تحقيقات وتقارير

البشير في الساحة الخضراء.. رسائل في بريد عدة جهات


مشهد أول
مسيرة (سلام السودان) كانت رداً لمؤيدي ومناصري الرئيس البشير في الساحة الخضراء لتحكي المشاهد حشود جالسة وأخرى تقف على أرجلها ملوحين بعلم السودان، مطلقين عبارات تدعو لبقاء واستمرار الحكومة.. في المقابل كانت مسيرة تجمع المهنيين في أم درمان تنطلق لتستهدف البرلمان لتسليم مذكرة برحيل الحكومة.. بين هذا وذاك كانت الصحف ووسائل الإعلام تتسابق بحثاً عن خبر وصورة استثنائية.
اللافتات التي يحملها مؤيدو البشير كانت كلماتها تقول (تقعد بس) شعاراً مضاداً لـ(تسقط بس). فيما تسيد النسوة الحضور فكانت السيدات يشغلن حيزاً كبيراً في المشهد.
أثناء خطاب الرئيس البشير وقف المسؤولون وقيادات الصف الأول خلف البشير في دلالة على تأييده.

ماذا قال الرئيس البشير؟
البشير أكد لدى مخاطبته مسيرة سلام السودان بأنهم خدام وحراس الشعب ولن يفرطوا في ممتلكاته، قاطعاً بأنه ليس صحيحاً من يظن أن السودان سيلحق بالدول التي انهارت.
وتغزل الرئيس في الشعب السوداني، ووصفه بالمعلم والبطل الذي اجتمعت عنده كل مكارم الأخلاق، وأضاف: “هذا ليس تحيزاً مني ولكن بشهادة كل شعوب الدنيا أن السودانيين أفضل ناس”. مشيراً إلى الشعوب التي لجأت إلى الخرطوم في ظل ظروفها الصعبة ولم تغلق الباب في وجوههم، منوهاً إلى أن السودان لم يطردهم بل تقاسم معهم (اللقمة)، وأضاف: وفرنا لهم الأمان والإيواء لأن ذلك من واجباتنا وأخلاقنا.
البشير أكد أن السودان أول دولة إفريقية جنوب الصحراء نالت استقلالها بعملٍ سياسيٍّ راقٍ، محيياً رواد الاستقلال واعتبرهم أتوا باستقلال بقيادة الزعيم إسماعيل الأزهري. مشيراً إلى أن السودان بلد قوي ومؤثر في محيطه لذلك سعت جهات -لم يسمها- إلى تكسيره وإقعاده وتآمرت عليه، مذكراً بحرب التمرد التي بدأت قبل الاستقلال حتى لا ينهض السودان بواجبه تجاه الآخرين، وأضاف: دعموا التمرد وتمت محاربتنا وقصفنا داخل الخرطوم، ثم حاصرونا اقتصادياً من أجل تركيع السودان الذي لن يركع.
وكشف البشير عن أن تلك الجهات أرادت إذلال السودان بما وصفه (شوية) دولارات وقمح، وأنهم طلبوا شروطاً لو طبقناها لحلوا لنا مشاكل أزمة القمح وغيرها، واستدرك: لكن عزتنا أغلى من أي شيء وكرامتنا أغلى من أي دولار ونؤمن بأن الأرزاق بيد الله ولن نمد أيدينا للآخرين، موجِّهاً شكره لمن وقفوا مع السودان في هذه الأزمة من عدة دول الصين روسيا والإمارات والكويت وقطر.
إشادة بالموقف
البشير لم ينس القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني، واعتبر أن تلك القوى همها استقرار البلاد، وأضاف: بعد الحوار الوطني والوثيقة الوطنية لا يوجد سبب لأي شخص لحمل البندقية، داعياً حملة السلاح للعودة والمشاركة في بناء البلاد، وأضاف: البلد كبير وخيرها كثير وأغلى ما فيه المواطن ثم خيرات البلاد.
واعتبر البشير أن هناك من لهم أجندة خارجية، ويتحركون من الخارج من قبل أعداء السودان، واستدرك: لكن لا طريق لهم إلى السلطة إلا عبر الانتخابات.
ورحب رئيس الجمهورية بمن يريد السلطة، مشترطاً أن يأتي إليها بقرار من الشعب السوداني في انتخابات 2020م وأضاف: سنبارك له الفوز.

رسالة للقوى الحية

وأرسل البشير رسالة لمن وصفهم بالقوى الحية، محدداً إياهم في الشباب، المرأة، الطلاب العاملين، وأضاف: البلد بلدكم وأمنها أمن لكم. مشيراً إلى أن العاصمة تضم مواطنين من سوريا واليمن، واعتبرها دولاً كان يتمنى الشخص زيارتها لـ(يتفسح) ويقضي فيها عطلته وأنها حالياً تعاني من حروب، وأضاف: “هؤلاء يمكن أن يحكوا لكم ماذا حدث في بلدانهم وما هو السبب الذي جعلهم يتركونها ويقصدون السودان؟”، متسائلاً حيال ما إذا حدث نفس الأمر في السودان فأين سيذهب أبناؤه؟.

وأرجع البشير التآمر على السودان من قبل البعض بسبب أن صمود وأمن البلاد (فاقع مرارتهم وواجعهم) في وقتٍ تعاني فيه دولاً أخرى من الدمار. وأضاف: السودان مثل النخلة عندما ترميه بحجر يعطي بلحاً، ولن يموت إلا واقفاً. داعياً الشباب لتوحيد الصف وتجهيز أنفسهم لتسليمهم السلطة.

الجيش في المشهد

البشير قطع بأن القوات المسلحة حافظت على البلاد وقدمت الشهداء، منوهاً إلى أنهم لم يرسلوا أبناء العامة للميدان، مذكراً بوجود القيادات هناك، محدداً الزبير وإبراهيم شمس الدين، وأضاف: كانوا مهراً لاستقرار البلاد.
ووصف الرئيس تعامل الأمن والشرطة مع المتظاهرين بالصورة الحضارية، وأنهم حسموا المخربين، وأضاف: الذين يخربون ويدمرون وينهبون حجتهم أن الإنقاذ لم تفعل شيئاً، والحقيقة أن ما تم من إنجاز كان بمجهودات المواطنين من طرق وكباري ومدارس وجامعات وكهرباء ومياه.

إلا صف الصلاة

من جانبه أوضح ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وزير النقل حاتم السر أنهم ليسوا مع أحد أو ضد أحد وأنهم مع أمن وتنمية البلاد، قاطعاً بأنه لن يحدث انحراف لمربع الاحتراب والاقتتال. واعداً المواطن باختفاء صفوف الخبز والوقود والسيولة، وأضاف: (والله تاني ما في إلا صف الصلاة بس، ومن توضأ فليلحق بنا) منوهاً إلى أنه يقول ذلك باسم الحكومة وأنا مسئول فيها. مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية هو الضامن للحوار الوطني وأنهم معه لأنه يقود السودان للحرية والديمقراطية وانتخابات 2020م، قاطعاً بأنه لا تكتلات ولا عدوانية.

التضحية مطلوبة

رئيس حزب التحرير والعدالة القومي د.التجاني السيسي أكد أن الأزمة التي تمر بها البلاد تتطلب التضحية والمساهمة من القيادات في تخفيف أعباء المعيشة، داعياً إلى تنفيذ قرارات -لم يفصح عنها- حتى لا تنزلق البلاد إلى مربع النزاعات لمواجهة الأزمة.
فيما كشف والي ولاية الخرطوم الفريق شرطة هاشم محمد عثمان عن التحديات التي تواجه الولاية من بينها الهجرة الداخلية والخارجية، مما أدى إلى الضغط على الخدمات. مؤكداً أن حكومة الولاية اتخذت إجراءات لتحسين معاش الناس. مشيراً إلى الدور الذي تقوم به الأجهزة في حفظ الأمن.
في السياق وصف مساعد الرئيس موسى محمد أحمد الأزمة التي تعاني منها البلاد بأنها سياسية اقتصادية بسبب عوامل داخلية وخارجية، داعياً إلى المزيد من الصبر لتجاوز الأزمة، مطالباً المجتمع الدولي للقيام بدوره تجاه السودان.

قفزة إلى المجهول

رئيس حزب العدالة وزير العمل بحر إدريس أبو قردة أكد أن الحوار الوطني هو المخرج لحل المشاكل التي تعاني منها البلاد، مشيراً إلى أن الأزمة الحالية والتي أدت إلى خروج المواطنين إلى الشارع شرعت الدولة في إيجاد حلولٍ لها.
وانتقد السيسي بعض الذين حاولوا استغلال تلك المظاهرات العفوية لصالحهم، داعياً رئيس الجمهورية إلى الهمة في مكافحة الفساد وعدم مجاملة بل ومحاسبة من يعتدي على حق الشعب السوداني، مؤكداً المهمة وحدة الصف من أجل أمن السودان حتى لا يصبح مصيره مثل الدول التي تفككت بسبب الحروبات، وأضاف: “نحن أعلم الناس بالحروب ومشاكلها ولا يمكن القفز بالبلاد إلى المجهول فيحدث مالا يحمد عقباه”.
عضو الحركة الشعبية جناح السلام تابيتا بطرس، أكدت أن أمن البلاد خطر أحمر، موجهة حديثها للرئيس “تقعد بس، لأنك أول رئيس تنادي للحوار الوطني”. وأضافت: “نريد أمن وسلامة البلاد ونحن معك حتى انتخابات 2020م”. قاطعة بأن المرأة (راكزة) ولها دور في استقرار البلاد.

أحزاب عجوزة

فيما أكد ممثل حزب الأمة حسن إسماعيل أن الأحزاب العجوز تقف على جرح البلاد وتشرب، قاطعاً بأنه ليس من حق الأحزاب أن تسرق أجندة الشعب، وأضاف: الأحزاب سرقت سابقاً أحلام المواطنين ثم تفرقت لمصالحهم، منوهاً إلى أن الأحزاب العجوز أحق بالذهاب، ساخراً من بعض رؤساء الأحزاب وأضاف: يريدون أن يكونوا وزراء فيما كانوا في سبعينات القرن الماضي رؤساء أحزاب. داعياً إلى ثورة لاقتلاع الأحزاب العجوز التي تريد البقاء على حساب الشعب، منتقداً الذين تاجروا بـ(وجعة أهله ويبيع وطنه).
فيما عبر ممثل المجتمع المدني عبد الوهاب كباشي عن رضائه لما تقوم به أحزاب الحوار في استقرار البلاد، وأضاف: بعد هذه الأزمة ستنفرج الأوضاع للأفضل، داعياً رئيس الجمهورية لاتخاذ إجراءات قوية وصادقة من أجل راحة المواطن.

صحيفة السوداني.