حينما انتهى مُعتز من حديثه والتعقيب عليها وجد التصفيق من الجميع مُخالفيه قبلَ مُؤيِّديه
حذاء على الرؤوس!
-1- أذكر في مُنتصف التسعينيات، كنتُ أؤدِّي صلاة الظهر بأحد المساجد
الأمدرمانية، وعقب الصلاة تم القبض على لصٍّ قام بسرقة حذاء.
تكالب المصلون على اللص بالتوبيخ، وبعضهم اعتدى عليه بالضرب المُخفَّف.
تطرَّف أحدهم وخلع حذاءه الثقيل لضرب اللص على رأسه. كانت المفاجأة
بالنسبة لي، أن المُصلِّين تركوا اللص وتوجهوا بغضبهم لصاحب الحذاء
المرفوع، لإسرافه في العقاب.
استغلَّ اللص انشغال الناس بلؤم صاحب الحذاء وحصاره بالمواعظ، فولَّى
اللص هارباً من بين أيدي المُصلِّين.
المُصلُّون في ذلك المسجد يمتلكون مقياس عدل فطري، يُحدِّد لهم نوع الذنب
ومدى العقوبة، ويُشير إلى أن الظُّلم كتجاوز أعظم من السرقة كسلوك شاذ.
-2-
إذا دخلتَ في مشاجرة مع أي شخص في حضور آخرين، وأسرفتَ في الإساءة إليه،
سرعان ما ينقلب عليك الحاضرون، مُنحازين للطرف المُسَاءِ إليه حتى لو
كنتَ صاحب حق.
قلت لبعض الأصدقاء: المزاج السوداني العام، مُناهضٌ للتطرُّف في المواقف
والتعبير عنها، ومُناهضٌ للظلم والجور بالأفعال والأقوال، وله حساسيَّةٌ
عاليةٌ في التقاط عدوى الاستفزاز والإساءة.
حينما تُوجَّه إساءةٌ أو اتِّهامٌ لفئة حصرية بين مجموعة كُليَّة يجمع
بينها فعلٌ أو موقفٌ أو مشاعر مُشتركة، فإن الإساءة أو الاتهام يصل إلى
بريد الجميع، فتشتعل نوبات العطاس.
3-
أكثر ما يُميِّز رئيس الوزراء معتز موسى من بين مزايا عدَّة، أنك لا تجد
في قاموسه التعبيري كلماتٍ جارحة أو مُسيئة لمُخالفيه أو صادمة
لمُستمعيه.
هو عادةً ما يميل للجدال بالحسنى والمنطق، وبناء الحجج والبراهين
واحترام من يُخالفه الرأي أو يُغايره في الموقف.
في مُلتقى الصحفيين الذي نظَّمته صحيفة (السوداني) أمس الأول، تعرَّض
معتز موسى لهجومٍ ضَارٍ من عدد من الصحفيين والكُتَّاب.
رئيس الوزراء تعامل مع كُلِّ ما قيل بصدر مُنشرح وذهن مفتوح، فلم يرد على
الكلمة بمثلها حدَّةً وخشونة، أو يُقطِّب جبينه في وجه مُحدِّثيه.
لم يُخوِّن المحتجين أو ينسبهم للحزب الشيوعي وحركة عبد الواحد، بل قال
إن جوهر الاحتجاجات وجود آراء مُختلفة ومطلوبات مشروعة، وشبابٌ لهم
تطلعات يُعبِّرون عنها يجب الاستماع إليها باحترام.
رغم أن غالب المُداخلات كانت ساخنة؛ لكن حينما انتهى مُعتز من حديثه
والتعقيب عليها وجد التصفيق من الجميع مُخالفيه قبلَ مُؤيِّديه.
-4-
مع استمرار الاحتجاجات وما يترتَّب عليها من قتلٍ وسفك دماء وإهدار
إمكانيات الدولة، ساد خطاب الكراهية وتصالح كثيرون مع البذاءات وصعد
آخرون إلى أسفل المدينة.
لغة الخطاب السياسي أصبحت حامضةً ولاذعةً، تنحو إلى الفصال والمُقاطعة
وأبلسة الخصوم ونفي الآخر.
حدَّة الاستقطاب السياسي واستخدام خطاب عدواني مُتوحِّش تجاه المخالفين
أو المعارضين؛ لن يحقق فائدة للوطن، بل يُلحق به كثيراً من الأذى،
ويُفاقم كثيراً من المرارات.
أي إساءة متجاوزة أو تحدٍّ مُستفز، في مرات عدَّة، ينحرف عن مساره ليُصيب
قطاعات واسعة من الجماهير؟!
-5-
صورة أو مقطع صوتي أو مادة مكتوبة مُتداولة عبر الشبكة العنكبوتية، قد
تصنع كارثةً أو تُسهم في تشكُّل رأيٍ عامٍ سالبٍ بفاعلية وانتشار لا
تُحقِّقه وسائل الإعلام القديم.
خطاب الكراهية أشعل حروب الإبادة في روندا، ومعارك السواطير والسيوف في
كينيا 2007، ولم تُشْفَ من غلوائه العراق وليبيا وسوريا واليمن إلى
اليوم.
الحرب أولها كلام، والكارثة قد تأتي على ظهر كلمة جارحة. وحينما تبدأ لغة
البارود تفقد الكلمات معانيها والأفكار جدواها، ويُسيطر على المشهد
المُتطرِّفون والموتورون والغوغائيُّون.
تُصبح الحكمة جبناً، والاعتدال ميوعةً والموضوعية بضاعةً مُزجاة، ويُفتح
باب المزايدات على مصراعيه. الأكثر تطرُّفاً هو الأعلى قيمة، والأشد
بذاءةً هو الأجدر بنواط الشجاعة!
نحن في حاجة لقاموس سياسي جديد، تتَّسع فيه مساحة التسامح، وتتراجع لغة
الاستفزاز والاستعلاء.
وترسم على ملعبه الفوارق بين النقد والتجريح، وبين التحدي والاستفزاز.
-أخيراً-
لكُلِّ طرفٍ حاكم أو مُعارِض، أن يتمسَّك بموقفه السياسي، بكُلِّ قوة
ووضوح، ولكن الواجب عليه التعبير عن هذه المواقف دون الإساءة للآخرين أو
مُحاولة ضربهم بالأحذية على الرؤوس!
ضياء الدين بلال
أول مفرداته
الخازوق
شكرا يا كوز
وجادلهم بالتي هي أحسن..
هناك حملة تشويه و تشهير عمدا لكل من يقول كلمة بها شي من الحقيقة ناهيك من كل الحقيقة..
نقرأ الكثير من السباب والشتم لرموز الدول والجيش الضامن لآمن الوطن وكل الاعلامين حملة منظمة للتشهير .
ووصم الكل بالفساد من دون تقديم الدليل.
طبعا هناك من يقومون علي هذا الأمر عن قصد وهناك من يقومون به كراهية في النظام وهناك من رددون من غير علم بالأمر.بجهالة تامة.
لكن ضيق الافق السياسي والشحن الزائد تجد رواد الظلام من الاحزاب الذي يتخذون من عترات الآخرين منطلقا لهم في تمرير اجندة خفية هدامة .
الجميع بان يعبر براية من غير الإساءة للآخرين الوطن يشيل الجميع ونخاف من أن يجي يوم والوطن لا يسعنا.
أخى ضياء كلامك طيب لكن ألا تتفق معي أن اعلامنا قسمين أو ثلاثة واحد مع الحكومة وواحد مع سفارات غربية والأخير يجلب رزق اليوم با اليوم إعلام غير ناضج المهنية معدومة لكى تتطور البلد لابد من يكون الأعلام ايحابيا وسيف مسلول على من يسيء للبلد السلبية عنوانكم شغلكم شغل مكايدات تضر البلد الله يكون في عونك يا بلدنا والله شعبنا ما يستأهل كل ما يجرى له حسبنا الله ونعم الوكيل .
نعم كلامك صحيح ولكن يجب معالجة مثيرات الكراهية وأهمها .. أستمرار البشير فى الحكم 30 سنة ..
عندما تذهب لطبيب الأمراض الجلدية وتشتكى له من الحساسية والحكة الجلدية أول ما يفكر فيه الطبيب هو البحث عن مثيرات الحساسية لديك .. هل هى الحليب ومشتقاته أم البقوليات أم البشير .. السياسيين فى الغرب يختلفون ولكن لا يكرهون مثلنا لذلك نحن متخلفون وسوف نستمر فى تخلفنا حتى تنقرض هذه النخبة السياسية المسيطرة على المشهد فى الحكومة والمعارضة معا” .. ولكن أكثر ما يقلقنى هو ظهور شباب فى الوسائط المختلفة يحملون لواء الكراهية والذى يبدو أن جامعاتنا هى الحاضنات الرئيسية له .. وأن # تكره بس # فهذا يعنى أن تستمر أيها الشعب السودانى # تسقط بس # لا أمل للسودان فى ممارسة ديمقراطية ناضجة أذا أستمرينا # نكره بس #