الطيب مصطفى

خواطر باكية حول المعلم الشهيد

إنهم وحوش في صورة آدميين!!.. نعم.. هم كذلك. ومن غير الوحوش يفعل ما فعل أولئك الأشرار بذلك المعلم الوديع الذي هووا على جسده الطاهر بآلات صلبة وكأنه قتل والديهم او أطفالهم؟!
> ربما لم أدهش في حياتي لمصرع أحد مثلما دُهشت لما حدث للصحافي السعودي جمال خاشقجي بأيدي أناس يزعمون أنهم مسلمون، بل ويقيمون في أرض الحرمين الشريفين، وفيهم طبيب متخصص يفترض أن مهنته تقتضي أن يعمل على إنقاذ حياة المرضى وهم على سرير الموت، ولم أكُ أتخيل أن عدداً من أفراد السلطات الأمنية ومن صلب هذا الشعب الطيب، يمكن أن يقترفوا جُرماً شبيهاً بما حدث لخاشقجي، وأن يرتكب أولئك المجرمون ذلك الفعل الشنيع، مع إنسان لا توجد لديه معهم غبينة او ثأر شخصي!
> لماذا يا ترى يرتكب أولئك الأشرار ذلك الفعل المتوحش الذي خسروا به الدنيا والآخرة؟! ثم أليس غريباً بحق أن يفعلوا ذلك بدون أن يطرف لهم جفن بالرغم من أنهم لا يحصلون من وظائفهم العمالية المتدنية حتى على ما يسد رمقهم؟!
> إنهم نوع غريب من مرضى الحقد الأعمى وأولياء الشيطان الذين نرى أشباههم في التمردات التي يشعلها لوردات الحرب ليفتكوا من خلالها بالأبرياء تقتيلاً وتعذيباً وتشريداً، ولينشروا الشر ويقتاتوا على إيذاء الناس وتدمير الأوطان.
> ولكن هل هي قصة ذلك المعلم الخلوق الذي انتقم الله تعالى له من ظالميه الصغار والكبار ورفع ذكره بين جموع الشعب السوداني وأحال استشهاده الى أيقونة للثورة على الظلم والظالمين، أم أنه سلوك فشا بين أجهزة مكافحة الشغب التي رأيتها بعيني رأسي والله العظيم وهي تجوب شوارع الخرطوم بعربات الثاتشر التي لا تحمل لوحات.. تخيلوا أن يحدث ذلك ولا يخشى من يوجهون أولئك الرجال أن تستغل بعض عصابات النهب المسلح تلك الظاهرة الغريبة لتمتطي عربات شبيهة لا تحمل لوحات وتقوم بنهب الأسواق باعتبار أنها تابعة للأجهزة الأمنية!
> أساليب شريعة الغاب لا يمكن قبولها في مجتمعنا السوداني بأي حال. فقد رأينا السياط تلهب ظهور المارة حتى ولو لم يكونوا متظاهرين، بل رأينا كيف تُعتقل الفتيات ويُرفعن في عربات الأمن من قبل الرجال بصورة لا تليق او تتفق مع خلق وتقاليد الشعب السوداني.
> ما أصدق مقولة (عدو عاقل خير من صديق جاهل)! فما يحدث من هؤلاء الأفراد من أفعال مُنكرة ومستفزة لمشاعر الناس يخصم من رصيد السلطة ويزيد من وتيرة الغضب الشعبي ولست أدري لماذا تستخدم السلطات الأمنية أمثال هؤلاء وتسمح لهم بهذه الممارسات البغيضة التي تضرها ولا تنفعها وتعرض سمعتها للتشويه والتبشيع الذي ينقل عبر الفضائيات والأسافير الى أرجاء الدنيا.
> أردت بهذه الزفرات أن أروي غليلي قليلاً وأخفف من حزني على المعلم الشهيد، وغضبي من تلك الممارسات الهمجية التي لم تفعل غير أن ألهبت الثورة وزادت من وتيرتها ومن الغضب الشعبي على النظام.
> رئيس لجنة التحقيقات في قضية المعلم أحمد الخير، قطع قول كل خطيب حين كشف أن وفاة الشهيد نتجت عن (أصابات حيوية بالظهر والإلية والفخذ الأيمن بآلة صلبة أحدثت تلك الإصابات)، وأن التشريح أكد أنه لا صحة للشائعات التي تحدثت عن وجود سموم في جسد المتوفى.
> أحسنت النيابة العامة أن انحازت الى الحق والحقيقة، وليتها كشفت تفاصيل الحادث من أول يوم حتى تُسكت تجار السياسة الذين يفرحون بأخبار الموت والقتل والحرائق والانفجارات وخراب البيوت وتدمير الأوطان.
> لو تم اعتقال المتهمين لحظة الإعلان عن وفاة الشهيد أحمد الخير وأعلن عن ذلك في وقته لما وجد ناشرو أحاديث الإفك مبتغاهم. ولكن ماذا نفعل مع إعلامنا الكسيح الذي يقضي معظم وقته بين أيدي وتحت أرجل كبار المسؤولين ولا يهتم إلا بسفاسف الأمور ومحقراتها، بينما غرف الذباب الإلكتروني المعادية في العواصم الغربية والعربية مُسَّخرة لاستعار الحملة الهادفة لانهيار الدولة السودانية حتى لو سطا عليها الشيطان الرجيم ليحيل حياة شعبها الى جحيم وأمنها الى خراب ويباب.
> ليت السلطات المختصة تكون قد وعت الدرس وعلمت ما أوصى به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه). وإن سفك الدماء مؤذن بغضب الله تعالى الذي قال في محكم تنزيله «والله لا يحب الظالمين».

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد

  1. شلتو تعليقي يا ناس النيلين؟
    ما غريب، ياها المواقع السودانية تشبه بعضها، الراكوبة، النيلين، بل وبعض صفحات الفيس بوك.
    نفس الدكتاتورية، فكثير من السودانيين في داخلهم كوز ينتظر فرصة للسلطة وهو لا يدري.
    ربنا يصلح حال هذا البلد المتخلف البائس.