مؤرخة بريطانية: السودان في مسار صعب نحو الديمقراطية
قالت المؤرخة البريطانية ويلو بيريدج إن هناك مؤشرات واعدة تدل على أن دعاة الديمقراطية في السودان قادرون على إنجاز المرحلة الانتقالية وفقا لرؤية تحالف قوى الحرية والتغيير.
لكن تلك المؤرخة لشؤون السودان الحديث والمحاضِرة بجامعة نيوكاسل تحذر من أن وحدة المعارضة المدنية السودانية ستكون عاملا حاسما إذا ما أُريد للمرحلة التالية من الانتفاضة الشعبية أن يُكتب لها النجاح.
ولا تعتقد أستاذة التاريخ في مقالها بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني بحدوث انشقاقات كبيرة وسط المعارضة، بل خلافات حول نهج الذي ينبغي اتباعه في التعاطي مع المجلس العسكري الانتقالي.
وترى أن بعض القوى السياسية الأساسية بدت منفتحة في التعامل مع شخص رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان -إن لم يكن مع ما تصفهم الكاتبة بالإسلاميين من أعضاء المجلس- أكثر من تجمع المهنيين الذي أصدر بيانات مستقلة لم يقدم فيها تنازلات كبيرة.
ووفقا للمؤرخة فإن هناك العديد من المؤشرات الواعدة يتمثل بعضها في أن الموقعين على إعلان تحالف قوى الحرية والتغيير استوعب أطيافا سياسية وثقافية أوسع بكثير مما حدث في الانتفاضتين الشعبيتين اللتين أطاحتا بحكومتي الجنرالين إبراهيم عبود عام 1964 وجعفر نميري عام 1985.
وتزعم أن نجاح التحالف مردّه إلى أن “أيديولوجية” نظام الرئيس المخلوع عمر البشير أدت إلى “نفور” قطاعات واسعة من المجتمع.
وقد استغرق الأمر خلال هاتين الانتفاضتين خمسة و11 يوما على التوالي لتنجح القوى الديمقراطية في الإطاحة بالنظام. بيد أن هذه المرة فإن الأمر تطلب زهاء أربعة أشهر، وهو ما تراه المؤرخة “حسنة” ذلك لأنها “منحت الموقعين على إعلان تحالف قوى الحرية والتغيير فسحة أطول من الوقت لكي يتحقق توافق حول برامجه”.
ووفقا للمقال فإن المجلس العسكري الانتقالي -الذي حل محل البشير وخليفته عوض بن عوف- يبدو أقل قدرة على الهيمنة على المعارضة المدنية “الموحدة نسبيا والتي تتمتع بتأييد قوي من الاتحاد الأفريقي والدول الغربية لوضع نهاية فورية للحكم العسكري”.
وأشارت الكاتبة إلى أن قوى الحرية والتغيير سلمت المجلس العسكري إطارا عمليا لحكم انتقالي يقضي بأن يكون للعسكر ممثل واحد بمجلس سيادة رئاسي مدني بقيادة مدنيين، وممثلان عن القوات النظامية لشغل وزارتي الدفاع والداخلية (من الجيش والشرطة على التوالي) في حكومة انتقالية تتألف من 17 وزيرا.
وينطوي الإطار العملي الذي قدمته تلك القوى -كما تقول الكاتبة- على أهمية لكونه يشير إلى “القوات المسلحة والقوى النظامية” وليس المجلس العسكري الانتقالي.
ونسبت إلى ما وصفته بأحد الموقعين البارزين لتحالف قوى التغيير -دون أن تسميه- مطالبته بأن تُسند وزارتا الدفاع والداخلية لضباط أُحيلوا إلى التقاعد عقب انقلاب البشير عام 1989.
وتمضي الكاتبة إلى التذكير بأن الفريق أول البرهان اتخذ إجراءات لتعزيز موقفه، فأقام علاقات وثيقة مع كل من مصر والإمارات والسعودية، والأخيرة وعدته بتقديم دعم اقتصادي.
المحور المصري الإماراتي السعودي
وتقول الكاتبة إن البرهان انحاز بوضوح إلى هذا المحور، لا سيما وأنه يشرف على القوات السودانية المشاركة بالتحالف الذي تقوده الرياض في الحرب باليمن.
على أن ثمة “عداءً جماهيريا شديدا” ضد التدخل الإقليمي بشؤون السودان، خاصة فيما يتعلق ببيع الحكومة السابقة أراضي زراعية لشركات خليجية، وهي الخطوة التي كانت مصدر “استياء شعبي” السنوات التي سبقت الانتفاضة الأخيرة، بحسب الكاتبة.
وتتابع أستاذة التاريخ في مقالها قائلة إن ثمة قلقا شعبيا إزاء (حميدتي) محمد حمدان دقلو (نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي) قائد قوات الدعم السريع “التي ما تزال مثار جدل لضلوعها في حملة نظام البشير الوحشية لمحاربة التمرد في دارفور وقمع احتجاجات عام 2013”.
وكان حميدتي قد التقى عددا من سفراء الدول الغربية باعتباره نائبا لرئيس المجلس العسكري، حيث تؤكد الكاتبة أن وجود قواته الواضح بالخرطوم يجعل المفاوضين المدنيين في وضع صعب للغاية.
الجزيرة الاخبارية