الطيب مصطفى

عدو عاقل خير من صديق جاهل!


لا أشك لحظة في أن النظام الحاكم وهو يواجه الاحتجاجات والتظاهرات الحالية، لا يعاني من كيد وتآمر أعدائه، بقدر ما يتلظى وينزف من تصرفات وحماقات أصدقائه!
> وأنا أشاهد تظاهرة بري الدرايسة التي خرجت بأعداد ضخمة، تشكل النساء نسبة كبيرة منها، تذكرت الحكمة البليغة: (عدو عاقل خير من صديق جاهل). فقد تكررت، بوقائع مختلفة، قصة معلم خشم القربة الشهيد أحمد الخير الذي فتك به بعض رجال السلطات الأمنية بصورة مقززة ومؤسفة، وهو قابع في معتقله الكئيب.
> أحد أفراد الأجهزة الأمنية ظهر في فيديو مثير وهو يزأر متحدياً (أسود البراري!) وطالباً منهم أن يخرجوا بدلاً من الجلوس مع (أماتهم)، بعد أن عبر عن فرحه الغامر بـ(تحرير) ميدان بري الدرايسة من المتظاهرين وكأنه حرر فلسطين بعد أن طرد الصهاينة!
> كان حديثه مستفزاً يثير الغثيان! فقد والله غضبت واستفززت بالرغم من أني لم أكن معنياً بحديث ذلك الرجل (المتحدي)، فما بالك بأولئك الشباب وبمواطني بري الدرايسة الذين وجهت إليهم عبارات التحقير والإساءة والاتهام بالضعف والانهزام أمام (جحافل الغزاة) المنتصرين!
> صحيح أن ذلك التصرف الأحمق كان رد فعل على تصرف غير مسؤول واستفزازي من بعض الشباب بعد أن قلبوا سيارة شرطة كانت قد سقطت في أحد الخيران وتعاملوا معها بصورة سيئة لا تليق، ولكن ذلك التصرف لا يبرر ما فعله النظامي صاحب ذلك الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم، ملهباً مشاعر سكان الحي الذين خرجوا في مسيرة هادرة لم أر مثلها منذ أسابيع.
> أثلج صدري أن الشرطة على لسان ناطقها الرسمي اللواء هاشم علي عبد الرحيم نفت علاقتها بذلك الفيديو بالرغم من أنها هي التي استفزت بالتصرف غير المسؤول من بعض الشباب لكن ذلك لا يعني البتة إنكار أن هناك من ارتكب تلك الحماقة من القوات الأمنية وينبغي أن يخضع للمحاسبة الفورية والصارمة حتى تهدأ نفوس سكان البراري وحتى يكون عظة لغيره. فقد كثرت تلك التجاوزات وتعددت وينبغي أن تتوقف ولا تحدث مرة أخرى.
> أعجب والله أن تصدر أحكام فورية بأوامر الطوارئ ضد بعض الشباب المتظاهرين بينما تتلكأ في دهاليز المحاكم قضية الشهيد أحمد الخير التي مضى عليها حوالي الشهر!
> أفتأ أردد إن تلك الأخطاء الكارثية هي الوقود الحقيقي للتظاهرات. فبعد أن توقفت ظاهرة عربات التاتشر التي ظلت الأيام ذات العدد (تتبختر) في الشوارع بدون لوحات وهي تحمل رجال أمن ملثمين انفجرت مشكلة الاعتداء على متظاهري وممتلكات جامعة مأمون حميدة ثم تكررت الواقعة في الجامعة الوطنية وقبل ذلك كانت الفضيحة الكبرى المتمثلة في تعذيب وقتل الشهيد أحمد الخير وقبلها حادث مقتل طبيب رويال كير والقتلى الآخرين!
> سلسلة من التصرفات الحمقاء، وكأنها مقصودة، كانت تفعل فعلها في الشارع وفي الأسافير وتثير عواصف من الغضب في نفوس الناس في الداخل والخارج، وأنا على يقين أن تلك الأحداث كانت من أكبر عوامل تصاعد الغضب الشعبي واشتعال الحراك الثوري فكلما هدأ الشارع يرتكب أحد او بعض الحمقى من رجال القوات الأمنية خطأ ما، يهيج الشارع من جديد ويفرح دعاة الفتنة ويملؤهم أملاً في تحقيق حلمهم الأثير بنصر قريب يسقط النظام ويجلسهم على مقاعد السلطة!
> لا أدري متى تعلم قيادات الأجهزة الأمنية أنها الآن ومنذ اندلاع الحراك الثوري، تخوض معارك ضارية ضد نشطاء الذباب الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي تنشر كل فعل أخرق مهما كان صغيراً وتافهاً، وتضيف إليه كثيراً من التوابل والبهارات (والشمارات) واذا لم تجد شيئاً تختلق قصصاً وحكايات وأحاديث إفك لتصب الزيت على النيران المشتعلة هذه الأيام واذا كان النظام قد عجز عن التعامل مع الأسافير جراء ضعفه الإعلامي الغريب، فما أقل من أن يتوقف عن تزويد خلايا وسائط التواصل في الداخل والخارج بالمادة التي تيسر لها مهمتها من خلال النيران (الصديقة) التي تجيد دور العدو بأكثر مما يجيده الأعداء!

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة


‫2 تعليقات

  1. بطل زراط يا حلبى …ده كووولوووو ما بحلك من المساءلة .. من اين لك هذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟