أزمة النقد في السودان.. خيارات وحلول
اضطر الشاب العشريني منذر للتغيّب عن العمل بحثا عن صراف إلى لاستلام راتبه الذي لا يتعدى 3 آلاف جنيه، وبعد رحلة من البحث عن صراف يعمل وصل عند العاشرة مساءً لصراف شرق استاد الخرطوم، وبينما حجز منذر مكانه في الصف الذي زحف ببطء بسبب خروج الصراف عن الخدمة عدة مرات، واضطر للانتظار لنحو 45 دقيقة ليصل لمدخل الصراف قبل أن يُفاجأ بأن الصراف فرغ من النقود، ليعود خائبا بعد أن خسر يومه.
صفوف الصرافات
ما تزال صفوف الباحثين عن النقود أمام الصرافات تتمدد يوما بعد يوم أملا في الحصول على نحو ألفَي جنيه في الحد الأعلى لعملية الصرف اليومي الأمر الذي لا ينجح في كثير من الأحيان.
ويواجه النظام المصرفي العديد من الصعاب خاصة فيما يتعلق بأزمة تأمين النقد، الأمر الذي دفع الحكومة لإقرار إجراءات عاجلة للحيلولة دون ذلك.
وفي أكتوبر الماضي كشف البنك المركزي عن وصول أربع شحنات من الأوراق النقدية خلال أكتوبر ونوفمبر من مطابع خارج البلاد. وقال محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير حينها، إن من شأن هذه الشحنات حل مشكلة شح النقد، مشيرا إلى أن أول شحنة من الأوراق المالية ستصل في الحادي عشر من شهر أكتوبر وشحنة أخرى في الرابع والعشرين من ذات الشهر، وأن هناك شحنتين في مطلع شهر نوفمبر ونهاية الشهر، مستبعدا في ذات الوقت ارتفاع التضخم في حال طرح الأموال الجديدة، وأضاف أنه بجانب طباعة العملة في الخارج فإن المطابع الداخلية تعمل بطاقتها القصوى لتوفير النقد.
التضخم والسيولة
وقال الجهاز المركزي للإحصاء، إن التضخم في السودان تراجع قليلاً إلى 68.44% على أساس سنوي في أكتوبر من 68.64% في سبتمبر بفعل انخفاض أسعار الأغذية والمشروبات.
غير أن السيولة لم تتوفر بالشكل المرضي خصوصاً بعدما ارتفع الطلب على السيولة النقدية بسبب التضخم، وضعف الثقة في النظام المصرفي، وسياسة البنك المركزي في تقييد المعروض النقدي لحماية الجنيه السوداني. وأدت هذه الظروف إلى أزمة في السيولة تفاقمت في الأيام الأخيرة انتظاراً لتسليمات جديدة من أوراق النقد.
الخبير في الشأن المصرفي د.طه حسين، يرى أن الطباعة لم تكن حلا ناجعا لأزمة السيولة، مشيرا إلى أن طباعة الأرواق النقدية تكون ناجحة في حال توظيفها لزيادة الإنتاج بحيث يتم تعويض الاستدانة من الطباعة، مضيفا: “أي عملية طباعة ستزيد الوضع سوءا باعتبار أنه لا يتم تداولها ويتم تخزينها مما يزيد التضخم ويتسبب في تنامي المضاربات وزيادة التضخم”.
أزمة الثقة
الأزمة الأساسية – بحسب مراقبين – تتعلق بانهيار الثقة بين المتعاملين والنظام المصرفي مما قاد للجوء الجمهور للاحتفاظ بالنقد بعيدا عن الجهاز المصرفي سواء عبر أصول أو عملات أجنبية أو سيولة نقدية.
في وقت أكد فيه الخبير طه حسين، أن إجمالي الكاش خارج الجهاز المصرفي لدى الجمهور بلغ ٩١ ملياراً وستمائة مليون من إجمالي ٩٧ ملياراً حسب تقرير البنك المركزي، أي بزيادة كبيرة جدا من ٧٤ مليارا خارج الجهاز المصرفي تقرير مارس ٢٠١٨م أي بزيادة حوالي ١٧ مليار جنيه، وهو ما يعادل حركة الكاش الشهري الموجود في تحويل الرصيد المقدر بحوالي ١٥ مليارا.
بينما يذهب الخبير المصرفي محمد عبد الرحيم إلى أن تعامل الحكومة في الآونة الأخيرة مع الأزمة لم يكن ناجعا لاعتبارات تتعلق بأزمة الثقة حيث تمت طباعة كتلة نقدية بهدف تداولها، إلا أن المتعاملين استولوا عليها وحالوا دون تداولها.
إجراءات ومعالجات
وتأتي أزمة السيولة النقدية بعد تخفيض السلطات للجنيه إلى 47.5 جنيه للدولار من 29 جنيهاً، فيما اتسعت الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي ليصل عبر البيع الآجل لنحو 70 جنيها.
ونوه تاجر في السوق الموازي إلى أن السلطات الأمنية أطلقت حملات أمنية شرسة خلال اليومين الماضيين، مما أدى إلى إحجام حركة البيع في السوق الموزاي، مضيفا: “إذا استمرت الأوضاع على ما هو عليه، فلا نستبعد أن يرتفع الدولار بشكل أكبر”.
وتقوم لجنة من بنوك وشركات صرافة منذ الشهر الماضي بتحديد سعر صرف رسمي للعملة يومياً، ورفعت اللجنة سعر الجنيه إلى 46.95 جنيه مقابل الدولار بعد أيام من خفض قيمته، لكنها سرعان ما أعادته إلى 47.5 جنيه. ويذهب حسين إلى ضرورة وضع سياسة كاملة تشمل الجميع القطاعات الحكومية التي تقوم على منع تداول الكاش ومراقبة الأسواق، ويقترح حسين سحب الثقة من فئة الخمسين جنيها القديمة لمدة أ0سبوعين، وحصر التداول على الإصدار الجديد منها، مع خلق عدالة في توزيع الفئات لجهة أن 87% من الفئات المتداولة هي فئة الخمسين جنيها.
ويدعو حسين لتأكيد استخدام نقاط الدفع الإلكتروني بالأسواق والجامعات والمستشفيات مبدئيا بالخرطوم ومن ثم الولايات الكبرى، مشيرا إلى أن ندرة “الكاش” رفعت نقاط البيع بنسبة 80% هذا العام، في ظل وجود نحو 29 مليون شخص يحملون هواتف سيارة وزهاء 11 مليونا يستخدمون الإنترنت في البلاد، فضلا عن قرار السلطات قصر بيع وشراء العقارات والسيارات عبر الشيك المصرفي فقط.
وفي كل الأحوال يمكن القول إن الحل الجذري لأزمة النقد يتعلق بإعادة الثقة في النظام المصرفي عبر إجراءات متدرجة تعزز الثقة في نظام الدفع الإلكتروني عبر زيادة الوعي والثقة به وتعزيز الإطار القانوني والفني لعمليات الدفع الإلكتروني لتقليل التعامل بـ(الكاش) ومن ثم يمكن اللجوء لخيار سحب جزئي للعملة أو تغييرها إذا استدعى الأمر، وهو ما يمكن أن يكون خيارإ ايجابيا في حال نجاح تجربة الدفع الإلكتروني وانتشارها.
صحيفة السوداني.
الحكومة عملت صرفات سحب نقدي للبنوك في كل منطقة لكن دقست وما عملت صرافات ايداع نقدي في كل منطقة دا كان علي الاقل وفر النقد وذلك من خلال تدوير القروش
الحل هو نشر وسائل الدفع الإلكتروني في كل مكان وإلزام كل من له نشاط تجاري أو خدمي بأن يتحصل مبيعات عن طريق نقاط البيع وبالتالي تقل الحاجة إلى استعمال النقود الورقية فالنقود هي وسيلة تبادل ولكنها للأسف تحولت إلى سلعة في السودان
الثقة في النظام المصرفي لن تعود فبل سنوات ولابد من محاسبة من فكروا بتحجيم النقدية لضبط سعر الدولار فالقرارات غير المدروسة تسببت في نتائج عكسية ويبدو أنهم قصيرو النظر .
أكرر الحل في إلزام جميع بقبول الدفع الإلكتروني كشرط لممارسة النشاط التجاري