قصـة الجنرال الإسرائيلي (زيـف)!

لم يكن فرض عقوبات أمريكية جديدة على متورطين في الحرب الأهلية في الجنوب بغريب او جديد ، إلا أن الغريب، هو أن تُفرض هذه العقوبات على جنرال إسرائيلي وبمعيته اثنين من الرموز الجنوبية، أحدهما صهر لرئيس الجنوب، والآخر رجل أعمال جنوبي يمتلك شركة طيران أحد مقارها في الخرطوم..ويبدو أن تصدر قائد العمليات في رئاسة الأركان الإسرائيلية سابقاً الجنرال، يسرائيل زيف لقائمة العقوبات سيسل مياهاً كثيرة تحت الجسر، وربما يفضح معلومات لم تكن في الحسبان حول تزويد الجنرال الإسرائيلي للجنوب والمرتزقة بالسلاح، وعن أدوار شركة للاستشارات الأمنية يمتلكها تمارس مهامها بكل حرية في القارة الأفريقية وخصوصاً في الجنوب..
(الإنتباهة) سبقت الجميع وفجرت العلاقة وكشفت سيل المعلومات منذ وقت مبكر منذ مايو 2016، وحسب المعلومات التي نشرتها الصحيفة حينها، فلقد كان الجنرال، يسرائيل يتزعم مجموعة من كبار المسؤولين الإسرائيلين السابقين يقومون بدور لوبي للتنسيق من أجل الحصول على أموال حكومة جنوب السودان، ويضم اللوبي كل من سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة (رون فرشاور) والقنصل الإسرائيلي في مدينة نيويورك الأمريكية السابق (الون بينكاس) بجانب الصحافي الإسرائيلي (عمونئيل روزين) والكاتب حالياً بصحيفة (يديعوت أحرونوت)، وتاجر المجوهرات الإسرائيلي (بيني شطاينمتس) و وزير الخارجية السابق (شلومو بن عامي)!. فيما يلي تفاصيل المعلومات السابقة والجديدة بشأن المتورطين في تأجيج الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان .
لوبي متكامل
حيث شكل اللوبي قنوات اتصالات رفيعة في إقليم دول شرق أفريقيا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، للضغط على المجتمع الدولي مقابل الصمت والتنديد إزاء المذابح التي ظلت تُرتكب في دولة جنوب السودان طوال فترة الحرب الأهلية. وبحسب معلومات (الإنتباهة)، فإن اللوبي اجتمع في (تل أبيب) مع مدير مكتب رئيس دولة الجنوب مييك ايي دينق لإقامة حملة من أجل تحسين صورة دولة جنوب السودان في الإعلام من أجل أن تتقاضى الصحف العالمية ووسائل الإعلام عن ما يجري في جنوب السودان بعد الجرائم التي قام بها جنود الحكومة من اغتصاب وتجويع للأطفال، واستعمال المواطنين دروعاً بشرية خلال الحرب.
شركات يسرائيل
وبحسب المعلومات آنذاك، فإن الجنرال، يسرائيل زيف، كان صديقاً شخصياً للرئيس سلفا كير قبل إحالته الى التقاعد، حيث أنشأ شركة استشارات أمنية عالمية تدعى (غلوبال سي إس تي) تقوم بتدريب المرتزقة والمليشيات في معسكرات بأمريكا اللاتينية وبعض الدول الأفريقية، وأن ضمن تلك المعسكرات التدريبية كان معسكر الشرطة في جنوب السودان الذي كان يجري فيه تدريب حركات دارفور المسلحة في دولة جنوب السودان، وأفادت معلومات (الإنتباهة) في ذلك الوقت عن اجتماع عقده الجنرال الإسرائيلي يسرئيل زيف مع مدير المخابرات الليبي الأسبق عبد الله السنوسي وصالح قرين القذافي السفير السابق لليبيا في قاعدة عسكرية لدولة أفريقية لم تكشفها (الإنتباهة) في ذلك الوقت لأسباب أمنية، لكن بعد العقوبات الأمريكية التي فرضت على الجنرال والمتغيرات الإقليمية الجارية، فإن القاعدة العسكرية التي أجري فيها الاجتماع، جرى في العاصمة التشادية (أنجمينا)، وحضر الاجتماع من الجانب الإسرائيلي (الجنرال زيف) مع الجنرال الإسرائيلي (يوسي كوبر ساور) ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (الجنرال آفيف كوخفي) و وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق شلومو بن عامي رئيس إدارة شمال إفريقيا في الخارجية الإسرائيلية (شالوم كوهين) والسفير الإسرائيلي الأسبق في باريس (نسيم زويلي)، وجرى خلال الاجتماع الاتفاق على نقل حركات دارفور المسلحة الموجودة في جنوب السودان الى ليبيا من أجل دعم نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي مقابل (5) مليارات دولار تدفع لصالح الشركة الإسرائيلية التي يرأسها الجنرال، يسرائيل زيف، وذلك بنقلهم بطائرات وبلغ عددهم آنذاك (50) ألف مقاتل مزودين بأنواع من الأسلحة من صنع روسي وأمريكي وبريطاني وإسرائيلي، منها بنادق الكلاشنكوف المطورة المحسنة في إسرائيل، وحسب المصدر نفسه فإن الطرف الليبي آنذاك قدم ضمانات بمنح للشركة الإسرائيلية (غلوبال سي إس تي) بعد وضع حد للثورة ضد القذافي امتيازات في مجال التنقيب واستخراج وتصدير النفط والغاز الليبي في عدة حقول بمناطق سبها وطبرق وبنغازي والكفرة، بالإضافة لحرية العمل انطلاقاً من ليبيا للنشاط في عدد من الدول المجاورة، وخاصة في (إقليم دارفور) وفي النيجر وشمالي تشاد.أما بشأن جنوب السودان، فنجد أن زيارة الجنرال الإسرائيلي نفسه الى جوبا ولقائه بالرئيس سلفا كير ميارديت بدأت قبل العام 2016 عندما بدأ بالإشراف على إقامة معسكرات لتدريب حركات دارفور المسلحة من أجل استخدامهم في دول الإقليم في مطلعها السودان، وجرى التنسيق على ذلك برعاية الرئيس سلفا كير و وزير الدفاع كول ميانق جوك ونشرت (الإنتباهة) منذ العام 2016م صورة الجنرال الإسرائيلي في زيارته الى جوبا في لقطة التقطت في مكتب وزير الدفاع كول ميانق حيث جرى أيضاً آنذاك التنسيق مع نائب وزير الدفاع الجنرال السابق ديفيد ياو ياو على إقامة معسكرات ومناطق عسكرية محظورة بالقرب من توريت بولاية شرق الاستوائية تشرف عليها شركة (غرين هورايزون) الإسرائيلية الزراعية التي كانت غطاءً لأعمال شركة (غلوبال سي إس تي) الأمنية، والتقطت الصورة في سبتمبر من العام 2015م.
وفي أبريل من العام 2017م كانت (الإنتباهة) قد نشرت أيضاً احتفال حكومة جنوب السودان في العاصمة جوبا مع شركة (غلوبال) بواسطة مدير مشروع كاميرات طائرات دون طيار ذات كاميرات أمنية إسرائيلية، وأعلن الرئيس سلفا كير أن الطائرات دون طيار الصغيرة الهدف منها ملاحقة المجرمين. وأثناء الحفل جرى تدشين طائرتين مسيرتين و11 كاميرا من شركة إسرائيلية وكلفة المشروع لم تكشف إلا أن المسؤولين بحكومة الجنوب قالوا إنها بـ(ملايين) الدولارات. بدوره أشار مدير الشركة الإسرائيلية، كفير شيلدر إلى أنه من المقرر تركيب (100) كاميرا إضافية، ونشر طائرات أخرى، وأوضح أن الكاميرات ستركز أيضاً على القصر الرئاسي وحي الوزارات ومطار جوبا الدولي، وستتولى الشركة إدارة المعدات لحين تدريب 150 شرطياً محلياً لتولي ذلك.
يشار أن الطائرات الصغيرة الحجم التي ركبت في جوبا يستخدمها الكثيرون حول العالم لأغراض اللهو واللعب، وتنفذ الشركة الإسرائيلية المشروع الذي يطلق عليه اسم المدينة الذكية، ويتوقع أن يكون لكل من الأقسام الخمس داخل جوبا طائرة بدون طيار واحدة،ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان المشروع سيشمل الولايات الأخرى.
العريضة الأمريكية
أما ما كشفته عريضة العقوبات الأمريكية أول أمس، فكان كالآتي: فإن رجل الأعمال الإسرائيلي جرت معاقبته بعد أن حصل على مبلغ (150) مليون دولار من حكومة جنوب السودان والاستفادة من الحرب الأهلية وأن الجنرال خطط باستخدام مرتزقة نفذوا هجمات ضد مؤسسات في دولة جنوب السودان، بهدف إقناع حكومتها بالاستعانة بخدماته في مجال الأمن، منها شن هجمات على حقول النفط والبني التحتية في جنوب السودان، من أجل دفع حكومتها إلى الاستعانة بخدماته لوقف هذه الهجمات باعتبارها هجمات من حركة المعارضة المسلحة التي يقودها رياك مشار، بينما هي حركات مسلحة تتحرك بأوامر من الجنرال الإسرائيلي، وبجانب شركته الأمنية التي فرضت عليها العقوبات، جرى فرض العقوبات على شركتين هما أيضاً غطاء للشركة الأم (غلوبال سي إس تي) الأمنية. و الشركتان هما (Global IZ Group Ltd) و(Global N.T.M Ltd).
العقوبات لآخرين
طالت العقوبات التي فرضتها أمريكا بسبب تأجيج الحرب الأهلية بجنوب السودان، صهر رئيس دولة جنوب السودان وشقيق زوجته الجنرال (قورقوري دينق باسيلي) وذلك بسبب نقل الجنود والدبابات الى مواقع الحرب في ولايات جنوب السودان والمشاركة بعقد صفقات لبيع معدات عسكرية لصالح جوبا بجانب إشرافه على دعم عشيرته بالمعدات العسكرية من الجيش الحكومي إبان توليه منصب حاكم قوقريال مما أدى لمقتل المئات ونزوح الآلاف.
أما الشخصية الثالثة المتورطة في العقوبات الأمريكية، فهو رجل الأعمال الشهير (أوباك وليم أولو) صاحب شركة طيران الأجنحة الذهبية التي لديها مقر بالعاصمة الخرطوم في السوق العربي في فندق ريجنسي، وبحسب وثيقة العقوبات الأمريكية فإن العقوبات فرضت على (أوباك) بسبب شرائه للسلاح وشحنها الى جنوب السودان منذ العام 2014م حتى منتصف العام 2018م، بالإضافة لنقل القوات تحديداً في أبريل ومايو 2015م ودعم هجمات الجيش الحكومي بنقل الجنود والأسلحة وحددت وثقية العقوبات الأمريكية شركات (أوباك) التي فرضت عليها العقوبات وهي (شركة طيران الأجنحة الذهبية)، بجانب الشركة الأفريقية للتجارة العامة وشركة كروان للتجارة.
صحيفة الانتباهه.