير رئيس الحزب، وأنها ظلت تتقوى بها في مواجهة الحسن.

الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة.