رأي ومقالات

التنافس الإقليمي على السودان .. دعم للسودانيين أم بسط للنفوذ؟

توافد آلاف المتظاهرين السودانيين، الخميس 25 أبريل/نيسان، علي مقر اعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة وسط العاصمة الخرطوم، في محاولة جديدة من المحتجين لممارسة مزيد من الضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتسليم السلطة إلى إدارة مدنية.

وفي استباق للمظاهرات، أعلن المجلس العسكري السوداني، الأربعاء 24 أبريل/نيسان، “تقدم كل من الفريق أول ركن عمر زين العابدين الشيخ والفريق أول جلال الدين الشيخ الطيب والفريق أول شرطة الطيب بابكر علي باستقالتهم من عضوية المجلس العسكري الانتقالي”.

وفي السياق نفسه أعلن المجلس العسكري، الأربعاء 24 أبريل/نيسان، عن تشكل لجنة مع قوى “إعلان الحرية والتغيير” – إحدى أهم القوى المحركة للاحتجاجات – لمناقشة نقاط الخلاف بين الطرفين. وكانت قوى “إعلان الحرية والتغيير” قد علقت تفاوضها، الأحد 21 أبريل/نيسان، مع المجلس العسكري، متهمة إياه بـ “عرقة تسليم السلطة” إلى إدارة مدنية.

كما توجه جانب من المتظاهرين، الخميس 25 أبريل/نيسان، إلى مقر السفارة المصرية في الخرطوم للتعبير عن رفضهم لما يرون أنه تدخل من جانب النظام المصري في شؤون السودان.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد قال إن قادة أفارقة اتفقوا خلال اجتماع قمة، عقد في القاهرة الثلاثاء 23 أبريل/ نيسان، على منح “المزيد من الوقت للسلطات السودانية والأطراف السودانية” لإجراء إصلاحات وتأسيس نظام سياسي ديمقراطي. وكان الاتحاد الأفريقي قد هدد، 15 أبريل/نيسان، بتعليق عضوية السودان إذا لم يسلم المجلس العسكري الانتقالي السلطة إلى إدارة مدنية خلال مهلة 15 يوما.

ومن الواضح أن التطورات المتسارعة في السودان تحظى باهتمام عدد من دول المنطقة. فقد أعلنت السعودية والإمارات، الأحد 21 أبريل/نيسان، عزمهما تقديم حزمة مساعدات للسودان تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار. وأضاف بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن المساعدات ستكون في صورة “500 مليون دولار مقدمة من البلدين كوديعة في البنك المركزي السوداني… كما سيتم صرف باقي المبلغ لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب السوداني الشقيق تشمل الغذاء والدواء والمشتقات النفطية”.

وفي السياق ذاته عبرت قطر عن دعهما للحراك الشعبي في السودان. ونفى متحدث عسكري صحة تقارير إعلامية سابقة تحدثت عن رفض المجلس العسكري زيارة وفد قطري للسودان، موكدا أن المجلس تلقى اتصالات من” قطر وتركيا ومعظم الدول العربية والإسلامية للاطمئنان على أحوال البلاد”.

ولدى دولة قطر استثمارات مهمة في السودان، من أبرزها اتفاقية وقعت بين الطرفين، مارس/آذار 2018، تتولى من خلالها الدوحة مهمة تطوير ميناء سواكن، المطل على البحر الأحمر، شرقي السودان.

كما لا تغيب المصالح التركية عن البلد العربي الأفريقي، ربما أهمها الاتفاق الذي وقعه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع الرئيس السوداني المطاح به، عمر البشير، في ديسمبر/كانون الأول 2017، وبموجبه تتولى أنقرة مسؤولية إعادة تأهيل وإدارة جزيرة سواكن، الواقعة على البحر الأحمر.

ويتخوف سودانيون من أن يكون سلوك بعض دول المنطقة تجاه المجلس العسكري في بلدهم مقدمة لصراع نفوذ تحاول دول عربية وإقليمية ممارسته على السودان. ويخشى هؤلاء أن يتحول بلدهم لساحة نزاع بين السعودية والإمارات ومصر من جانب وقطر وتركيا من جانب آخر.

ويرى فصيل من السودانيين أن حزم المساعدات الخليجية المقدمة للخرطوم في ظل وجود المجلس العسكري السوداني تعيد للأذهان حزم مساعدات مماثلة قدمتها دول عربية خليجية للمجلس العسكري في مصر، إبان الاطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك والرئيس المعزول محمد مرسي.

ويعيش السودان وضعا اقتصاديا وسياسيا غير مستقر وتجاذبات بين قوى داخلية مدنية من جهة والمجلس العسكري من جهة أخرى، في ظل اختلاف الرؤى حول كيفية إدارة العملية الانتقالية.

ويواصل آلاف المتظاهرين، منذ نحو ثلاثة أسابيع، اعتصامهم قرب مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، بغية ممارسة ضغط على المجلس.

ويصر المحتجون السودانيون على ضرورة تسليم السلطة سريعا للمدنيين، بينما قال المجلس العسكري إن عملية الانتقال قد تستغرق عامين.

وأعلن الجيش السوداني ، في 11 أبريل/نيسان، الاطاحة بالرئيس عمر البشير واعتقاله. وسيطر البشير على مقاليد الحكم في السودان لنحو 30 عاما بعد انقلاب عسكري قاده عام 1989.

BBC