هارون وورطة الجمع بين السلطة والحزب ..!
لا أحتاج الى أن أقسم أنني عندما أكتب عن المؤتمر الوطني لا أصدر إلا عن حرص شديد على نجاحه وعلى أن يصحح مساره حتى يصبح قوياً لكي يسهم في إصلاح مسيرة الوطن، ذلك أنه يملك من المقومات ما يؤهله لتلك المهمة إن أراد، وهل ينصلح حال البلاد بدون إصلاح مواعين الولاء الكبرى توحيداً لها على ما يحشد طاقاتها لمواجهة التحديات الوطنية مهما تعاظمت وتفاقمت؟
أقول ذلك بين يدي قرار رئيس الجمهورية تفويض صلاحياته لمولانا أحمد هارون مصحوباً بتخليه عن رئاسة المؤتمر الوطني ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأحزاب.
اتبع الرئيس القول بالعمل حين عين ولاة الولايات بعيداً عن المكتب القيادي للوطني ثم حين عين نائب الرئيس ورئيس الوزراء واتخذ قرارات أخرى كانت لا تصدر قبل استشارة الحزب (الحاكم).
عندما اتخذ الرئيس قراراً باستمرار فيصل حسن إبراهيم مساعداً للرئيس بعد أن أزيح من منصبه الحزبي استبشر الناس أن هارون سيكتفي برئاسة الوطني بعيداً عن القصر الرئاسي بما يؤكد ويعزز قرار ابتعاد الحزب عن السلطة، ولكن (يا فرحة ما تمت) فالليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب!
لم تمض أيام قليلة حتى فوجئت الساحة السياسية بصدور قرار رئاسي آخر عُين هارون بموجبه مساعداً للرئيس، الأمر الذي
وجه لطمة قوية لقرار ابتعاد الوطني عن السلطة او الرئيس عن الوطني او وقوفه على مسافة واحدة من جميع الأحزاب فها هو رئيس الوطني المفوض يصبح (موظفاً) لدى الرئيس ليؤكد أن الوطني هو الحزب الحاكم حتى ولو باللفة!
بالرغم من (خرمجة) تضارب المصلحة Conflict of interest التي تملأ دواوين الخدمة المدنية وأجهزة الدولة وتتسبب في فساد كبير، إلا أن هذه الخطوة تعتبر من أكبر مظاهر تضارب المصلحة ذلك أن مساعد الرئيس أحمد هارون لن يكون حراً او مستقلاً عند أدائه لمهامه كرئيس للوطني حتى وإن كانت قرارات الحزب تصدر في اجتماعات مكتبه القيادي إذ لا فرق بين مهمة هارون الحالية وتلك التي كان يقوم بها فيصل حسن إبراهيم الذي اعتبره الآن مجرد فائض عمالة بالرغم من أنه كان من الممكن أن يصبح معبراً عن الوطني في السلطة على سبيل المحاصصة التي منحت للأحزاب الأخرى كالشعبي والاتحادي الأصل وغيرهما.
لا مقارنة بين مساعدي الرئيس الآخرين ورئيس الوطني (أحمد هارون)، ذلك أن إبراهيم السنوسي ليس د.علي الحاج (الرجل الأول في المؤتمر الشعبي) كما أن الحسن الميرغني ليس السيد محمد عثمان الميرغني وهكذا دواليك.
للأسف، فإن تعيين أحمد هارون يعتبر في نظري خصماً هائلاً على الوطني ليس من حيث الوقت الذي تتطلبه مهام منصب مساعد الرئيس، إنما من حيث الرسالة السالبة التي توجه للداخل المحتشد بالشكوك والذي فوجئ بالقرار الجديد قبل أن يصدق او يتأكد من أن الوطني ما عاد حزباً حاكماً، ثم أنها رسالة (مريبة) للخارج المتربص الذي لا يستهدف الوطني بقدرما يستهدف ويرصد قاعدته الصلبة وأمه الرؤوم (الحركة الإسلامية) التي يسهر العالم أجمع ومحيطنا الإقليمي خاصة جراها ويختصم!
كنت على المستوى الشخصي أتوقع أن يقدم الرئيس استقالته (عدييييل كده) من الوطني (ليكمل الناقصة) ويعزز قرار ابتعاده من الحزب الذي كان حاكماً فإذا بالحزب يخرج من القصر بالباب – من خلال تفويض هارون بالرئاسة – ويدخل بالشباك!
اشتجر الناس حول خطوة ابتعاد الرئيس من الوطني بين من اعتبرها خصماً على الوطني ومن رآها غير ذلك، ولم أشك لحظة في أنها، إن تمت بالفعل، ستصب في مصلحة الوطني كونها ستمنحه الحرية في اتخاذ قراره بعيداً عن السلطة، بل وفي إمكانية توجيه النقد للحكومة وسياساتها، الأمر الذي يتيح له فرصة مخاطبة قواعده وجماهير الشعب السوداني بحرية أكبر وبسياسات قد تتعارض مع خط وسياسات الحكومة. أما الآن وقد أصبح رئيس المؤتمر الوطني جزءاً فاعلاً من آليات الحكم، بل رئيساً للحكومة ممثلة برئيس الوزراء فقد انتفى ذلك تماماً. فمن حق هارون أن يستدعي رئيس الوزراء أيلا ويحاسبه ويوجهه وبالتالي فإنه بات جزءاً أصيلاً وفاعلاً وقائداً في الحكومة، وبات في وضع حرج ولا أدري أي السلطتين سيقدم على الأخرى إن تعارضت سياساتهما، وأظن
أن أيسر طريقة ليكون – غير مجابد -ومرتاح البال أن يدغم الوطني في السلطة ذلك أنه لن يستطيع أن يعصي لرئيسه، رئيس الجمهورية، أمراً كما سيظل منافحاً ومعبراً عن سلطة هو أحد الفاعلين في سلطتها العليا وقصرها الرئاسي.
إنه وضع صعب يحتاج الى مناقشة حرة داخل المكتب القيادي للوطني بالإجابة عن سؤال هل صحيح أن الوطني لم يعد حزباً حاكماً، وهل يتيح الوضع الحالي لهارون بعد تنصيبه مساعداً لرئيس الجمهورية الحرية لقيادة الحزب بعيداً عن السلطة التي حرم من اتخاذ قراراتها الكبرى وفي ذات الوقت ورط بالبقاء في دهاليزها ليسدد فاتورة ذلك؟
أختم بسؤال ماذا لو اختار المؤتمر العام للوطني والذي سينعقد خلال الأشهر القليلة القادمة شخصاً آخر غير أحمد هارون، وهل سيحل الرئيس الجديد مكان هارون في القصر؟..
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة
هذا ما نبهنا اليه منذ اليوم الاول لصدور القرار البائس لتعيين السيد احمد هارون مساعدا لرئيس الجمهورية.
لكن ماذا نقول لاصحاب رزق اليوم باليوم في السياسة
ليس للرئيس البشير من ينصحه.
هو الاخر لا يتعلم .
لا حل غير اعادة الامانة الي اصحابها
اي اعادة الدولة الي مواطنيها بعد سرقة دامت ثلاث عقود
د.حامد برقو
ماف حل غير تسقط بس
6 ابريل ابقو كتااار