قليل من الحكمة !
تلوح في الأفق القريب بوادر اختلاف بين مكونات التجمعات والأحزاب السياسية (في ما بينها) كما أنه من المتوقع أن تبرز نقاط خلاف بينها وبين (المجلس العسكري الانتقالي) والذي سوف يصر(فيما يبدو) على مكوثه في الحكم لمدة عامين وكلا هذه الاختلافات (للأسف) تتجاوز تماماً نضالات الشباب الذين دفعوا بأرواحهم الطاهرة ثمناً لما نحن فيه إضافة إلى دماء عشرات الجرحى والمعتقلين الذين شاركوا منذ بداية الاحتجاجات ولا زالوا يفترشون الأرض (الحارة) ويلتحفون السماء.
الاختلاف بين البشر فيما يعتقدون ويفكرون ويفهمون سنة من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود 118-119]، كما أن الإيمان بسنة الله في الاختلاف بين الناس يجب أن تجعلنا ننظر إلى الاختلافات التى رشحت الآن في هذه اللحظات المفصلية من حياة أمتنا نظرة تنوّع تفضي إلى التعاون والتكامل للحفاظ على الوطن ومكوناته المختلفة وأواصره التي تجمعنا لننتصر على أنفسنا ونتقدم نحو غد أفضل، نعم يجب علينا (ألا) ننظر إليها على أنها تناقضات تؤدي إلى التصارع والاقتتال فندمر بلادنا ونهزم أنفسنا وهذا الوطن العظيم .
مما يؤسف له أن كثير من أبناء هذه البلاد يغفلون عن قدر هذا الوطن ومكانته كما غفلوا عن سنة الله في الاختلاف، فالبلاد هذه أكبر من أن تكون مُلكاً لفرد أو مجموعة أو فصيل مسلح أو جماعة أو حزب أو جبهة أو تيار أو أي كيانٍ مهما عظم شأنه .
إن حل مشكلات هذه (التركة الثقيلة) التي خلفها النظام البائد من تدهور اقتصادي واجتماعي وأمني وسياسي هو مسئولية الجميع، وعلى الكيانات المختلفة من قوى وأحزاب سياسية مراجعة مواقفها وإدراك أن مصلحة الوطن تعلو فوق كل مصلحة فمن غير المقبول من أي قوىً أو أحزابٍ سياسية معارضة فرض رأيها وهيمنتها وفرض وصايتها على الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فيما يعتقدون أو ينحازون إليه من خيارات في حل مشاكل الوطن فالجميع مُطالَبٌ بالحفاظ على مكتسبات هذه الثورة التي صنعها الملايين من أبناء هذا الشعب الذين لا ينتمي غالبيتهم لأي حزب أو كيان بل ينتمون إلى تراب هذه الأرض.
إن التوافق على الحد الأدنى من النقاط المشتركة بين كل المكونات السياسية هو مطلوب الآن وبشدة فهو أُولى خطوات الحفاظ على سلامة الوطن والتفاهم والتعاون للمساهمة في تقدم البلاد كما أن التنازع والاختلاف لا يفضيان إلا إلى الانقسام والتشرذم والإسهام في رجوع البلاد للخلف (أكتر من كده) وفي ذلك امتثال لقوله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
على المجلس العسكري أن يقوم بتسليم السلطة إلى الشعب الآن (وليس بعد سنتين) حتى وإن وعد رموز النظام البائد بذلك فهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق وأن يتفرغ إلى دوره المناط به حماية البلاد أرضها وجوها وبحرها، وعلى الكيانات الحزبية أن تخلع عنها ثياب الحزبية والجهوية وأن ترتدي ثياب الوطن والتاريخ لن يرحم !
كسرة :
المرحلة تحتاج إلى الكثير من (الوطنية) والقليل من (الحكمة) … !
كسرة ثابتة :
فليستعد لصوص هيثرو وبقية اللصوص
كسرة (حتى لا ننسى) :
أخبار لجنة التحقيق في مقتل الأستاذ أحمد الخير شنووو؟
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة
علي ديناصورات السياسة السودانية افساح المجال للدماءالشابة الجديدة – عسى ولعل ينصلح الحال .
شكرا لحديثك الحكيم ولا للإقصاء.
إحترامي لك.