تحقيقات وتقارير

الاغتصاب الزوجي جريمة خارج إطار القانون

تصرخ، وتبكى، وتتألم، ويتعالى صياحها؛ طلبًا للنجاة، ولكن دون جدوى.. ثم لا يتبقى لها سوى بقايا ملابس ممزقة وجسد تعلوه آثار اشتباكات عنيفة.. كل هذا تتعرض له بعض النساء فى «جريمة مشروعة» لرجل تحت مسمى الزواج فى ليال مرعبة وقاسية دون ترتيب، حيث يفاجئها الشريك الشرعى باحتلال جسدها عنوة، فى اعتداء جنسى وحشى، دونما رغبة أو موافقة.. كل هذا تدفعه النساء اللواتى يتعرضن للاغتصاب الزوجى، واللاتى قد يلجأن فى لحظة ضعف لارتكاب جرائم ضد الزوج للتخلص من هذه العلاقات المؤذية جسديًا ونفسيًا.

مع تكرار جرائم العنف الأسرى وارتفاع معدلات الطلاق، وبالتزامن مع فعاليات الـ«16 يوم» المناهضة للعنف ضد المرأة، التى أطلقتها الأمم المتحدة فى 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر من كل عام، تفتح «المصرى اليوم» ملف «الاغتصاب الزوجى»، بعدما أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن 35% من النساء حول العالم تعرضن لاعتداء جنسى من الشريك الحميم، كما تعرضت واحدة من بين كل عشر نساء- 120 مليون سيدة- للجماع القسرى من أزواج حاليين أو سابقين.

بحسب إحصائيات عام 2014 عن العنف ضد المرأة ضمن المسح السكانى، تحت إشراف وزارة الصحة، فإن 267 من السيدات المتزوجات فى عينة البحث البالغة 6693 سيدة قد تعرضن للعنف الجنسى من أزواجهن، و30% ممن انفصلن عن أزواجهن تعرضن للعنف مرة واحدة على الأقل، وهى نسبة مقاربة لما ورد فى تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2013، الذى أجرى فى عدة دول بينها مصر، ورصد أن 35% من النساء يتعرضن للعنف الجسدى أو الجنسى من أزواجهن.

«هو الدين قاله يهين ويضرب ويشتم ويعاشرنى بالبهدلة والضرب أنا كرهت إنى ست، عايزة أخلص منه لأنى مش قادرة أكمل حياتى كده».. بهذه العبارة عبرت «هبة.أ» عن معاناتها الزوجية فى اغتصاب شرعى لجسدها لا يعاقب عليه القانون.

تحكى «هبة»، من إحدى القرى الريفية، قصتها مع الاغتصاب الزوجى الذى أصبح تعذيبا أسبوعيا قائلة: «جوازى بنظام الصالونات، والخطوبة كانت قصيرة، كنت عايشة فى بيت أهله، ومعاهم فلوس وأرض، كان بيصحينى بدرى أشتغل معاه بالعافية حتى من غير أى قرش، وبعدين أرجع أعمل شغل بيتى وبيت أهله وعيالى مع إنه مقتدر هو وأهله، وبالليل تبدأ الإهانات من ضرب وبهدلة وذل واعتداء جنسى».

وتضيف: «من أول الجواز والعلاقة اللى بينا صعبة مكنش بيرحمنى، بقيت كارهة كل حاجة، ومبقتش عايزة العلاقة دى ورفضاها باصحى مفزوعة فى نص الليل وأصرخ من الكوابيس اللى بشوفها».

وتكمل: «الكارثة كانت بالنسبة لى لما كنت باسمعه وهو بيحكى لأصحابه على اللى حصل بينا، مع الوقت ومن كتر ما أنا خايفة ومكسوفة أحكى لأهلى على اللى بيحصلى بقى بيجيلى قىء مستمر ورعشة وتنميل فى نص جسمى الشمال من أول ما يقرب منى».

وتتابع هبة باكية: «ذهبت للدكتور مع والدتى، وأكد أن عندى حالة نفسية فى الوقت الذى قرر فيه زوجى الذهاب لدكتورة نساء حتى أحصل على منشط جنسى، ولكنى أرفض العيش معاه». وتضيف: «لو اتطلقت هتنازل عن كل حاجة حتى عيالى».

لا يختلف حال هبة كثيرا عن حال «أسماء. ج» والتى رغم زواجها من قريب لها فإنه لم يراعِ صلة القرابة فى اعتدائه الجنسى المتكرر عليها أوقات معاشرتها، باعتبار أن اغتصابها حق مشروع له لا يلزمه الرغبة أو الموافقة منها على شعوره بلذة فى تعذيبها.

تقول أسماء: «أنا متجوزة قريبى وبدل ما يريحينى واحس بالأمان كان بيزعق وكانت طريقته همجية فى كل حاجة، كأنه بيتلذذ كده».

حاولت «أسماء» الهروب من هذه الجريمة- على حد قولها- بالعمل فى البيوت كخادمة، إلا أن زوجها لم يكتفِ باستغلالها جسديا، واستغلها ماديا، وليكمل عذابها الجسدى بضمير دفعها لإدمان «الترامادول» حتى ترضى رغباته السادية، ولا تشعر بالألم.

وتضيف: «بقيت أنزل أشتغل فى البيوت علشان أبعد وأجيب فلوس، لحد ما اتعود على كده وبقى قاعد فى البيت على طول ياخد عرقى ويصرفه على نفسه ومزاجه، بيضربنى بشدة وبقى يدينى برشام أحمر كده عشان أشتغل أكتر بره البيت، وأستحمل عيشته ورغبته العنيفة».

وتكمل: «أجيب نفس إزاى، وأبص فى وشه إزاى وهو بياخد عرقى يشرب بيه مخدرات وبيبهدلنى حتى العلاقة اللى ربنا شرعها كلها ود ورحمة، كان كلها إهانة وألم بيكون عنيف جداً لدرجة آخر مرة رحت المستشفى لأنى أصبت بنزيف».

حال «مريم. ح» كان أكثر سوءًا من هبة وأسماء، حيث تتعرض لعنف أشد شراسة من زوجها، من تطاول لفظى وجسدى واعتداء جنسى بأشكال غير شرعية، حيث تقول: «من ساعة ما اتجوزت وأنا وجوزى فى مشاكل على طول، كل كلمة يضرب ويشتم كل كلامه شخط وزعيق وعصبية، مكنش متحمل أى مسؤولية أنا اللى بشتغل وأصرف وكمان بياخد فلوسى، كل حاجة ياخدها منى بالغصب والقوة علشان عارف مليش ضهر، ده كله كوم، وعلاقتنا الزوجية بياخدها بالضرب والشتيمة والإهانة وبطريقة غير شرعية، تسببت لى فى مرض، بجانب نزيف مستمر، وده ما يرضيش ربنا، ونفسى يبقى فيه حل للأوضاع دى».

لا تختلف حالة «ابتسام. ر» كثيرا إلا أنها تزوجت برجل يكبرها بـ13 عاما هروبا من قسوة والديها حيث تقول «اتجوزت أول واحد اتقدملى وكان أكبر منى بـ13 سنة، لأنى كنت عايزة أهرب من عيشة أبويا عشان الفقر والضرب، اتخطبت شهر واحد وتزوجنا، ماكنتش عارفة معلومات عن الجواز، وكانت علاقتنا متوترة، ولكن وصل به الأمر، لربطى فى السرير ومعاشرتى بالقوة وتم نقلى للمستشفى، وعندما حاول إخوتى التفاهم معه، ادعى أننى الذى أطلب منه ذلك، بجانب أنه كان يضربنى بعصا قبل معاشرتى، وعرفت بعد ذلك أن والده كان متزوجا من 3 نساء فى بيت واحد، وكان يفعل نفس الأمور الشاذة»، ولم تجد ابتسام وسيلة للخلاص من زوجها سوى محاولة الانتحار، ثم القرار بالانفصال بشكل نهائى.

«الزواج علاقة مبنية على أساس الاحترام والود فى كل الأديان السماوية، فالزواج ليس معناه أن للزوج الحق فى ممارسة العلاقة الخاصة فى أى وقت وفى أى مكان بدون موافقة الزوجة، وليس معنى الزواج أن تتخلى الزوجة عن حقها فى الرفض أو القبول، فالاغتصاب هو الاغتصاب حتى وإن كان داخل إطـار العلاقة الزوجية».. هذا بعض ما قالته جواهر الطاهر، مدير برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية.

وتضيف جواهر: «الزواج عــلاقة مقدسـة ولكـل من الزوجـين دوره، والاغتصاب الزوجى هو أى أعمال جنسية غــير مرغوب فيها من جانب الزوج دون موافقة الزوجة يتم فيها استخدام القوة أو التهديد أو الترهيب أو تحت تأثير مواد مخدرة وتشمل أيضا بعض الأوضاع الجنسية التى تعتبرها المرأة مهينة ومؤلمة لها وترفضها بجانب كونها غير شرعية».

وتؤكد: «حينما لا يتاح للمرأة المتزوجة الموافقة على العلاقة الزوجية فى وقت معين فهذا اغتصاب رغم أن البعض يتعجب ويسأل كيف وهو لم يخطفها ولا يحمل مسدسا، فكيف يكون اغتصابا لكن هو بالفعل اغتصاب عندما ترفضه الزوجة أو عندما يكون تحت التهديد ومكرهة عليه بعد إجبارها على تعاطى الترامادول وغيره من المواد المخدرة أو تعرضها للضرب والعنف حتى تجبر على ممارسة علاقة معه فى وقت هى غير مستعدة لها، ففى كثير من العلاقات تستسلم المرأة، لأنه ليس لديها اختيار، فالاستسلام ليس هو نفسه إعطاء الموافقة، فعندما تشعر المرأة أنه من السهل الاستسلام للجنس أكثر من احترام احتياجاتها، فهذا هو الاغتصاب الزوجى».

وتكمل جواهر: «الاغتصاب الزوجى هو نوع من العنف ممتزج بالجنس ويقوم به الزوج حال شعوره أحيانا بالتقصير فى واجباته الأسرية، لذلك فى بعض الأحيان يلجأ إلى العلاقة الخاصة مع الزوجة بعنف وغصب لإثبات رجولته وقوته ولتغطية المشاعر السلبية التى يشعر بها من ضعف وقهر، لذلك فإن ممارسة الحب شىء والاغتصاب شىء آخر تماماً، حيث تشعرالمرأة بالدونية وأنها عديمة القيمة والأهمية مع أن الواقع يقول العكس وتبدأ الزوجة فى كره نفسها وجسمها».

وتوضح جواهر الآثارالنفسية والجسدية والاجتماعية من جراء الاغتصاب الزوجى قائلة: «الاغتصاب الزوجى له كثير من الآثار النفسية والجسدية والاجتماعية منها الإحساس بالدونية لدى الزوجة والاكتئاب قد تصل للانتحار، بجانب مشاكل جسدية فى الأعضاء التناسلية، بجانب مشاكل فى المعدة وآلام مبرحة مصاحبة للدورة الشهرية وهياج فى الجلد وشد عضلى وعدم المرونة فى المفاصل خاصة مفصل الفخد وصداع وأنيميا وضعف فى عضلات الإخراج والأعضاء التناسلية».

وتتابع: «إنه من الأضرار والآثار الجنسية التى تتعرض لها الزوجة البعد كل البعد عن العلاقات الجنسية، لأنها بدلا من أن تكون مصدرا للاستمتاع أصبحت مصدرا للعذاب، أو البحث عن علاقة مشبعة خارج إطار الزواج سواء للرجل أو للمرأة وممكن أن يؤدى ذلك إلى تعدد العلاقات الجنسية».

وتوضح جواهر: «عند إلقاء الضوء على الاغتصاب الزوجى نجد أنه لا يوجد حتى الآن إحصائية بحالاته، وقد يكون ذلك سبب خجل السيدات عن التحدث فى مثل هذه المشكلة أو قلة الوعى حيث يظهر واضحاً أثر عدم وجود ثقافة جنسية وجهل تام للعلاقة من جانب الزوجين، كما أن الفقر والضغوط الاجتماعية والوصمة من الحديث فى العلاقة الخاصة أدى للتكتم الشديد حول ما يصيب المرأة، وعدم وجود شخص داعم لها فى هذا الموقف أو قانون يحميها من هذه العلاقة الغاصبة يؤدى لتفاقم الوضع النفسى والصحى لها».

وأشارت إلى قيام مؤسسة قضايا المرأة بتدشين حملة لمناهضة الاغتصاب الزوجى تحت مسمى «مش بالعافية» ضمن 16 يوما لمناهضة العنف باعتباره شكلا من أشكال العنف المسكوت عنه تجاه النساء بهدف كسر تابوهات ثقافة الصمت والعيب التى تربى عليها الكثير من الرجال والنساء، تلك التابوهات التى قضت على حياة الكثير من الأسر بشكل عام والنساء بشكل خاص، على حد قولها.

وقالت عبير سليمان، الباحثة فى شؤون المرأة ورئيس مؤسسة ضد التمييز: «الاغتصاب الزوجى يعد جريمة بشعة وهو نوع من الإهانة والاستباحة والقتل المعنوى للمرأة، ولا معنى للغصب أو الانتهاك لأكرم ما خلق الله وهو الجسد تحت أى مسمى شرعى، حيث إن العلاقة الحميمة هى فى الأصل قبول ورضا وعطاء وإذا لم تتوافر فيها هذه الشروط لا يمكن أن تسلب غصبا».

وأوضحت أن الاغتصاب الزوجى أحد أسباب ارتفاع الجرائم الأسرية وارتفاع معدلات الطلاق والخلع، خاصة أن النساء يلجأن للطلاق لوقوع ضرر عليهن وعنف جسدى وجنسى، موضحة أن العلاقة الزوجية مبنية على المودة والرحمة، وتابعت: «أرى أن اغتصاب الزوجة هو أيضا جريمة فى حق الإنسانية والرجولة قبل أن تكون فى حق المرأة».

وأضافت: «ترجع قلة الإحصائيات عن الاغتصاب الزوجى إلى كون المجتمع يعتبر أن هذه العلاقة هى حق للرجل فقط، فهو من يقرر متى وأين وكيف تحدث هذه العلاقة، دون مراعاة الاحتياجات النفسية والصحية للمرأة، أو حتى احتياجها لتوقيت هذه العلاقة، فى حين أن الشرع تحدث عن العلاقة الصحيحة والسليمة بين الزوجين، مؤكداً ضرورة وجود المودة والرحمة والسكن».

وأكد رضا الدنبوقى، المحامى والمدير التنفيذى لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، أن الاغتصاب الزوجى يشكل أحد أهم مظاهر العنف ضد المرأة، معربا عن أسفه لعدم تجريم قانون العقوبات المصرى القيام بهذا الاغتصاب فى إطار العلاقة الزوجية.

وأوضح أن الزواج يمثل بالنسبة للمرأة عقد حماية واحترام، وبالتالى فإن تعرضها لهذا النوع من العنف يعود بتأثيرات نفسية مدمّرة عليها، مطالبا بضرورة القيام بتشريع عاجل لمناهضة العنف الأسرى، مؤكدًا أنه «من السهل إثباته عن طريق فحص عموم الجسم للبحث عن سحجات أو تسلخات أو حتى الجروح الخاصة بمنعها من طلب الاستغاثة حول الفم، أو بالمعصمين عند شل حركتها، أو أى إصابات فى أعلى الفخذ أو على الظهر نتيجة طرحها على الأرض، مشيرا إلى أن بعض البلاد تعاقب على الاغتصاب الزوجى.

وأشار إلى أن دراسة حديثة نشرت لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية تحت اسم «لا حماية لأحد» تؤكد أن نسبة ١٠% على الأقل من النساء المتزوجات يتعرضن للاغتصاب الزوجى، موضحا أن مركز المرأة للإرشاد من خلال الدراسة يلقى الضوء على قضية العنف الأسرى ضد النساء فى مصر، وخاصة الاغتصاب الزوجى كأحد أشكال العنف الأسرى، من خلال استعراض حجم الظاهرة، وما يترتب عليها من آثار ونتائج، حيث تظهر الدراسات المسحية المختلفة التى تم إجراؤها فى السنوات القليلة الماضية حول العنف الأسرى ضد النساء، مدى الانتشار الكارثى لهذا النوع من العنف فى مصر، كما تظهر الدراسات النوعية التى أجريت عليه ما يتمتع به العنف الأسرى من قبول بل وترحيب فى مصر.

ولفت الدنبوقى إلى أنه وفقا للمسح السكانى فى ٢٠١٤، أشارت الدراسة إلى أن نسبة النساء المعرضات للعنف بكافة أشكاله من جانب الزوج بلغت ٤٥.٦٪، وبالنسبة للفئة العمرية ما بين (٢٩/٢٥) نسبة ما يتعرضن للعنف النفسى ٣٥.١٪ والعنف البدنى ٥.١٤ ٪، و10٪ يتعرضن لاغتصاب زوجى وعنف جنسى من قبل الشريك.

وأضاف أن الدراسة استعرضت حجم الظاهرة، بالإضافة إلى تسجيل عدد من شهادات الناجيات من العنف لفهم المشكلة والمساعدة فى تحليلها، وانتهت إلى عدة توصيات منها سرعة إصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء، بالإضافة إلى سحب الدولة للتحفظات الواردة على اتفاقية «السيدوا»، والعمل على إنشاء بيوت آمنة للنساء المعنفات أو الناجيات من العنف، وتأتى أهمية الدراسة فى تحليلها للأسباب المختلفة للعنف الأسرى، وتناول دور الدولة فيما يتعلق بالتعامل مع جرائم العنف الأسرى ضد النساء.

وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «الاغتصاب الزوجى أصبح ظاهرة منتشرة جدا سواء فى مصر أو دوليا، وللأسف مسكوت عنه لاعتبارات دينية ومجتمعية فى مصر، ويعرف الاغتصاب الزوجى دولياً بأنه «إجبار الرجل لزوجته على ممارسة العلاقة الحميمة أو معاشرتها رغمًا عنها» وتعرِف المحكمة الجنائية الدولية الاغتصاب فى مادتها السابعة من النظام الاساسى لها بأنه (انتهاك بدنى ذو طبيعة جنسية يرتكب بحق شخص فى ظروف قهرية) وحددت عناصره فى انتفاء الرغبة وممارسة العنف والتهديد حتى لو كان إجبارا نفسيا وهى العناصر التى تتوفر فى الاغتصاب الزوجى.

من جانبه، قال الدكتور حسام الشنوفى، أًستاذ مساعد أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة قصر العينى، إن هناك أضرارا كثيرة جسدية تتعرض لها المرأة بسبب الاغتصاب الزوجى بجانب الصدمة والألم النفسى والذى لا يقل عن تعرضها للاغتصاب من غريب.

وأضاف: «ألم وصدمة الحادث الأول تؤدى إلى الاكتئاب ونوبات القلق وتؤثر على القدرة على التركيز، وبالتالى تدهور عطائها كأم أو فى مجال العمل بجانب الإصابة بالفتور الجنسى أو فقدان الرغبة الجنسية تماما، بالطبع هذا يؤدى إلى مزيد من التدهور فى العلاقة الزوجية وزيادة احتمال تعرضها للعنف الجنسى مكررا من الزوج»

وتابع الشنوفى: «هناك نقطتان جديرتان بالذكر أولا فى حالات الاغتصاب من الزوج، لا تستطيع المرأة غالبا الشكوى أو اللجوء لحماية القانون، وبالتالى غالبا تتعرض لهذا الجرم بطريقة متكررة، ثانيا الضرر النفسى طويل المدى الذى ذكرناه سابقا من فقدان الرغبة الجنسية، وهذا لا يمكن علاجه للأسف بالعقار الجديد المسمى الفياجرا النسائية، ونتيجة كل ما سبق ذكره، تصبح المرأة عرضة للإفراط فى استخدام العقاقير وإدمانها، مثل الترامادول أو مسكنات أخرى، والأدوية المضادة للاكتئاب والمهدئات».

وأوضح: «أما بالنسبة للضرر البدنى، فهناك طبعا الأذى الذى يلحقه الزوج بأعضاء المرأة التناسلية مباشرة نتيجة الاغتصاب، وبطريقة غير مباشرة، فإن الصدمة النفسية تؤدى إلى آلام الحوض المزمنة لدى المرأة، حتى مع غياب سبب عضوى، تلك الآلام تزيد من تدهور الحالة النفسية خاصة مع صعوبة تشخيص السبب وبالتالى إيجاد علاج مناسب لها».

وفى السياق ذاته اعتبر عدد من رجال الدين الإسلامى والمسيحى أن الإكراه بين الزوجين مرفوض أثناء المعاشرة وأنه إذا حدث عنف من الزوج ضد زوجته فى هذه العلاقه تكون أشبه بالحياة الحيوانية، حيث قال الأب بطرس دانيال راهب فرنسيسكانى، ومدير المركز الكاثوليكى للسينما، إن ظاهرة الاغتصاب الزوجى أصبحت منتشرة وكثيرا ما تشتكى السيدات فى الكنائس من سوء معاملة أزواجهن وإجبارهن على العلاقة دون مراعاة لظروفهن المرضية أو غيرها، لذلك يتم حاليا إعداد المخطوبين للزواج ضمن كورس مدته 3 شهور للتوعية بطرق المعاملة والمعاشرة والثقافة الجنسية الصحيحة بين الطرفين.

وأضاف دانيال: «نؤكد لهم أن العلاقة الزوجية رباط مقدس قائم على الاحترام والحب وليس العنف ولا بد أن يراعى كل طرف الظروف الصحية للآخر».

من جانبه، قال الدكتور يحيى إسماعيل، أمين جبهة علماء الأزهر: «إن العنف ضد المرأة وإجبارها بالضرب على العلاقة فهذه الحياة حيوانية، كما حدث حينما اشتكت امرأة زوجها للرسول بعد أن ضربها نهارا وجاءها بالليل حيث قال صلى الله عليه وسلم «ينزو أحدكم على زوجته كالبعير يضربها بالنهار ويأتيها بالليل».

وقال: «الزوج لو طلب زوجته وهى (على ظهر بعير)، فعليها أن تلبى طلب زوجها طالما بالود والمحبة لأن الملائكة ستلعن الزوجة التى امتنعت عن زوجها لمجرد المنع، وحينها تكون آثمة»، موضحا أن من حق الزوجة على زوجها أن تكون هناك مقدمات قبل العلاقة الحميمة، وفق قوله تعالى «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ»، أى ألا تؤخذ العلاقة الجنسية بمتعة فقط لكن يجب أن يسبقها ود، بحسب تعبيره.

غادة محمد الشريف

المصري اليوم