لا شك عندي في أن قناة (الجزيرة) لعبت عن قصد وتعمد دور (المبلغ) في صف التكبير على مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول مهندس صلاح عبد الله (قوش) ضمن بداية او نهاية حملة ضد الرجل بإيعاز وإدارة من جهات خارجية وداخلية يهما للغاية تفجير لغم تحت ارجل الرجل يخرجه من الملعب التنفيذي والسياسي بالداخل مصابا او مبعدا بشكل كامل ؛
خبر الامس الذي اخذته الجزيرة عن موقع بريطاني او (مستضاف) هناك بدا من حيث تفاصيل الرواية وسياق العرض اقرب ما يكون الى نسق (منقولات) وسائط التواصل الإجتماعي التي لا تتقيد باي اسانيد صحة او دقة ؛ اذ ودون التقيد بإنعدام صفة المصدر المعلوم فالخبر لم يقدم تفاصيل لا عن موقع الإجتماع ولا مدته ؛ او هوية الحضور فيه وقفز مباشرة الى ركن مقصد من حرره ونشره بالحديث عن نقاش حول مسألة خلافة (البشير) وهو أمر لا تبدو أن اسرائيل والموساد معنية به وقد يختلف الامر لو ان الحديث كان حول ترتيبات تغيير حكم في سوريا او مصر او إيران او لبنان باعتبار انها دول في النطاق الحيوي للامن القومي الاسرائيلي ومفهوم ان امر التغييرات فيها تهم تل ابيب وبشكل مباشر ؛
كذلك وفي مؤتمر ميونخ فقد كانت شواغل اسرائيل مركزة على (ظريف) إيران وبقدر اقل على الرئيس المصري (السيسي) الذي حرص جنرالات الاستخبارات الاسرائيلية على التقاط الصور معه مثل عاموس يدلين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ومدير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي حالياً،!
ولذا يبدو غريبا ان يتحدث المصدر عن موضوع نقاش حول (البشير) رغم ان اي باحث سياسي اذ طلب منه وضع توقعات حول اجندة لقاء سوداني /اسرائيلي فالاقرب للتوقع الصحيح _بافتراض امكانية اللقاء المستحيل_ ان تكون الاجندة حول سند اسرائيلي في قضايا التقارب بين الخرطوم وواشنطن او بالعدم إزالة هواجس الدعم لفصائل حماس والمقاومة الفلسطينية وهو ملف طواه السودان منذ سنوات وتجاوزه مثل كثير ؛
البنية المعلوماتية للخبر كذلك مبهمة وبشكل لا يتسق واي معايير مهنية موجبة للصحة ففي الوقت الذي يتحدث عن وساطة دول معينة مثل السعودية ومصر والامارات دون تحديد اسباب وجيهة اهمل فرضية ان تلعب ذات دور الوساطة دولا مثل قطر وتركيا او روسيا بل والمانيا نفسها البلد المنظم لمؤتمر ميونخ للامن وهو محفل شارك السودان فيه بوفد ترأسه الدكتور الدرديري محمد احمد وزير الخارجية الذي التقى وزير الخارجية القطري ووزير الخارجية الروسي فلماذا تتوسط الإمارات ومصر والسعودية ولا تفعل المانيا او روسيا او قطر مثلا ؟ والاجابة ببساطة لان التخريج بهذا الشكل مقصود لذاته لاثارة إستفهامات اخرى تتعلق باثبات ان محور (الامارات والسعودية) يكمل مشهد درامي إفتراضي في الساحة السودانية عنوانه إجراء تغيير ما ؛
واما المضحك في هذا الشتل الفطير فقد كان في الحديث عن لقاء مماثل رغم انه وعرفا وقياسا على سوابق عربية وغربية في لقاءات بمثل هذه الخطورة فإنها تنعقد مقصودة لذاتها في امكان تحدد بترتيب دقيق وصارم مع توسع في الإعداد وتحوط مناسب ؛ فلو ان النية انعقدت اصلا للقاء مماثل فقد كان يمكن بيسر ان تقترح ابوظبي او القاهرة او حتى اديس ابابا وتحت غطاء جولات وزيارات لمدير المخابرات بالسودان او اسرائيل لاي من تلك العواصم ودون ان يشعر احد وتتم المقابلة دون الحاجة لعقد مقابلة في نطاق جغرافي في مؤتمر يحضره ممثلين لاكثر من ثلاثين رئيس دولة وخمسين مدير مخابرات والف وخمسمائة صحفي اغلبهم من مؤسسات معنية بقصص المخابرات حيث من الطبيعي ان يكون شخص مثل مدير الموساد تحت الرصد الصحفي والتغطية الشاملة وهذا ما كشف لقائه و نجل مسعود بارزاني( مسرور ) في ميونخ على هامش زيارة الاخير الى المانيا حيث حدد الروايات الصحفية اسم الفندق الذي شهد المقابلة وزمنها الممتد لثلاث ساعات واجندة المباحثات التي شملت العلاقات بين كردستان وتل ابيب بل ونشرت صورة ليوسي كوهين مدير الموساد لحظة خروجه!
لكل هذا فاني اتفق مع رواية جهاز الامن والمخابرات السوداني ونفي صحة واقعة خبر الجزيرة (المبلغة) به نقلا عن موقع بريطاني لفت نظري فيه انه يكاد مختصا بالاخبار عن (السودان) وبشكل إفساح واسع وكأنه منصة اعدت مسبقا لإداء دور تسريبات مقصودة (عادة في الصفحة الرئيسية تجد ست اخبار من الخرطوم ) وما اظن بكل حال الا أن (الجزيرة) تعمدت إشعال القصة لأغراض تتعلق بكونها اطلقت الرصاصة الاولى في إشارة فتح الكمين على عربة (قوش) وستسحب بندقيتها وقناصيها ليكمل فوج اخر من المهاجمين من داخل الخرطوم المهمة!
