درس في حب الوطن المسلم والوفاء لأهله
ما أجمل الحديث عن الوطن وعن حبه وعن الوفاء له، وحب الوطن المسلم وردت فيه نصوص شرعية، وافقت الفطرة السوية، وفي القرآن الكريم بيان بأن من أشق الأمور على الإنسان ومن أشد ما يبتلى به أن يخرج من وطنه وبلده ، قال الله تعالى : (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ..) ، ولطالما ضعف الانتماء للوطن المسلم وقلّ الوفاء له من قبل بعض أبنائه، ولطالما تنكر كثير من الناس لوطنهم المسلم كان من المناسب التذكير بهذا الجانب المهم، خاصة وبلادنا تمر بأيام فيها من الابتلاء والمحن ما نراه ونشاهده، فأقول موجزاً تذكيري بهذه المناسبة فيما يلي:
من المؤسف – جداً – أن يكون العرف في كثير من بلاد المسلمين أن تسهم ما يسمى بــ (المعارضة) في إضعاف الدولة وتفرح لدمار بلادها وسوء حالها وضياع أهلهم، فقد تسهم في ذلك الدمار بطريق مباشر أو غير مباشر !! لأن ذلك سيكون من أسباب وصول تلك المعارضة إلى الحكم !! بل قد يكون – أحياناً – بفهمها هو الطريق (الوحيد) للظفر بالسلطة التي أصبحت غاية عند أهل السياسة وليست وسيلة عظيمة المسؤولية.
وكم من بلاد عانى أهلها وضاقت سبل العيش على شعوبها بسبب تصرفات بعض أهلها، وهذا الأمر يبين بجلاء أن الهدف من الحكم عند هؤلاء ليس هو كونه وسيلة لإسعاد الشعوب والوقوف معها ونصرة قضاياها والاجتهاد في أداء حقوقها، وإنما الهدف هو المصالح الشخصية والحزبية لتلك الأحزاب، ولست بحاجة لأن أضرب أمثلة أوضح بها ما أقول فإن هذه الحقيقة – للأسف – أوضح من أن يستشهد لها وتضرب لها الأمثلة.
إن من أهم عناصر تحقيق وحصول الاجتماع لأبناء الوطن المسلم أن يتم التنازل للمصلحة العامة، وترمى المصالح الخاصة والشخصية، وهذا محكٌ من المحكّات المهمة التي يجب رعايتها، فالمصلحة العامة إذا روعيت وقُدّمت كان هذا من أهم الأسباب المعينة على اجتماع الشمل وجمع الكلمة.
ويسجل لنا التاريخ الإسلامي روائع في هذا الباب، ومن تلك المواقف تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن الخلافة في عام 40 هجرية وهو عام الجماعة، وتحققت بذلك واحدة من نبوات نبينا خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخبر بهذا الأمر الذي كان سبباً لاجتماع الطائفتين العظيمتين، وهو بلا شك مقام عظيم شريف يبين مكانة وشرف تقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وقد يصعب على كثير من الناس أن يحذوا هذا الحذو بسبب تفاوت الديانة والإيمان والعلم، وبسبب الركون إلى الدنيا وعقد الولاء والبراء على الفرق والأحزاب والتكتلات السياسية .. وغير ذلك من الأسباب .. لكن واجب النصيحة يوجب أن يقال هذا الكلام، فلم نتعلم اليأس – ولله الحمد -، ومحبة للخير لهذا البلد الكريم – الذي كثرت مصائبه وتواصل نزيفه المؤلم الموجع واشتدت معاناة أهله – أردت أن أقول ذلك. إن على أبناء هذا البلد الكريم جماعات وأفراد وأحزاب أن يدركوا أهمية الحرص على المصلحة العامة وأن تعلم مكانة الاجتماع وفضل الجماعة وليراجعوا مواقفهم ولينظروا في واقع بلادهم وليتفكروا في مستقبلها ومستقبل أهلها وما ستكون عليه أجيالها المتعاقبة.
أقول هذا وأنا أدين الله بأن هذه التحزبات السياسية والتحزب للأشخاص والجماعات من الباطل الذي أفسد في المسلمين كثيراً .. ولا أؤمن بالكذبة السياسية المسماة (الديمقراطية) فإنها مما ضحك به الكفار على بعض المسلمين ولو كان أهل الديمقراطية يطبقونها حقاً لما كانت المسلمة في بعض بلاد الغرب تدفع غرامة إذا غطّت وجهها !!
فلست مقراً لهذه التحزبات فضلاً عن ما يسمى بالمعارضة وأحزاب المعارضة ، فإن في الإسلام يكون الشخص واحداً من اثنين إما : إماماً حاكماً (راعياً) وإما محكوماً من الرعية ، وعلى الحاكم واجبات وله حقوق ، وعلى الرعية واجبات ولهم حقوق ، وعلى الحاكم واجبات يسأله عنها الله تعالى من الحكم بالشرع والعدل بين الرعية وغير ذلك ، وعلى الرعية السمع والطاعة في طاعة الله تعالى ، والنصوص الشرعية في ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم كثيرة جداً وقد كتبت مقالات عديدة في هذه القضية.
ورغم ما ندين الله به في هذه الأمور العظيمة إلا أنه لا يمنع ذلك من حثٍّ على الاجتماع ونبذ الفرقة وأسبابها وكيف لا يُذكّر بهذا الأمر العظيم وهو أصل من أصول الإسلام العظام : أن الفرقة مذمومة والاجتماع يجب أن يجتهد في تحقيقه ، ولن يكون اجتماع إلا على الحق ، وعلى ما جاءنا في شريعة الله في الكتاب والسنة وعلى هدي محمد عليه الصلاة والسلام ، وهذا هو الصراط المستقيم .. الذي أوجب الله اتباعه ، وندعو في كل ركعة فنقول (اهدنا الصراط المستقيم) .. وقد حذّر الله تعالى من اتباع السبل والطرق قال الله تعالى : (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلك تتقون).
أتمنى أن يدرك أبناء بلدنا الكريم صغاراً وكباراً من الرعاة ومن الرعية الخير لأنفسهم ولدينهم ووطنهم .. ويعملوا بذلك .. ونأمل أن تكون كل الجهود على المستوى الرسمي والشعبي في ما يعود علينا بمصالح الدين والدنيا والأمن والأمان والاستقرار .. والأمر كله بيد الله المالك المتصرّف فهو المستعان و(لا حول ولا قوة إلا بالله) ..
صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة
شئ ما يحدثنى بأن هده الصياغه ليست لعووضه.
مجرد إنشاء لا يشبه عووضه فى شئ !!