جعفر عباس

هل هي أحلام قابلة للتحقق؟


اسكتلندا هي مسقط رأس النعجة الراحلة دوللي، وهي أول كائن مستنسخ مختبريًا في تاريخ البشرية، وقد ماتت دوللي وهي في عز الشباب، إثر علة لم تمهلها طويلاً، فهي من مواليد الخامس من يوليو من عام 1996 وراحت فيها في 14 فبراير من عام 2000. ومنذ أن قام إيان ويلموت باستنساخ دوللي، وعشرات بني البشر يريدون أن يستنسخوا أنفسهم، أي إنهم يريدون التنافس مع نعجة، مما يؤكد تمتعهم برجاحة العقل!! وها هي اسكتلندا تخرج علينا بأقراص تزعم أنها تطيل عمر الإنسان إلى 120 سنة، فعلى ذمة ستيف باركنسون مدير شركة سيرميديكس الصيدلانية فإن القرص الواحد يحوي من المواد الغذائية ما يعادل 30 رطلاً )باوند( من الفاكهة والخضرة يوميًا، ومبلغ علمي هو أن الكائن الوحيد القادر على أكل 30 رطلاً من العلف والفاكهة هو النعجة، التي لا تكف عن الأكل طالما كان حاضرًا أمامها!! ويزعم باركنسون أن ذلك القرص يقاوم التأكسد ويعزز جهاز المناعة في الجسم! طيب: هل من الممكن أن أستعيض عن ذلك القرص بأكل نحو 12 كيلو جرامًا من الفاكهة والعلف يوميًا؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما لزوم ذلك القرص؟ ثم إن تلك الكمية من الفاكهة والعلف كفيلة بإصابة فيل عمره سبعون سنة، أي في عز الشباب، بإسهال يؤدي إلى نوع من الجفاف لا يستطيع معه البكاء بالدمع، وإذا عطس خرجت من فمه بودرة تانج!! بل من المؤكد أن ستيف باركنسون هذا يعاني من متلازمة باركنسون لأن تناول تلك الكمية المهولة من الفواكه في يوم واحد بل في جرعة واحدة كفيل بإصابة فيل بارتفاع خطر في نسبة السكر في الدم )عندما قال لي طبيب الأمراض الباطنة ان معدل السكر في جسمي يعتبر »بوردر لاين« أي في خط الخطر الأول، استنكرت ذلك من منطلق أنني لا أتعاطى الحلويات الشرقية وأكره الرقص الشرقي ولا استخدم السكر الأبيض وأن الحلوى المفضلة عندي هي التمر الذي آكل منه كمية محترمة يوميا، فابتسم ساخرا وقال لي: واصل هرس التمر بكميات محترمة وستدخل في غيبوبة سكري قريبا، وقدم لي درسا حول السكر الذي تحويه الفواكه وخطره على الصحة إذا فات الحد المعقول(.

على كل حال فإنني أتمنى أن أعيش أكثر من مائة سنة، ليس لأنني أرغب في الزواج!! وليس لأنني شديد التشبث بالدنيا، ولكن لأنني أحلم بأشياء كثيرة؛ وأحلامي عادية ولا تختلف عما حلم به آخرون قبل مائة سنة: أحلم باليوم الذي يقدم فيه السودان معونات غذائية للنرويج، وبأن موريتانيا اضطرت إلى التدخل العسكري في إيطاليا منعًا لنشوب حرب أهلية هناك بعد أن احتسب الحكم ضربة جزاء لصالح إنتر ميلان فهاجت جماهير يوفنتس وهاجرت من إيطاليا إلى بوركينا فاسو، وبأن شركة سعودية فازت بمناقصة توريد وتركيب مفاعل نووي في فنلندا، وبأن ليبيا استخدمت الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الصومالي لإسبانيا!! والأهم من كل ذلك أنني أريد أن أعيش أكثر من مائة سنة على أمل أن »أعيش«، بمعنى أن أمارس الحياة بقناعاتي وأمارس الفعل الذي أعتقد أنه صائب ويرضي الله ومن بعده ضميري!! سئمت العيش بشروط الآخرين…

قرفت من التلفت يمنة ويسرة ومن فوق كتفي كلما هممت بقول شيء.. أتمنى لو أستطيع أن أكتب عن كل الأشياء التي تمور وتفور في دماغي… لو أكتب مقالاً واحدًا من دون أن أعيد قراءته حرصًا على سلامتي وقوت عيالي! لو أستطيع أن اسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية! لو أكف عن انتقاد رزان وفيفي عبده نهائيا لأمارس انتقاد أولئك الذين تأثيرهم على حياتنا أكثر سلبية وتدميرية!! آه لو عشت لمائة عام فوق ما عشته من سنوات، ولا أسمع قط عن القضية الفلسطينية، بل بأن الحكومة الفلسطينية سمحت لليهود بحق العودة إلى فلسطين، وأشهد حصول علماء عرب على مدى سبع سنوات متتالية على جوائز نوبل في الكيمياء والفيزياء وعلوم الفضاء، وأقوم بجولة من البحرين إلى الرباط بسيارة خاصة وأنا لا أحمل شيئا كان يسمى فيما مضى »جواز السفر«.

جعفر عباس


تعليق واحد

  1. عيش يا جعفر
    انت تحتاج مئات كثيرة لماذا لا تتمني كما المصرية البسيطة التي تدولها الناشطون في الوسائط بامنيتها في السنة الميلادية حينما قالت القيامة تقوم امنيتها القيامة تقووم اختصرت السكة زان وعد الله حق