استشارات و فتاوي

شرطان ليغفر الله لك ذنوبك بصوم رمضان


حلُّ علينا ضيف عزيز، وزائر عظيم، يُظِلُّنا مرةً كل سنة، ضيف حُقَّ لنا أن نستبشر به، ويهنِّئ بعضنا بعضا به، إنه شهرُ رمضان المبارك، الذي كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبشِّر صحابتَه بقدومه، فيقول لهم: «أتاكم رمضانُ، شهرٌ مبارك، فرَضَ الله – عز وجل – عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدة الشياطين، لله فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرم».

وشهر رمضان، هو شهر الصيام والقيام، والقرآن والإحسان، اجتمعت فيه فضائل الأعمال، فالصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ، يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ويَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وفي الصحيحين، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، و«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، و«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

وتكفل الله تعالى بِأَجْرِ الصَّائِمِ لِنَفْسِهِ، فَجَاءَ فِي صحيح البخاري: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

ولا يتحقق الحصول على مغفرة الذنوب في رمضان إلا بشرطين أولًا أن يصومه إيمانًا والثاني: احتسابًا، والفضلُ العظيم لمَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، بأن الله يغفِرُ له ما تقدَّم مِن ذنبه، والمراد بالإيمان التصديقُ بوجوبِ صومه، والاعتقادُ بحقِّ فرضيته، والاحتساب طلبُ الثواب من الله تعالى.

ويتساءل البعض عن المقصود بـكلمتي «إيمانا واحتسابًا» الواردتين في حديث: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ»، فـ«إيمانا» بالله -جل وعلا- وتصديقا بما أخبر به الله -جل وعلا- وأخبر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- لأنه أحد أركان الإسلام وهو مسلم، والدين لا يقوم إلا على هذه الأركان، فهو حينما يصوم يؤدي هذا الركن، فهو مؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، والإسلام قد بُني على خمس، فهو مؤمنٌ بهذا الدين، فلابد أن يقوم بالصيام.

واحتسابًا للأجر عند الله –تبارك وتعالى-، وتصديقًا بما أخبر به الله –جلَّ وعلا- وأخبر به رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه-، فأنت تحتسبُ الأجر عند الله –جلَّ وعلا-.

صدى البلد