تحقيقات وتقارير

تجمع المهنيين.. نزع “هالة القديسين”


يرى كثير من المراقبين أن الظهور المفاجئ لتجمع المهنيين والقوى المعارضة الموالية له في المؤتمر الذي عقد الأربعاء الماضي، قد وضع التجمع في محك صعب، خاصة أن من جلسوا على المنصة بدار حزب الأمة لم يكونوا مفاجأة المؤتمر بإعتبارهم شخصيات حزبية تقليدية معروفة، إثنان منهما قياديان في الحزب الشيوعي وأولهما محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الذي تم تقديمه بإعتباره ممثلاً لتحالف قوى الإجماع إنابة عن رئيسه المريض فاروق أبو عيسى، فيما ظهر القيادي الشيوعي محمد يوسف أحمد المصطفى ممثلاً لتجمع المهنيين. عزز هذا الوجود الإتهامات بأن التجمع يمثل واجهة الحزب الشيوعي ويسعى لقيادة الحراك في الشارع وصولاً إلى السلطة.

وتبرز الكثير من الإستفهامات حول دلالات هذا الظهور المتعجل وغير المرتب لهذه القوى والتجمعات المعارضة، وهو ما بدا في إختلاف لغة الخطاب بين المتحدثين عن الثورة “الخطيب ومحمد يوسف” والدعوة لإستمرار الإنتفاضة والتي صرحت بها القيادية بحزب الأمة “سارة نقد الله”.

وهناك جملة من الأسباب التي قد تكون قد دعت تجمع المهنيين والقوى الداعمة له للظهور في هذا التوقيت وطرح ميثاق ” الحرية والتغيير” الذي تعرض هو الآخر لجملة من الإنتقادات من المعارضين، أولها نجاح الحكومة في الحد من التظاهرات وعودة الهدوء التدريجي إلى الشوارع وهو ما يخصم كثيراً من رصيد التجمع الذي يبدو أنه قد فرض عليه الإنتقال إلى مربع الظهور العلني.

كذلك أرادت قيادات التجمع قطع الطريق أمام المبادرات الوطنية التي وجدت طريقها إلى الساحة السياسية بهدف تهدئة الأوضاع واقتراح حلول توافقية تتصادم مع الشعارات التي يرفعها التجمع بإزاحة الحكومة عن السلطة، هو ما يتضح في حديث القيادي الشيوعي محمد يوسف الذي الذي دعا المزيد من القوى خاصة في الهامش للانضمام إليهم وكذلك أصحاب المبادرات المطروحة.

وهناك عامل مهم لتسريع هذا الظهور وهو مواقف الدول الخارجية التي كان يأمل التجمع ان تحاز إلى مطالبه أو على الأقل أن تقوم بالضغط على الحكومة والعمل على إضعافها وهو ما لم يحدث، خاصة الدول الكبرى التي عبر بعضها عن وقوفه مع الحكومة وبعضها أقصى ما طالب به هو دعوة الحكومة للإستماع إلى صوت المحتجين والتحقيق في التجاوزات التي وقعت. وعلى عكس ما أراده التجمع فقد انحازت الدول العربية إلى الحكومة وأبدت استعدادها لمساعدة السودان في تجاوز الأزمة الإقتصادية التي يمر بها، وهو ما انصب في صالح الحكومة التي نجحت في كسب المواقف الخارجية وهو ما يتضح من زيارات الرئيس البشير لعدد من الول العربية.

عدم ظهور قيادات التحالف والتشكيك في وجوده أصلا، بجانب الحديث عن عدم التوافق بين المكونات التي وقعت على ميثاق التغيير، ووقوف قيادات الحركات المسلحة على الحياد، كلها عوامل مجتمعة دفعت التجمع للملمة ألأطراف الموقعة على إعلان التغيير لإقامة المؤتمر في دار حزب الأمة بأمدرمان، وإن كان التساؤلات لم تتوقف عن عدم ظهور القيادات الحقيقة التي يدعي التجمع وجودها وأنها تحرك الأحداث والإكتفاء بظهور قيادات رمزية يدرك الجميع أنها ليست لها فاعلية في قيادة حراك المعارضة.

غير أن بروز تجمع المهنيين إلى العلن لم يخل من تبعات على رأسها أنها وضع نفسه في مواجهة مع الحكومة التي أعلنت شروعها في اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة أحزاب للمعارضة “قوى إعلان الحرية والتغيير”، على خلفية اتهامها لهذه الأحزاب بالدعوة للعنف والإرهاب السياسي والفكري والتغيير بالقوة.

وذكر بيان أصدرته وزارة الإعلام والاتصالات،الخميس، إنها تابعت المؤتمر الصحفي الذي عقد بدار حزب الأمة والتي أعلنت هذه الاحزاب خلاله صراحة أنها ترفض الحوار والإصلاح، ودعت إلى إسقاط النظام بكل الوسائل بما في ذلك العنف، وأعلنت جاهزيتها لمرحلة العنف.

وحملت الحكومة هذه القوى نتائج كل ما يترتب على ذلك، وجددت الوزارة إدانتها للعنف بكافة أشكاله وأن الحكومة ستظل تنتهج الحوار وسيلة وحيدة لأجل الوصول إلى استقرار البلاد.

وفي جانب آخر أصبح التجمع عرضة للإنتقاد من مجموعات معارضة بعد كشفه عن تفاصيل ميثاق الحرية والتغيير، حيث قررت هذه المجموعات وقف كافة أشكال التنسيق مع التجمع وتحفظت على التوقيع على الإعلان، بعد اتهامه صراحة بتنفيذ أجندة الحزب الشيوعي وتهميش قوى المعارضة الأخرى. وعبرت بعضها عن عدم رضائها عن ما ورد في الميثاق.

بعد أن أزال “هالة القديسين” التي كان يتدثر بها طوال الفترة التي اعقبت بداية الإحتجاجات في 19 ديسمبر يدرك تجمع المهنيين أن عليه البحث عن خيارات أخرى غير التعويل على استمرار الاحتجاجات، وهي خيارات قد تبدو غير فاعلة خاصة التعويل على الوقفات الإحتجاجية التي لم تحدث الأثر الذي كان يتوقعه وهو ما يتضح من خلال محاولة تحريك أذرعه في القطاع الطبي، وبالتالي فإن تحريك القطاعات الأخرى لمثل هذه الوقفات حتى تتحول إلى إضراب ثم عصيان أمر يبدو بعيد المنال. وفي اتجاه آخر يدرك التجمع أن الأرضية التي تجمعه مع تجمع القوى المعارضة وقوى نداء السودان هشة بسبب إختلاف منطلقات القوى المعارضة ووجود أجندات غير متفقة في الرؤية حول المستقبل.

تقرير (SMC)


‫3 تعليقات

  1. كنا ندرك ونعلم من الذين هم وراء استمرار الإحتجاجات. الشيوعي ليس الأول في تحريك هذه الإحتجاجات بل عجل بنفسة لظهور ببسب انه أدرك الحراك قد ضرب وأراد ان يتفواض قبل ظهور الحقيقين ويضعفوا اوراقة .
    لذلك كونوا يعقد الشيوعي مؤتمر في دار حزب الأمة هي عباره عن( لمة المتاعيس علي خايب الرجاء)

  2. “ما هو (تجمع المهنيين السودانيين)؟ … بقلم: محمود معتصم
    مقالات 1,035 زيارة

    مقالات مشابهة

    على كل … بقلم: محمد عبد القادر .. من يغلق “الباب البجيب الريح”!!

    آخر الليل … اسحق احمد فضل الله .. طائر المعارضة اليوم أو طائر الدولة غداً

    ساخر سبيل … الفاتح جبرا .. كلامنا دا غلط؟
    كما هو متوقع. فإنه مع توسع الإجتماع حول الثقة في الكيان الجديد على الساحة، ظهرت تساؤلات مشروعة و أخرى كيدية طفولية، حول التجمع.

    رأيت أن أقوم بعمل نبذة تعريفية عن التجمع تجعلنا ندعمه بمايتجاوز بساطة “كل العمله التجمع هو الدعوة للمظاهرة”، فمجرد الدعوة للمظاهرات هو شغل محترفي النضال ممكن سئم منهم الناس منذ مدة طويلة.

    ظهر تجمع المهنيين السودانيين لأول مرة في مايو ٢٠١٦ (كمنتج للجانه التمهيدية التي يبدو أنها كانت ناشطة منذ ٢٠١٤)، خلال فترة من الإضرابات و المظاهرات. بعدها بدأ التجمع يبني نفسه بصورة بطيئة و لكنها تستند على رؤية واضحة المعالم. في يوليو ٢٠١٨ ظهر التجمع بصورته الحالية أول مرة، عندما أعلن عبر ميثاقه عن برنامج واضح المعالم يهدف إلى توحيد النقابات الشرعية و بناء النقابات الشرعية بين أصحاب المهن الأخرى التي لم تظهر بينها اللجان النقابية الشرعية بعد. وقع على الميثاق الأجسام التالية:

    لجنة المعلمين .
    لجنة أطباء السودان المركزية .
    رابطة الأطباء البيطريين الديمقراطيين .
    التحالف الديمقراطي للمحامين .
    تجمع أساتذة الجامعات .
    نقابة أطباء السودان الشرعية .
    لجنة مبادرة استعادة نقابة المهندسين .

    و منذ حينه بدأ التجمع العمل على دعم نضالات هذه الفئات، و سعى في ذات الوقت إلى توسيع قاعدته عبر دعم إنشاء النقابات البديلة (كان آخرها نقابة الصيادلة) و عبر إيجاد مساحة عامة لتوحد كل الحراك العمالي المهني. توج التجمع هذه المساعي عندما بدأ في التحرك حول مسألة “الحد الأدنى للأجور” مطالبا برفعه لما يفوق ال ٨٠٠٠ جنيها بدلا عن حوالي ال ٤٥٠ جنيها التي هي الحد الأدنى للأجور اليوم. و لم يستند التجمع في هذا المطلب على عمليات “الصفير في الظلام” التي تعودنا عليها من المعارضة، بل قام بإتمام دراسة مفصلة عن مسألة الحد الأدنى للأجور و خرج منها بنتائج توضح لا معقولية الأداء الحكومي حتى بالنسبة لجيراننا من الدول الأفريقية الفقيرة.

    عمل التجمع خلال الشهور الماضية بصورة حثيثة على الحوار مع البرلمان و القوى السياسية لتوحيد الكلمة حول مسألة الأجور، و تظاهر منسوبوه أمام مبنى الإتحاد العام لنقابات السودان، و هو الجسم النقابي الرسمي، ليضغطوا عليه لتبني مسألة الأجور.

    و كان الجمع قبل بداية الإحتجاجات الحالية و التي تحولت لعملية ثورية، كان ينوي القيام بتنظيم مواكب تطالب الرئيس بزيادة الأجور تتويجا لمسعاه البطيء لتوحيد الشعب خلف قضاياه المطلبية. و هو نوع السياسة الجادة الصلبة التي لم يقدر على طول نفسها غيرهم. نحن تعودنا على النضال الموسمي يهم لحظة جنونا ثم يخبوا و يترك الشعب ليواجه مصائره.

    سأضع في الأسفل سلسلة من الصور توضح التاريخ القصير و المشرف لتجمع المهنيين السودانيين.

    أنا لم أتعود أبدا على دعم جسم فقط لأنه دعى لمظاهرة أرغب فيها (آخر مرة كانت “شرارة” ديك و الواحد إتعلم الدرس). هذه النبذة القصيرة عن التجمع هي تبريري الشخصي لدعمه. التجمع يمثل فكرة أنا أؤمن بها، حتى قبل ظهور التجمع، و هي أن شعب السودان بحاجة لمؤسسات مجتمع مدني راسخة، يقودها أشخاص يفكرون برؤية بعيدة المدى و يعملون بصبر. و عندما يعمل جسم بهذه الطريقة، و هو شيء كما أثبتت الأحداث منذ ٢٠١١ أنه ليس سهلا، فإنه يثبت شرعيته. و يصبح التشكيك فيه بحجة أن “الحزب الفلاني أو العلاني” يسيطر عليه هو من باب الطفولية التي أدمنها بعض الشباب الثوري.

    ربيع النقابة .. هو ربيع الشعب!”

    1. اخي عبد الحي شكرا للمعلومات القيمة … ارجو عدم اضاعة وقتك الثمين مع صحيفة تعتبر من اكبر ابواق السلطة لا يستحققون حتي مرروك …. ارجو من كل المناضلين من مقاطعتها مقاطعة تامة …. التزليف ولوي عنق الحقائق اصبح غير سهل في زمن العولمة …. خسئتم وخسئت اقلامكم الكاذبة.