بينما روت فتاة قصة إدمانها من داخل المصحة .. تعاطي الفتيات للمخدرات .. (نجمات المجتمع) على الخط.!
تفشت عدد من الظواهر السالبة في المجتمع السوداني التي لم يألفها في فترات سابقة بعد أن امتدت يد العولمة لتشوه عدداً من القيم والأخلاق الفاضلة التي جبل عليها أغلب أفراد المجتمع، منها ظاهرة شاذة وغريبة على المجتمع وهي تناول بعض الفتيات للمخدرات وبصورة متبرجة بعض الشيء وكأني بهن يحاكين نجمات السينما والأفلام الأجنبية التي تظهر بعض الفتيات في صالات الديسكو والملاهي الليلية وهن يتمايلن رقصاً و يتعاطين الخمر والمخدرات وممارسة بعض السلوكيات الشاذة، وبالرغم من الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها بأمر الدين والعادات والتقاليد، إلا أن هنالك من رفضن ذلك النهي وهن يتجاوزن تلك الخطوط بكل بجاحة و(قوة عين) ليتناولن المحرم وهن أدرى بعواقبه وما يترتب عليه من آثار مجتمعية وأسرية سالبة.
(1)
تطورت الظاهرة وبعد أن كانت تمارس في سرية تامة بعيداً عن الأنظار خوف الفضيحة، لتنتقل بفعل كاميرات الهواتف النقالة للعامة وذلك بعد تقوم إحداهن بتوثيق (القعدة) عبر جوالها في حالة الوعي أو اللاوعي ومن ثم نشره للمقربين منها وهكذا يمرر الفيديو على الجميع (دون فرز) لتطل على المشهد كارثة غفلت عنها الأسرة ولم تضعها في الحسبان، والأدهى من ذلك أن المخدرات التي يتم تناولها تباع بمبالغ طائلة وهذا ما يلفت الأنظار. في فترة سابقة تم الترويج لتلك المخدرات وسط العاصمة وبصورة مقلقة ومخيفة و بالأخص بين المجتمعات التي تقع عليها دائرة الضوء وذلك بعد أن تمكنت شرطة أمن المجتمع بقسم الخرطوم في فترة ماضية من ضبط كميات كبيرة من المخدرات قبل أن يتم توزيعها في مناطق مختلفة من الولايات حيث تجد الإقبال الأكبر.
(2)
هنالك عدد من الحالات المشابهة التي تم ضبطها في بعض الأحياء الراقية وتم تقديمها للمحاكمة وليست هي المرة الأولى التي يتم فيها ضبط فتيات يتعاطين المخدرات بهذه الصورة التي تدعو للدهشة والحيرة، بينما وصل الأمر إلى نجمات المجتمع وأخبار اليومين الماضيين تشير إلى ضبط مذيعتين بقناة كبيرة وبرفقتهما آخرون بينهم ضابط برتبة ملازم أول بتهمه تعاطي (الشاشمندي) وتم فتح بلاغ في مواجهتهم تحت المادة 20 أ بعد الاعتراف الجنائي و تم تقديمهم للمحاكمة.
(3)
في سابقة أخرى كان قد تم إلقاء القبض على فنانة شابة معروفة ورفيقتها في إحدى شوارع الرياض بالخرطوم بعد تعاطيهما المخدرات ليتم اقتيادهما إلى قسم الشرطة ومن ثم تنفيذ العقوبة عليهما وسط دهشة كبيرة أصابت الشارع العام وقتها لغرابة الحادثة، في الوقت الذي كان قد استنكر فيه اتحاد الفنانين الحادثة ووصوفها بالشنيعة ونفى عضوية تلك الفنانة بالاتحاد ووصفوها بأنها وصمة عار في جبين الغناء.
(4)
كان لا بد من ربط الظاهرة بشخصية كانت قد سلكت ذلك الطريق المحفوف بالمخاطر لتكون ضحية (شلة) سوء، لتسرد لنا حكايتها بعد أن أعلنت توبتها من داخل إحدى المصحات النفسية التي تتلقى فيها العلاج، وعن هذا تقول (ن.و): (كنا عبارة عن شلة مكونة من ثلاث فتيات وثلاثة شبان ووقتها كنت أتيت من السعودية حيث تستقر أسرتي من أجل الدراسة الجامعية وكنت قد استقررت مع خالتي ولكن لم يطب لي المقام معها فطلبت من الوالد أن أسكن في داخلية من أجل راحتي،وبالفعل وافق والدي وانتقلت إلى سكن الداخلية ومن هنا بدأت المأساة بعد أن تعرفت على (شلة) من داخل الحرم الجامعي فتوطدت العلاقة بيننا ليأتي يوم كنت (زهجانة) فيه فقال لي زميلي بأنه يملك الدواء الذي يخرجني من الهم الذي أعيشه وبالفعل أعطاني شريطاً تناولت منه حبة واحدة وبالفعل شعرت بهدوء واسترخاء غير عادي وأصبحت الحكاية تتكرر بصورة دائمة حتى وقعت تحت تاثير المخدر ومن ثمَّ انجرفت في الطريق و كانت المرة الأولى التي تناولت فيها (الشاشمندي) بكميات كبيرة في عيد ميلاد أحد أصدقائي في شقة تقع ضاحية بحري ولأول مرة كنت أشاهد فيها (الشاشمندي).. في البدء تخوفت و ترددت من تناوله ولكنني ضعفت أمام إلحاحهم فرضخت وتكرر الأمر حتى أصبحت مدمنة له وحدثت لي بسببه الكثير من المشاكل الأمر الذي جعل والدي يعود من السعودية ليكتشف أن الكارثة أكبر مما كان يتصور، وذلك بعد أن تم فصلي من الجامعة فأصيب والدي بصدمة كبيرة قام وقتها بضربي ضرباً مبرحاً ومن ثم أودعني إلى هذه المصحة وغادر البلاد وأنا الآن نادمة على كل شيء لأنني دمرت مستقبلي وسمعة والدي لكنني (تبت، والله العظيم تبت، ودايرة أبوي يعفو عني).
(5)
الشيخ محمد نصر وصف الظاهرة بالمقلقة والمريبة لأنها تمارس بعيداً عن الأعين، والأسر آخر من يعلم، وهنالك عدد من الفتيات أصبحن ضحية وآخرون كانوا السبب في إفساد البعض, مضيفاً من ناحية دينية لقد حرم الدين الإسلامي الخمر و مغيبات العقل ووصفها بأم الكبائر بسبب إفسادها للعقل وتغييبه عن رشده ليعم بعدها الدمار والفساد الإخلاقي الذي يؤدي إلى ارتكاب المعاصي والفاحشة، مضيفاً ظلت الجهات المسؤولة ولفترات طويلة تحارب أوكار الرذيلة والخمور ولكن على ما يبدو كلما ازدادت المتابعة والرصد ازدادوا طمعاً في المكسب، وندعو كل الأسر لأخذ الحيطة والحذر وأن يتبعوا التعاليم الإسلامية في تربية أبنائهم وأن لا يتركوا لهم الحبل على الغارب.
(6)
الباحثة الاجتماعية وفاء سر الختم حللت الظاهرة بأنها تقليد أعمى لبعض الممارسات غير المألوفة والتي قد يمارسها البعض بعيداً عن إطار الأسرة والأعين المراقبة. تبدأ الكارثة بالتشبه ومن ثمَّ التجريب وبعدها تأتي مرحلة الممارسة، لذا يجب علينا ألا ننظر للمسألة بأنها ظاهرة والسلام لأن هنالك أسباباً ومسببات جعلت هؤلاء الفتيات يلجأن إلى تلك الممارسات غير الحميدة والمجتمع أسهم في ذلك كثيراً وما هو خلف الكواليس وبعيداً عن الإعلام أكثر ولابد من معالجة الأمر وعدم دفن الرؤوس في الرمال، كما أن هناك مسببات اجتماعية واقتصادية يجب على الدولة أن توليها الاهتمام وتضعها نصب أعينها حتى يتعافى المجتمع بأكمله وتكون هنالك بذرة ونواة طيبة)، مبينة: (القضية أكبر من إيجازها بين الأسطر على صفحات الصحف إذا أردنا بالفعل المعالجة الحقيقية للظاهرة، لأن القيم والمبادئ اختلفت كثيراً وأصبح التحكم عليها أمراً صعباً بفعل العولمة التي جعلت كل ممنوع مباح مما أدى إلى تفشي عدد من الظواهر السالبة منها تناول الخمور والمخدرات وانتشار الرذيلة في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لمحاربتها بشتى السبل حفاظاً على الأجيال القادمة بعيداً عن أصحاب السلوكيات غير المنضبطة التي تعكس صورة مشوهة للفتاة السودانية).
تقرير: محاسن أحمد عبدالله
صحيفة السوداني