اقتصاد وأعمال

تقليص المساحات المزروعة بالقمح .. من المستفيد

الناظر للمشكلة السياسية الحالية يرى مما لا شك فيه أنها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالاوضاع الاقتصادية ومعاش الناس وزيادة اسعار الخبز بل وانعدامه في بعض الولايات، وفي حال الحديث عن الخبز بداهة نعود للحديث عن القمح وزراعته وارض السودان ما تزال بكراً وقابلة للانتاج بمساحاتها الشاسعة واراضيها الخصبة لكن رغم ذلك ومنذ ثمانينات القرن الماضي وحالة الجفاف والتصحر التي اصابت البلاد وتقلصت فيها المساحات المزروعة لم تنل البلاد عافية.
شهدت بداية التسعينيات توسعاً كبيراً في الإنتاج وصلت نسبياً لحد الاكتفاء الذاتي من القمح نتيجة لجهود بحثية عالمية، ثم بدأت تلك الإنتاجية في التراجع المخيف وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن الإدارة العامة للتخطيط والاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة والغابات الاتحادية، أنه في موسم 91/1992م بلغت المساحات المزروعة قمحاً بالبلاد ما يقارب مليون فدان وتقول وزارة الري والموارد المائية إنها 900.000 فدان وبلغت الإنتاجية ما تعادل 2 طن متري للهكتار ما احدث اكتفاءً ذاتياً نسبياً .

لكن لم يدم الشعار الذي رفعته الانقاذ مع بداياتها وهو ( نأكل مما نزرع ) طويلاً ولم تجنِ الحكومة او المواطن ثماره فترة طويلة، حيث تقلصت المساحات المزروعة من القمح وتدهورت انتاجيته كثيراً ما استدعى اثارة السؤال الماثل وهو من وراء انهيار مشروع توطين القمح ومن المستفيد من وراء تدني الانتاجية ومعظم البلاد اضحت تعتمد عليه كلية واصبح بديلاً للذرة الذي كان هو الاساس ؟ من المستفيد من فشل اغلب المواسم في انتاجية القمح في كل المشاريع التي كانت اكبر منتج له سواء الجزيرة او حلفا اوالسوكي وغيرها ما استدعى ان تحط طائرات محمّلة بالدقيق وطحين القمح بمطار الخرطوم لانقاذ البلاد من ازمة الخبز والازمة الاقتصادية الحالية ؟ ماهي الاسباب التراكمية التي ادت الى هذه الازمة ؟ اين توصيات لجان التحقيق او لجان الدراسة التي كونها رئيس الوزراء السابق بكري حسن صالح لمعرفة الاسباب ووضع الحلول لتقلص المساحات المزروعة من القمح؟

البعض انحى باللائمة على السياسات الاقتصادية التي لم تهتم بمحصول القمح كمحصول اساسي، واعتمدت على محاصيل اخرى كبديل في العروات التي يزرع فيها فيما رمي بعض المسؤولين باللائمة خاصة في مشروع حلفا الزراعي على حالة الاطماء الطبيعي بحوض خزان خشم القربة حيث اعتبر وزير الري الاسبق كمال علي ان المساحة بدأت تتقلص منذ العام 1972 بالتدريج نتيجة لهذا الاطماء. فيما أقر وزير الزراعة بتدني انتاج الحبوب الغذائية وطالب بتدخل عاجل لتوفير الجازولين للزراعة، وكشف عن تدني انتاج القمح في الموسم الشتوي 2017/2018 لارتفاع اسعار مدخلات الانتاج، مشيراً الى ان المساحة المزروعة بلغت 479 الف فدان بنسبة نقصان بلغت 27% وعزا وزير الزراعة في وقت سابق في بيان وزارته أمام البرلمان ، أسباب تقليص المساحة المزروعة بالقمح إلى الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي أدت لارتفاع الأسعار، وحدوث تأخر نسبي في وصول السماد، بجانب خروج إدارة مشروع الجزيرة عن ضمان التمويل .

ونسب موقع وزارة الزراعة حديثاً لمسؤولين مختصين في مركز الدراسات السكانية بجامعة الجزيرة، بأن نسبة عالية جداً من سكان الأرياف هاجروا للمدن الكبرى ما ادى الى حدوث تغيير في نمط حياتهم وغذائهم من الذرة الرفيعة بأنواعها والدخن إلى الخبز المصنوع من القمح وأصبحت حكومة السودان تستورد القمح بملايين الدولارات الأمريكية سنوياً، بعد أن ضحت بصناعة الغلال ووضعت ضرائب عالية عليها الأمر الذي أدى إلى إغلاق معظمها بسبب الانقطاع الكهربائي وآثاره المدمرة، كما يحيل البعض الاسباب الى السياسات الزراعية غير السليمة التي حجّمت التوسع في زراعة القمح. لكن بعض المختصين يرى ان الاسباب الجوهرية في تقلص مساحاته تتمثل في ضعف التمويل، ما ادى لعزوف بعض المزارعين عن تطبيق الحزم التقنية وتدني الانتاج، كما ان عدم توفر العدد الكافي من الحاصدات وعدم ايجاد قطع الغيار والعمالة المدربة يمكن ان تكون كذلك من اهم الاسباب مستصحبين انتشار الآفات الضارة والمشاكل المختلفة للتسويق وضعف البنية التحتية.. لكن الدكتور عثمان البدري عضو اللجنة التي كونها بكري حسن صالح لمعالجة ازمة القمح في وقت سابق، قال ان هناك عدة اسباب ادت لتقليص المساحات المزروعة وانهم رفعوها من خلال التقرير للجهات المعنية من ضمنها عدم الاستعداد المبكر وعدم التزام المزارع بزراعة القمح باعتبار انه يزرع المحاصيل التي تعود عليه بالربحية الاعلى وعادة ليس هو القمح رغم التسعيرة التي وضعها رئيس الوزراء الحالي معتز موسى بجلسة مجلس الوزراء التي اقيمت بمدني خلال هذا العام والبالغ الف وثمانمائة للجوال…

ويرى رئيس لجنة الصناعة والتجارة بالبرلمان عبدالله مسار ان المشكلة الاساسية في عدم الاهتمام بزراعة المساحات الشاسعة الموجودة والتي تكفي البلاد إن تمت زراعتها وسيكفي انتاجها البلاد شر المعونة الخارجية، وقال انه طرح سابقاً فكرة توطين القمح بالداخل من داخل البرلمان والاستفادة من الاراضي الشاسعة في هذا المجال، واشار الى اللجنة السابقة التي كونها بكري حسن صالح والتي نادت باستيراد القمح كحبوب بدلاً عن الدقيق لطحنه بالداخل والاستفادة من الردة ومخلفاته في غذاء الحيوانات و كذلك تشغيل الثلاث واربعين مطحنة المتوقفة عن العمل حالياً ولا تعمل منها سوى ثلاث عشرة مطحنة اضافة لتشغيل العمالة المحلية .

سناء الباقر
صحيفة الإنتباهة

‫2 تعليقات

  1. يا خوانا خلونا واقعيين، السودان دولة مدارية جوها حار جدا لا يمكن ان تكون منتجة للقمح الا في نطاق ضيق اقصى شمال السودان، هذه واحدة من الاوهام لذلك ٣٠ سنة بنسمع عن زراعة القمح والموضوع اعلام ليس الا، حتى اذا صادفت بعض السنوات شتاء بارد، دا غير مضمون في كل سنة..