منوعات

الأمم المتحدة: ارتفاع الدخل العالمي والسعادة يمضيان في اتجاه معاكس

منذ تأسيس الاقتصاد العالمي بمفهومه الحديث على يد العالم الاسكتلندي آدم سميث في القرن الثامن عشر، تم ربط بناء الثروة برفع السعادة القومية، ولكن هذا التوجه لم يعد ساريا بمفهومه التقليدي الآن عالميا.

فتقرير مؤشر السعادة العالمي لعام 2019 الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، سلط الضوء على أن التقدم الاقتصادي العالمي يمضي في طريق مغاير عن السعادة على الصعيد العالمي، حيث إنه في الوقت الذي بلغ الناتج العالمي 135 تريليون دولار عند قياسها بناءً على أسعار القوة الشرائية المعدلة خلال عام 2018 بمتوسط دخل للفرد بنحو 17500 دولار، إلا أن التعاسة تعُم أنحاء عديدة من العالم.

وأفاد التقرير بأن سببا رئيسيا في هذه التعاسة يرتبط بعدم المساواة الفج في توزيع الدخل العالمي، إذ إنه في الوقت الذي يعيش فيه 1.2 مليار شخص من البلدان مرتفعة الدخل بمتوسط دخل 47 ألف دولار، هناك 700 مليون شخص آخر في البلدان منخفضة الدخل يبلغ نصيبها ألفي دولار.

كما أشار تقرير مؤشر السعادة العالمي إلى أن ارتفاع متوسط الدخل لا يعني أيضاً بالضرورة ارتفاع مستوى السعادة، لذلك هناك حزمة مقاييس لتصنيف ترتيب سعادة الدول، تشمل استطلاع رأي المواطنين وجمع البيانات من الدراسات والإحصاءات عن متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي ومتوسط العمر والحياة الصحية والدعم الاجتماعي وحرية الاختيار ومستوى الفساد وأخيراً السخاء أو الكرم.

وهناك دلالات رقمية على بعض هذه المعايير، منها الرعاية الصحية التي تعتمد قياس متوسط الإنفاق على الرعاية الصحية لكل دولة، وهنا تتفوق سنغافورة عالميا في ضوء تسجيل متوسط إنفاق الفرد 2280 دولارا على الرعاية الصحية بما يمثل 4% من متوسط نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن كفاءة النظام الصحي، وهو ما انعكس على وصول متوسط الأعمار في سنغافورة إلى 83 سنة.

كما أن هناك علاقة رئيسية بين سعادة الموظفين التي يتم ترجمتها في صورة الرضاء الوظيفي ومستوى ربحية المؤسسات وكذلك رضاء العميل، واستشهد التقرير بدراسة حالة لقطاع التعليم حول العالم، والتي أوضحت أن هناك حالة عدم رضا تسيطر على المعلمين ما يدفع 80% منهم للتفكير في التحول إلى مهن أخرى.

وتُكبد حالة عدم الرضاء المدارس خسائر سنوية تتراوح بين مليار إلى 2.2 مليار دولار سنويا مصروفات لتنقل المعلمين بين المدارس أو مغادرة المهنة تماما.

على جانب آخر، يشمل مؤشر السعادة العالمي مصطلح المدن السعيدة والتي يعتمد تصنيفها على عدة أركان، أبرزها جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي بالمدينة وما تشمله من فرص اقتصادية تحسن من مستوى المعيشة وتوفر إمكانية التعلم واكتساب مهارات جديدة.

هذا إلى جانب عقد شراكات بين المسؤولين عن المدن والسكان لتطوير الخدمات وتوفير شبكات الأمان الاجتماعي لتحقيق التنمية المستدامة، ولعل مدينة بورتو أليجري البرازيلية إحدى أبرز المدن التي تتبنى هذا التوجه من خلال إعداد موازنة تشاركية مع آلاف المشاركين سنويا بقيمة 200 مليون دولار لتحسين خدمات المدينة.

وبنظرة كلية اتخذ تقرير السعادة العالمي مدينة دبي كمثال حي على المدن السعيدة والتي تشكل محور استراتيجية دبي الذكية 2021، والتي تعتمد عدة مقاييس هامة مثل المستوى الصحي والقدرة على التنقل والفرص الاقتصادية.

بوابة العين الاخبارية