استشارات و فتاوي

علي جمعة: هكذا المسلم .. يدرك معنى الحياة‏‏ ولا يتعلق قلبه بالدنيا


قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل خلق لنا الحياة منة منه لنا‏,‏ فجملها وزينها‏,‏ استضافنا فيها فأكرمنا وأحيانا ورزقنا وهدانا‏,‏ والحياة بهذه الصفة هي هبة ربانية ومنحة صمدانية‏.

وأضاف فضيلته أن‏ الله – سبحانه وتعالى- أرشدنا كيف نتعامل معها‏..‏ وكيف نتمتع بها‏,‏ أرشدنا – سبحانه وتعالى- لما فيه صلاح دنيانا‏..‏ كيف نضعها وما أولوياتها‏..‏ أمرنا الله ونهانا وبين لنا وثبتنا في كتابه وفي سنة سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- فجعلنا لا ننسى نصيبنا منها‏,‏ وأمرنا بالتأمل والتفكر فيها‏, ‏وجعل ذلك من سمات عباد الرحمن الذين يذكرون الله كثيرا‏.‏

وكتب المفتي السابق، عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” أن ربنا – سبحانه وتعالى- يضع دستور ذلك كله فيقول‏: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ) [القصص‏:77].‏

وتابع فضيلته: فالمسلم هو الذي يحب الحياة حبا حقيقيا‏,‏ يعرف قيمتها ويعرف منة ربه عليه بها‏,‏ ولا يتجاوز شأنها‏,‏ ولا يضعها في قمة اهتمامه فتحجبه عن الله‏,‏ المسلم هو الذي يدرك معنى الحياة‏..‏ وليس الذي يتعلق قلبه بالدنيا‏,‏ فحب الدنيا من الوهن‏..‏ وحب الحياة ينزع الوهن من القلب‏,‏ قالوا‏:‏ وما الوهن؟ قال – صلى الله عليه وآله وسلم:‏ (حب الدنيا وكراهية الموت) ‏(سنن أبي داود‏),‏ فالمسلم يحب الحياة لكن لا يلهيه هذا الحب عن حب الحياة الآخرة فهي الحيوان‏,‏ وهي الحقيقة‏,‏ وفيها الخلود‏,‏ ونرجو فيها رضا الله –سبحانه وتعالى-حتى يدخلنا جنته وحتى يقينا عذابه وغضبه‏.‏

وأكد جمعة أن المسلم هو الذي يحب الحياة وليس المفسد هو الذي يحب الحياة‏,‏ فالمفسد هو الذي يحب الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآَبِ) [آل عمران‏:14],‏ ربنا -سبحانه وتعالى- يأمرنا بالنية الصالحة في كل ما نفعل‏,‏ سواء كان الذي نفعل راجعا إلينا أو راجعا إلى أهلنا‏,‏ أو راجعا إلى غيرنا‏,‏ أو راجعا إلى أقاربنا وجيراننا‏..‏ كل ذلك (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ) [غافر‏:14].

واستشهد فضيلته بقول رسول الله -عليه الصلاة والسلام-‏:‏ (إنما الأعمال بالنيات‏,‏ وإنما لكل امرئ ما نوى) ‏(صحيح البخاري ومسلم‏),‏ وقال‏:‏ ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في في -يعني‏:‏ فم – امرأتك ‏(صحيح البخاري ومسلم‏),‏ وأخبر أن الإنسان يثاب حتى في شهوته التي يضعها في حلاله‏,‏ فقال‏:‏ (وفي بضع أحدكم صدقة‏),‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله‏,‏ أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال‏:‏ (أرأيتم -يعني أخبروني- لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) ‏(صحيح مسلم‏).‏

مصراوي