وجدي الكردي: وليمة من أعشاب التاريخ
في يوليو من العام 1987 أجازت الجمعية التأسيسية “حكومة الصادق المهدي”، قانون الطواريء بأغلبية 115 صوتاً مقابل 61 صوتاً. قال وزير الداخلية وقتها سيد أحمد الحسين، “إنّ محاكم الطواريء ستبداً عملها فوراً، والمواطنين سيجنون ثمار الطوارئ”. وأضاف: “المشكلة ليست في القبض على المهرّبين وتجّار العُملة والمتعاملين في السوق السوداء. المشكلة تكمن في إجراءات المحاكم التي تدوم لسنوات”.
في مارس من العام 2019 – بعد 32 عاماً – وقف وزير العدل محمد أحمد سالم أمام البرلمان. تبسمل وتحوقل وتعوّذ وطفق يقرأ من ذات ورقة سيد أحمد الحسين وهو يُودع المرسوم الجمهوري الخاص بأمر الطوارئ. قال سالم، “إنّ الدولة اضطرت إلى فرض الطواريء لمواجهة المهددات الجسيمة التي تحيق بالبلاد، خاصة فى الجوانب الاقتصادية ومعاش الناس ومحاربة الفساد ومكافحة تهريب السلع والعملات”.
في الخامس من أبريل 1987 أوردت صحيفة الأيام الخبر التالي: “توقف العمليات بمستشفى أم درمان للأسبوع الخامس على التوالي لعدم توفر الشاش”.
أي والله. الشاش الواحد دا!
نقلت الميدان الصادرة في 22 أغسطس من ذات عام نكبة الطوارئ الديمقراطية، خبراً عن مقتل طالب في الخرطوم بحري، وآخر في الحصاحيصا. فيما بلغ عدد المعتقلين في ود مدني 100 وفي الخرطوم 400. وأوردت في عدد اليوم التالي: “مظاهرات عنيفة في نيالا بسبب الغلاء، والشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع، وطالب يلقي مصرعه رمياً بالرصاص”.
في 13 أكتوبر من العام 1987، قال حاكم الإقليم الأوسط، إنّ “موت الطالب ياسر بابكر في الحصاحصيا نتج عن طلق طائش، بسبب بعض العناصر المُندسّة والمُخربة وقذف المتظاهرين للشرطة بالحجارة”.
في يناير 2019 أبدى وزير الداخلية أحمد بلال أسفه لاستغلال بعض المندسّين أجواء التظاهرات، والعمل على القيام بعمليات تخريب واسعة”.
يا إلهي، هل تؤمنون بعودة التاريخ؟!
يقول العلّامة الألباني، إنّ التاريخ يعيد نفسه إذا أخذنا بأسباب التاريخ الأول، ولا يعيد نفسه متى ما تجنّبناها، وكأنّ الألباني يوافق الفيلسوف الألماني هيجل: “كل الأحداث الكبرى والشخصيات التاريخية تتكرّر مرتين”.
المصيبة ليست في “عودة التاريخ”. المصيبة “الجد جد”، أنّ التاريخ يأخذ في المرَّة الأولى شكل المأساة، وفي المرَّة الثانية شكل المهزلة!
لأنّ ذلك كذلك، لماذا لا يتدحرج التاريخ بمتوالبة أسرع إلى الوراء، و”يجُر فرملة” في العام 1900، وهو تاريخ اعتماد “كتشنر” – حيّا قبره الغمام – للخطة العشرية الأولى لنهضة السودان عقب سقوط المهدية، ومنها “نمشي لي قدّام بأسس جديدة”؟!
خُطة كتشنر بدأت بتشييد جسر النيل الأزرق، وإتجهت جنوباً لإنشاء جسر قوز جمعة/ مدينة كوستي لاحقاً، إنتهاءً بتمديد السكة حديد حتى مدينة الأبيض، وتأسيس ميناء بورتسودان وغيرها من المشروعات التي لم تزد فيها العهود الوطنية اللاحقة، و”لا طوبة واحدة”.
فقط، علينا الحرص حتى لا تتدحرج عجلة التاريخ وتتوقف بنا عن محطة “مجاعة سنة ستة”.
وجدي الكردي
الصيحة 1 أبريل 2019
الله ينصر دينك
ده طلع من وين العفريت المبدع ده؟؟؟؟؟
بس وليداتنا الصغار قايلين التاريخ بدا بعد تحرير هجليج (كلهم هتفوا للبشير بعد التحرير)!!
وعجائز الأحزاب يكذبون ويخفون الحقائق عن وليداتنا ويخلوهم يفتكروا الذئب غنماية..
اتخيل غزالة ترضع من ثدي لبؤة وهي لا تعلم لصغر سنها وجهلها بتاريخ النمور!!
اين ينشرهذا الكاتب العجيب مقالاته
اول مره اقرا له وابهرنى جدا
يعني النقطة الناصعة الوحدية في تاريخنا هي الاستعمار ؟!!! حرام عليك يا أخي .. اطمنك ان كتشنر ليس له قبرة ليحيه الغمام .. فقد ادركته دعوات الانصار ولعانات دماء شهداء كرري وام دبيكرات .. لقد اغرق الالمان الغواصة التي تغله.