استشارات و فتاوي

أحكام ورخص للعبادات في فصل الشتاء.. تعرف عليها


شريعتنا الإسلامية تتميز بالتيسير والرحمة، وهي ميزة تتميز بها عن غيرها من الشرائع السابقة، فتراعي النوازل والأحوال، لذا فهي صالحة لكل زمان ومكان.

وقد اجتهد الفقهاء على مر العصور في تبيان واستنباط الرخص في العبادات وغيرها للتخفيف على الناس ولمراعاة كافة أحوالهم والتغيرات التي قد تطرأ على شخص أو بلد، حتى يعبد الإنسان ربه وهو مقبل عليه وليس مضطرًا.

لذا نجد أن في فصل الشتاء هناك العديد من الرخص التي أقرها فقهاء الإسلام للتخفيف على الناس في هذا الجو شديد البرودة، ولكن جعلوا تلك الرخص للضرورة، كما أنها تقدر بقدرها، ولا يستخدمها إلا من اضطر إليها ويحتاجها بالفعل.

ويستعرض مصراوي في هذا التقرير بعضا من تلك الرخص في العبادات في فصل الشتاء، والتي تيسر على كثير من الناس خاصة كبار السن أو المرضي، وكذلك الذين يعيشون في المناطق شديدة البرودة أو الأيام التي تزداد فيها الأمطار والصقيع.
التيممّ بدل الوضوء والغُسل

من تلك الرخص في فصل الشتاء التيمم بدلًا عن الوضوء للصلاة أو الغسل من الحيض أو الجنابة أو النفاس وغيرها من الأمور التي تستدعي الاغتسال.
وهذه الرخصة استنبطها الفقهاء من أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والدراقطني أن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – أخذ بهذه الرخصة عندما كان في سرية في ليلة باردة في الخلاء، فغسل ما يمكن غسله، ثم تيمم للباقي، وأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم. بالطبع هذه الرخصة هي للضرورة إذا لم يجد الإنسان ما يدفئ به الماء.
المسح على الخف

كذلك من الرخص في الشتاء عند الوضوء المسح على الخف، ففي بعض البلدان التي يزداد فيها البرد والثلوج يكون من الصعب إيجاد ماء دافئ للوضوء، وهنا أجاز الفقهاء أن يمسح الإنسان على الخف أو الجورب بشروطه، وهي أن يكون الجورب ثقيل غير شفاف ولا مقطوع ولا يوصل الماء إلى الجلد ويمكن تتابع المشي فيه دون أن ينقطع.
الجمع بين الصلوات

في حالة الأمطار الغزيرة والثلوج وكذلك العواصف التي تتنشر في فصل الشتاء، أجاز الفقهاء أن يجمع المسلم بين الصلوات فيجمع بين صلاتي الظهر والعصر ويجمع كذلك بين صلاتي المغرب والعشاء، فقد جاء في الحديث المتفق عليه من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس، وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال فجاءه رجلٌ من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال: ابن عباس أتعلمني بالسنة؟ لا أبا لك، ثم قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيءٌ، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته.
التخلف عن صلوات الجماعة

قد تكون شدة البرد والمطر ونزول الثلوج عائقًا عن أداء صلوات الجماعة في المسجد، من هنا جاءت الرخصة الشرعية في صلاة الإنسان في منزله إذا ما تعرض لمثل هذه الأمور في فصل الشتاء خاصة في وقت الفجر، وقد أخذ الصحابة الكرام بهذه الرخصة وذكر ذلك الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما، وروى كذلك الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة حديث أسامة بن عمير قال: “كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصَابَنَا مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ: «صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ»”.

وهنا عند حدوث هطول المطر الشديد أو البرد القارص يقول المؤذن عند الأذان للصلوات بعد قوله “حي على الفلاح”، أو بعد الانتهاء من الأذان: “صلوا في رحالكم” كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عمر – رضي الله عنه -.

مصراوي